كتبه/ شريف الهواري
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد،
اطلعت كغيري من أبناء الصحوة على وثيقة ترشيد العمل الجهادي في مصر والعالم لصاحبها د: فضل، والذي كان في العهد القريب المرجعية بل المنظر للجماعات الجهادية في مصر وغيرها وهذا من خلال كتابيه "العمدة في إعداد العدة" و"الجامع في طلب العلم الشريف".
ولي بعض التعليقات السريعة عساها تكون سببا في توظيف هذه الوثيقة في الساحة الدعوية:
1- أماطت هذه الوثيقة اللثام عن قضايا شائكة رجع د: سيد إمام وأتباعه فيها لفهم السلف ودعموا رجوعهم بالأدلة الشرعية كقضية التترس والخروج على الحكام وضوابط الجهاد، وقتل المدنيين والسياح واعتبار المصالح والمفاسد، والقدرة والعجز في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وغيرها كثير، ولا شك أن هذا أمر محمود ومكسب كبير لهم ولجميع العاملين في ساحة العمل الإسلامي وللبلاد والعباد.
2- نقول لصاحب الوثيقة ومؤيديها.... عليهم أن يشكروا الله عز وجل أن وفقهم للرجوع من قريب وعليهم أن يكونوا واسعي الصدر بعيدي النظر وأن يتحملوا الأذى المتوقع من المعارضين والمتسرعين والمتربصين، محتسبين الأجر والثواب عند الله عز وجل وأن يبذلوا وسعهم في نصح إخوانهم المعارضين للوثيقة ومناقشتهم بالحجة والدليل، وان كان ولابد من رد فيكون بالحكمة والموعظة الحسنة وأن يقتصروا على الدليل الشرعي ولا داعي للغلظة.
وأقول للمعترضين على الوثيقة مهلاً لا تتعجلوا وأحسنوا الظن بإخوانكم وانظروا في الوثيقة من خلال الدليل الشرعي وفهم العلماء له، ويجب أن يحذر الفريقان من السب واللعن والاتهام وسوء الظن، وليكن بدلا من ذلك المناظرة العلمية عسى أن يلتقي الطرفان بعدها على فهم واحد بإذن الله.
3- جاءت الوثيقة تدعيماً لموقف الجماعة الإسلامية والتي كان لها قدم السبق بمراجعتها وهذه شجاعة تحمد لهم وللدكتور فضل نسأل الله أن يهدينا جميعا إلى الحق وأن يثبتنا عليه.
4- الوثيقة في نظري شهادة تقدير وتوقير للدعوة السلفية المباركة ولعلمائها الأجلاء الذين ضبطوا هذه المسائل منذ أكثر من ربع قرن متبعين للدليل بعيداً عن المشاعر والعواطف واتباعا لسلف الأمة، والذي تعرضوا بسببه لما لا يخفى عليكم من السب والشتم والاتهام بالعمالة والخيانة والجبن وسوء الظن، فصبروا واحتملوا الأذى ودعوا لمخالفيهم بالهداية والتوفيق وكان يعتصرهم الحزن والألم على حال إخوانهم المخالفين واليوم هم سعداء وهم يرون أن إخوانهم في الاتجاهات الأخرى قد رجعوا إلى كلامهم -من حيث الجملة- وهذا ولا شك إضافة جديدة للعمل الإسلامي تصب في مصلحة البلاد والعباد، وهم بلا شك بهذا الرجوع قوة للصحوة ودعامة لها على طريق الدعوة إلى الله عز وجل، فجزى الله علماء هذه الدعوة خيراً على صبرهم وتحملهم لما لحقهم وعلى فرحهم وسعادتهم بالمراجعات والوثيقة.
وكثيراً ما جمعتنا ظروف ابتلاء أو غيرها مع إخوان لنا من هذه الاتجاهات وكنت أرى من كثيرٍ منهم أخلاقيات وسلوكيات عالية وأدب جم و رغبة في العمل من أجل الإسلام فكنت أقول في نفسي اللهم اهد هؤلاء الشباب إلى المنهج الحق، فهذه الطاقات والقدرات لو وظفت التوظيف الصحيح في الاتجاه صحيح لكان من ورائها خير كبير، والحمد لله أن رد إخواني إلى الحق وقد علمت أن المئات منهم وقعوا على الوثيقة والتزموا بها، وأدعو الله عز وجل أن تكون هذه الوثيقة سبباً للإسراع بإطلاق سراحهم وعودتهم لأهاليهم وأُسرَهم لينضموا للعمل لخدمة دينهم وبلادهم وأمتهم.
5- أشارت الوثيقة لأهمية طلب العلم وتأصيل المسائل علميا قبل الحكم على الأقوال والأشخاص والأحداث، وهذا ما كنا وما زلنا نطالب به ونحث عليه والحمد لله رب العالمين، فالعلم في هذه المرحلة الحرجة ضرورة شرعية ملحة وهذا لشرفه (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَات)(المجادلة: 11)، ولشرف أهله وللحاجة الماسة إليه في الرد على شبهات وشكوك الباطل التي يلقيها على الإسلام والمسلمين، وهذا ما نتمنى أن يستكمله إخواننا في هذه الاتجاهات إذا أنعم الله عليهم بنعمة الأمن أن يتداركوا ما فاتهم من ضبط جميع ما يرونه بالكتاب والسنة بفهم سلف الأمة.
وختاما ندعو الله عز وجل أن تكون هذه الوثيقة سببا في زيادة الأمن والأمان في ربوع بلادنا وفى شتى بقاع الأرض، حتى يكون الطريق ممهدا أمام الدعاة إلى الله عز وجل، لنشر المعروف والخير والبر، وللقضاء على الشر والفساد والمنكر، حتى يغير الله ما نحن فيه إلى ما هو خير، من طاعة لله وعمل بكتابه، واتباعا لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
(إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)(الرعد: 11).
اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك أنت تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.