عوامل ضعف السياسة النقدية للدول النامية
يسرني أن آتيكم بهذا الموضوع الخاص بالسياسة النقدية للدول النامية حيث أن أغلب الدراسات و النظريات اهتمت بشرح فعالية السياسة النقدية بالإقتصاديات المتطورة و لتفسير الأزمات الدورية التي تجتاح هذه النظم ولكن لا التحيللات الكينزية و لا نظريات النيوكلاسيك اهتمت بالدول النامية معالجة مختلف أوضاعها المختلفة.
حيث غالبا ما نجد الدول النامية تعاني من اختلال في البنيان الإقتصادي و اختلال في علاقاتها الإقتصادية هذا بالإضافة إلى إختلال هيكل الإئتمان القائم في هذه الدول.
و من ثم فعند فحص عناصر السياسة النقدية عند هؤلاء نجد الإقصاديات الدول النامية لا تحتوي على عناصر النجاح من ذلك:
- تفتقر الدول النامية لوجود أسواق نقدية منظمة كما أنها تتميز بضيق نطاق الأسواق المالية –إن وجدت- و هو ما يؤدي إلى ضعف فعالية سياسة معدل إعادة الخصم و استحالة تطبيق السوق المفتوحة على نطاق واسع.
-نتيجة لضعف الدور الذي يقوم به البنك المركزي في الـتأثير على البنوك التجارية،فإن ذلك يحول دون قيام البنوك التجارية بأي دور فعال في التأثير على النشاط الإقتصادي.
-تميل البنوك التجارية في الدول النامية إلى تقديم الإئتمان المصرفي لتمويل قطاع التجارة(تمويل قصير الأجل) مقارنة بالتمويل المقدم للقطاع الإنتاجي (الزراعة و الصناعة) و هو تمويل (طويل الأجل) الذي يعتبر أحد دعامات التنمية الإقتصادية.
- ضعف الوعي النقدي و المصرفي حيث يتجه الأفراد في الدول النامية إلى الإحتفاظ بموجوداتهم في شكل عملة و ليست ودائع أو أوراق مالية و هو ما يدل على ضعف الدول الذي تقوم به الودائع في تسويق المدفوعات،الأمر الذي يقلل من دور البنوك التجارية لهذه الدول بالمقارنة مع الدول المتقدمة الذي يعمد فيه الأفراد بشكل أساسي في التعامل على النقود الإئتمانية.
- عدم وجود استقرار في المناخ السياسي و تقلب وضع موازين مدفوعاتها و تخلف النظم الضريبية مما لا يشجع على الإستثمار الأجنبي و بالتالي يحول ذلك دون تحقيق أهداف التنمية الإقتصادية و الإجتماعية.
- من بين أهداف السياسة النقدية هدف استقرار الأسعار و إن كان هذا الهدف يلائم اقتصاديات الدول المتقدمة فهو لا يلائم اقتصاديات الدول النامية حيث أن هذه الأخيرة تعتمد على تمويل التنمية على وسائل التمويل التضخمي (التمويل بالعجز) في البلدان النامية ليس ظاهرة نقدية فحسب و إنما يعد ظاهرة هيكلية و مؤسساتية لها أبعاد إقتصادية و اجتماعية و سياسية.
- تركز الدخل و العمالة في الدول النامية على الإنتاج الأولي مع إرتباطها الكبير بالتجارة الخارجية و هذا من شأنه أن يعرض تلك الدول إلى تقلبات اقتصادية عنيفة نتيجة للتقلبات الواسعة في الطلب العالمي على المواد الأولية.
- يعتمد التداول النقدي بصفة أساسية في الدول النامية على النقود المادية(خاصة النقود الورقية) أما النقود الصرفية(النقود الكتابية) فما زال دورها محدودا كأداة لتسوية المدفوعات(ما عدا العمليات التي تتم بين المؤسسات و الشركات حيث يتم استعمال النقود المحاسبية بشكل مقبول).
- يرجع تواضع دور الذي تلعبه النقود المصرفية في التداول النقدي إلى قصور نماء العادات المصرفية لأسباب عدة منها انخفاض مستوى الدخل و انتشار عادة الإكتناز و عدم انتشار البنوك و المؤسسات المالية في مختلف أنحاء الوطن.
- يقوم النظام المصرفي في الدول النامية بصفة أساسية على المؤسسات التي تتعمال في الإئتمان القصير الأجل و حرمان قطاعات هامة من الإقتصاد الوطني من الإئتمان المصرفي طويل الأجل أضف إلى ذلك عدم كفاية الدور الذي تلعبه البنوك و المؤسسات المصرفية في جمع و تعبئة المدخرات.