مخاطر جسيمة تتهدد مستقبل الحياة على الأرض
* أوزجان يشار
بدأت صحوة عالمية كبرى تنبه للأخطار الجسيمة التي تهدد كوكب الأرض بصورة لم يشهدها تاريخ البشرية من قبل.. وبدأ العلماء يطلقون إشارات التنبيه إلى احتمالات حدوث خلل في نظام الأرض في المستقبل القريب نتيجة توسع إنسان القرن العشرين في استخدام وسائل المدينة الحديثة.. التي تعتد على مواد كيماوية مستحدثة يطلق عليها ( الكلور والفلور والكربون و الهليون بفروعها المتعددة.. ) و التي أصبحت تنطلق إلى الفضاء الخارجي بكميات هائلة باتت تهدد بإحداث خلل في (( طبقة الأوزون )) التي خلقها الله سبحانه وتعالى لتحمي الأرض من نفاذ قدر أكبر من اللازم من أشعة الشمس فوق البنفسجية.. وتغيير المناخ على سطح البسيطة.. ويمكن إذا ما استفحل أمرها أن نصل إلى حد القضاء على كل مظاهر الحياة على الكوكب الأرضي .
هكذا بدأ المؤلف السفير / عصام الدين حواس مندوب مصر في الأمم المتحدة سابقاً مقدمة كتاب صدر له عام 1989 بعنوان ( يا سكان الأرض اتحدوا.. !) , والكتاب في هذه الطبعة العربية كتاب علمي يقع في حوالي 300 صفحة من القطع المتوسط وهو محاولة لشرح قضية من أخطر قضايا البيئة و التي أصبحت تشغل الرأي العام العالمي بشكل مبسط يستطيع القارئ العادي متابعته واستيعابه . وفي الوقت نفسه يوصل للقارئ المتخصص بعض الحقائق المهمة حول الموضوع ويستطيع الباحث المتخصص أن يعتمد عليه كمرجع مهم.
ــ ويوضح المؤلف في مقدمة كتابه أن مصدر التهديد لا يأتي نتيجة أعمال وتكنولوجيا خارقة للعادة يأتي بها الإنسان لأغراض الحرب أو السلام مثل تفتيت الذرة.. و إنما قد يأتي نتيجة مجموعة من الممارسات البسيطة في الحياة اليومية العادية للناس مثل استخدام العطور.. و أطلاق المبيدات الحشرية بواسطة الإيروسول في البيوت والحقول.. والاستمتاع بتكييف الهواء البارد في المناطق الحارة وبالتدفئة في المناطق الباردة .
وحفظ المواد الغذائية في الثلاجات وطهي الطعام واستخدام السيارات والقطارات و الطائرات والهاتف والتلفاز .. ثم ما نشهده حاليا من أفول عصر الاعتماد على الخامات الطبيعية لندرتها وارتفاع أسعارها وبدء عصر استخدام المواد البديلة الصناعية مثل البوليستر والنايلون والبلاستيك والإسفنج الصناعي.
ــ ويشير المؤلف إلى أنه من ناحية أخرى نبه العلماء مؤخرا إلى أن تصاعد كميات هائلة من غاز ثاني أكسيد الكربون سوف يترتب عليه أن يصبح العالم
في خلال فترة قصيرة تقدر بنصف قرن في حالة شبيهة بحالة البيت الزجاجي الضخم ( الصوبة ) حيث تصنع غازات ثاني أكسيد الكربون بمساعدة أيضا من غازات الكلور و فلور و كربون و الفريون و بعض الغازات الأخرى المتصاعدة من حقول الأرز ومن الأسمدة وغيرها ما يشبه سقفا زجاجيا يحيط بالكرة الأرضية مسببا رفع درجة الحرارة في العالم ما بين درجتين وثمانية درجات مما يؤدي إلى ذوبان الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي , وحدوث فيضانات في البحار والمحيطات يترتب عليها إغراق المناطق الواطئة في العالم وتشمل نيويورك والجزر البريطانية وهولندا و جنوب البحر الأبيض المتوسط ودلتا النيل وبنجلاديش .
العالم يستيقظ
ويتحدث الفصل الثاني عن الإعداد للاتفاق العالمي تحت عنوان : ( بدء الإعداد لاتفاقية عالمية ) ويذكر فيه المؤلف أنه تمت المطالبة بأن تكون نظرة عالمية و أن تتسم القيود التي توضع بالعدالة.. بأن تراعي الوضع الخاص بالدولة النامية التي لم تكن سببا في مشكلة بسبب استهلاكها المحدود الذي لم يتعد 10 % من المواد المنتجة في العالم و المؤثرة على طبقة الأوزون .
وتناول الفصل الثاني اجتماعات فريق الخبراء القانونيين والفنيين والاتجاهات والخلافات الرئيسية حول الاتفاقية , والدعوة إلى مؤتمر دبلوماسي لإقرار وتوقيع اتفاقية عالمية لحماية طبقة الأوزون .
تناول الفصل الثالث والرابع والخامس اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون في 22 مارس 1985 والتي كانت بمثابة إقرار عالمي بضرورة اتخاذ خطوات فعالة في سبيل حماية طبقة الأوزون , والطريق الطويل من فيينا إلى موننتريال حيث بروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفذة لطبقة الأوزون حيث تمت الموافقة على البروتوكول في 16 سبتمبر 1987 وكانت لحظة تاريخية في سجل العمل الدولي كما وصفها العالم العربي المصري الدكتور/ كمال طلبة المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة .
وكان المؤلف رئيسا لوفد مصر والتي كانت من أوائل الدول المصدقة على البروتوكول في يونيو 1988 .
وتعرض الفصل سادس [ للحقيقة حول (( ثقب الأوزون )) في القطب الجنوبي .. ! ] إلى وقت اكتشاف الثقب و إلى أن الضجة التي أثيرت حول ما يسمى بالثقب هي ضجة ليس لها ما يبررها من الناحية العلمية حتى اليوم .. وإن هناك نظريات متعددة حول ثقب القطب الجنوبي الذي أشيع عنه , وتقول إحدى هذه النظريات أن ذا الثقب لا يعني بالضرورة فقدان أي جزء من كمية الأوزون الموجودة بالغلاف الجوي فقد يكون نتيجة تغير في توزيع غاز الأوزون الناجم عن تيارات الهواء ما بين خط الاستواء حيث يتركز غاز الأوزون بين القطبين الشمالي والجنوبي .
ويتحدث المؤلف في الفصل السابع والأخير (( هل يتحول العالم إلى بيت زجاجي كبير .. ؟!! )) عن مشكلة القرن القادم وهي التغيرات المناخية بسبب كميات ثاني أكسيد الكربون الناتج عن احتراق الطاقة , ولا يفوتنا أن نذكر أن الوجود الطبيعي لثاني أكسيد الكربون في الجو نعمة من الخالق عز و جل فلولا وجود الكميات العالية منه لسادت البرودة في الجو ليصبح متوسط درجة الحرارة على الأرض (-20) درجة مئوية طوال العام..!!
فوجود ثاني أكسيد الكربون له دور في رفع درجة الحرارة إلى الحد الذي جعل الأرض مكاناً صالحاً للحياة و لكن المشكلة هي الوجود الزائد لذلك الغاز المسبب لارتفاع الجرارة مما يسبب كارثة للأرض من ذوبان الجليد في القطب الشمالي و فيضانات البحار و المحيطات التي تغرق المدن , فضلا عن أن اختلاف درجات الحرارة سيؤدي إلى تغير الخريطة المناخية و الزراعية تغييراً جذرياً, و على سبيل المثال : فربما تتحول كندا والاتحاد السوفييتي إلى أكثر الأراضي الزراعية إلى أراضي جدباء تعاني من الجفاف ..!!
ويطرح المؤلف سؤالا مهما .. هل ينجح العلم في مواجهة الأخطار التي تهدد المعمورة بسبب غاز ثاني أكسيد الكربون وهو يحتاج إلى إجابة عاجلة على مدى السنوات القليلة القادمة فالوقت محدود و البدائل المتاحة محدودة من تأقلم مع التغيرات المناخية الجديدة واستخدامات أخرى للأراضي الجرداء واستنباط محاصيل جديدة تتماشى مع التغير في المناخ عن طريق علوم الهندسة الوراثية الحديثة و أيضا تطوير تكنولوجيا السدود والخزانات لمواجهة حركة الفيضانات.
وفي عرض شيق وتسلسل موضوعي يثير المؤلف تساؤلا وجيها ( هل ستكون الطاقة النووية هي المنقذ مؤقتا ؟ ... !! ) برغم كل ما يوجه إليها من نقد ورغم ما يحيط بها من مخاطر و أهوال باعتبارها أنظف طاقة ضخمة في حجمها عرفها العالم من وجهة نظر البيئة .. ويمكن إذا ما أحيطت بالضمانات الكافية للأمان المطلق أن تكون هي المنقذ لهذا العالم , ويوضح المؤلف أن هذه ليست دعوة إلى استخدام الطاقة النووية .
ــ ويوضح المؤلف أيضا الآمال المعلقة على اكتشاف طاقة هائلة هي طاقة (( الاندماج النووي )) عكس الطاقة النووية المعروفة حاليا والقائمة على الانشطار النووي وهذه الطاقة نظيفة من حيث التأثير على البيئة ولا ينتج عنها إشاعات ذرية .
ويضيف المؤلف عصام الدين حواس أنه عرض بحث في مؤتمر (( الطاقة الجديدة و المتجددة )) في يوليو 1988 في القاهرة شاركت فيه ( 20 ) دولة عن استخدام الليزر وطاقة الاندماج النووي في الحصول على غاز الهيدروجين من ماء البحر كوقود حيث يتم تحليل المياه إلى أكسجين و هيدروجين ويتم الحصول على الطاقة الاندماج النووي و أشعة الليزر بأسلوب علمي بالغ التعقيد .
وأخيرا .. يقول المؤلف موجها حديثه لسكان الأرض :
أن البشرية مواجهة ــ بقدرة الله ــ بكوارث طبيعة تحملها إليها رياح القرن الحادي والعشرين .. وهي كوارث تزيد مساهمة الإنسان في صنعها , ونظرة إلى العالم من حولنا تدل على أن الإنسان ظل غافلا ردحا من الزمن عما تخبئه الأيام له .. غارقا في معارك مع نفسه استخدمت فيها وطورت أبشع آلات القتل و الدمار ..