300 مؤسسة مالية إسلامية
وقال الرئيس السابق لدائرة التنمية الاقتصادية رئيس مجموعة الإمارات للاستثمار الشيخ طارق القاسمي إن الاقتصاد الإسلامي يسير في الطريق الصحيح.. ويشهد معدلات نمو جيدة، وأن كافة العوامل والدلائل تشير إلى استمرار هذه الوتيرة الإيجابية للسنوات القادمة، مشيرا إلى أنه بينما لم يكن هناك سوى مصرف إسلامي واحد قبل ثلاثين عاما، فإن هناك حوالي 300 مؤسسة إسلامية حول العالم في الوقت الراهن. لكن القاسمي أوضح أن المسلمين لم يستغلوا الفرص المتاحة أمامهم لتعظيم اقتصادياتهم فهم يشكلون 20% من سكان العالم، كما يشكلون 20% من الموارد الطبيعية للعالم، ومع ذلك فإن الاقتصاد الإسلامي يبلغ 5 تريليونات دولار فقط، بينما يفترض به أن يكون بحدود 12 تريليون دولار من جملة الاقتصاد العالمي، الذي يبلغ 60 تريليون دولار، لكنه أشار أيضا إلى أن الاقتصاد الإسلامي حاليا ينمو بمعدل 6% سنويا، بينما نما الاقتصاد العالمي بمعدل 4.2% في 2007 ومن المتوقع أن ينمو بمعدل 3.8% في 2008. وقال القاسمي إن مجموعة الإمارات للاستثمار التي يرأسها أسست مصرف الإمارات الدولي في باكستان، وهو يعمل وفق الشريعة الإسلامية، وقد تم افتتاح 17 فرعا للبنك، وهناك موافقة على افتتاح 15 فرعا جديدا؛ ليرتفع العدد إلى 32 فرعا بنهاية عامه الأول؛ ما يؤكد الإقبال الكبير على المصرفية الإسلامية، كما أوضح القاسمي أن منتجات التكافل الإسلامي تنمو بوتيرة متسارعة، مشيرا إلى القبول مؤخرا بفكرة التأمين على الحياة من خلال منتج متوافق مع الشريعة، وتم تأسيس شركة متخصصة في ذلك هي الأولى من نوعها في الإمارات، وهي "تكافل الإمارات". كما تطرق إلى الإقبال الذي تلاقيه الصكوك الإسلامية في الأسواق العالمية، حيث يعد أكبر مصدر للصكوك هو دويتسة بنك، مشيرا إلى أن هذا الإقبال تجاوز الحكومات إلى القطاع الخاص، ودلل على ذلك بصكوك دانة غاز ونخيل والدار... الخ.
التمويل الإسلامي للتنمية
وقال رئيس الجمعية الدولية للاقتصاد الإسلامي مدير التدريب في مصرف الإمارات الإسلامي الدكتور معبد الجارحي إن النظام المصرفي والمالي الإسلامي أكثر استقراراً من النظم الأخرى؛ لأن مشاركة المودعين والبنوك في المخاطر تحفظ البنوك من الانهيار وقت الأزمات، ولأن عدم تداول الديون في سوق دين متكاملة يمنع الاختلال والعدوى، ولأن ارتباط التدفقات النقدية بالتدفقات السلعية يقود إلى زيادات متوازنة في الطلب والعرض. ولأن منع عقود الربا والغرر وبيع ما لا يملك يقود إلى تحجيم المضاربات في الأسواق. وأشار الجارحي إلى أن التمويل الإسلامي للتنمية يتم عن طريق التمويل المباشر للنشاط الاقتصادي، سواء عن طريق المشاركة والمضاربة أو تأسيس شركات تابعة، وتوفير احتياجات النشاط الاقتصادي من الأصول والسلع والخدمات عن طريق شراء الأصول وتأجيرها إجارة منتهية بالتمليك أو شراء السلع وبيعها مرابحة أو بثمن آجل، وتكليف الصناع بصناعة الأصول وبيعها للمستثمرين (الاستصناع)، وشراء الإنتاج مقدما (سلما) لتمويل رأس المال العامل. كما أشار إلى أساليب أخرى لتمويل الإنتاج؛ منها المشاركة والمشاركة المتناقصة، المضاربة المطلقة والمقيدة، الاستصناع، والبت (بناء، تشغيل، تحويل الملكية) السلمي، تمويل الواردات (مستلزمات الإنتاج)، تمويل الصادرات (ما قبل الشحن)، تمويل الأصول الإنتاجية، بدءا بشرائها أو استصناعها، ثم بيعها بثمن آجل أو مرابحة، تأجيرها إجارة تشغيلية أو منتهية بالتمليك. وركز الجارحي -في بحثه- على دور البنوك في جمع الأموال للفقراء من خلال الزكاة على حقوق المساهمين، والأموال المحرمة التي اكتسبت خطأًً، والزكاة عن الودائع بإذن المودعين، وجمع تبرعات لتمويل المشاريع الخيرية للبنك، وجمع تبرعات لصندوق للقرض الحسن. كما دعا الجارحي إلى تنقية الصيرفة الإسلامية من المنتجات التي وصفها بأنها "سيئة السمعة"؛ مثل بعض الصكوك والتورق، وأشار إلى أن تداول السندات الأمريكية، وهي أدوات ربوية يتم بصورة ضخمة جدا، حيث يتم تداول تريليون دولار يوميا، وهو مبلغ يزيد في اليوم الواحد عن الدخل القومي لدول الخليج، ويزيد في 13 يوما عن الدخل القومي الأمريكي، ويزيد في 60 يوما عن الدخل القومي العالمي.
ميزات الاقتصاد الإسلامي
وأكد المدير العام لدائرة التنمية الاقتصادية في الشارقة علي المحمود اتجاه العديد من الدول على مختلف قومياتها ودياناتها إلى المصرفية الإسلامية، نتيجة للقوانين العادلة التي تحكم وتنظم عمل السوق الإسلامية بشكل عام، والسوق المالية بشكل خاص، وما رافق عملية النمو الهائل لأعمال المصارف الإسلامية، حتى تلك التي تزاول نشاطها في دول الغرب، حتى أصبح النموذج الإسلامي هو النموذج الفريد المفضل في الإدارة الحقيقية والمناسبة لاستثمار أمثل، لما يحتويه من المعايير الكثيرة؛ كأخلاقيات التعامل والتكافل، ودوران رأس المال، وتشجيع مجالات الاستثمار المختلفة، والمساهمة الفعالة في عملية التنمية، ودفع الاقتصاد العام نحو مراحل متقدمة من التطور والازدهار، إلى جانب ما يتمتع به الاقتصاد الإسلامي من مرونة كبيرة، وانسجام تام، وتطابق مع عقيدتنا كمسلمين، لجهة تجنيبنا الوقوع في المحظورات الشرعية. وقال المحمود -في كلمته- إن الاقتصاد الإسلامي يتميز عن غيره من الأنظمة الاقتصادية بعدة خصائص، جعلته الأفضل والأكثر قدرة على التطوير والتنمية، ومن أهم هذه الخصائص: تحريم الربا، وتشريع الزكاة، والتي يتجسد فيها مبدأ التكافل وإعادة توزيع الأرباح؛ ليكون لمستحقي الزكاة نصيب فيها، وتحريم الاحتكار، وتغليب المنفعة العامة على المنفعة الخاصة عند التضارب، وتحريم بيع ما لا يمتلكه الفرد -وذلك لمنع المخاطرة أو المقامرة- بالإضافة إلى مراقبة السوق، ولكن دون التدخل في تحديد السعر، والشفافية وتمييز ما يقع ضمن الممتلكات العامة أو الفردية.
نموذج للتنمية يعكس خصوصيتنا
من جهته دعا أستاذ الاقتصاد والتمويل وعميد كلية الدراسات الإسلامية في قطر الدكتور حاتم القرنشاوي، إلى نموذج للتنمية يعكس، إلى جانب المشترك الإسلامي الأساس، خصوصية المرحلة والهيكل الاقتصادي لكل دولة مع تحديد أهداف للتنمية ترتبط بمنظومة القيم الإسلامية ومفاهيمها الأخلاقية والمادية، كما دعا إلى تأسيس مؤشرات لقياس الحركة والأداء تعكس محورية القيم الإسلامية؛ من العدل والتزام المجتمع متمثلا في الدولة بكفالة فرص التقدم للفرد في ظل تكامل مجتمعي وآلية للتعامل مع الثروة تكفل فعالية استخدامها، مشيرا -في هذا الصدد- إلى أن المقاييس الغربية مثل موديز وفيتش وميريل لينش، ليست مقدسة وليست محقة على طول الخط، حيث إنها لم تستطع أن تتنبأ بأزمة الائتمان العالمية الحالية. وقال القرنشاوي -في محاضرته- إن إرادة للتنمية تبنى على الإيمان بقدرة المواطن في المجتمع الإسلامي على تحقيق التقدم على أساس من تمسكه بقيمه ولغته ونموذجه الخاص الذي يتفاعل مع العالم ولا يذوب فيه، داعيا إلى برنامج واضح للتنمية التكنولوجية انطلاقا من أن التكنولوجيا يجب أن تنمو محليا، فهي لا تستورد، وإنما يمكن أن توطن، وهناك بدايات مبشرة في بعض الدول الإسلامية. كما دعا إلى تطوير نظم لتنمية الموارد البشرية وتنظيم تدفقها محليا وإقليميا وبينيّا في نطاق العالم الإسلامي، بما في ذلك نظم التعليم والتدريب والرعاية الصحية، على أن تنطلق هذه النظم من نماذج التنمية الملائمة والتي سبق الحديث عنها، ووضع برنامج واضح المعالم يرتبط بخطة التنمية لعملية تغيير مؤسسي تفعّل برامج التنمية ونرسخ من ثقافة المشاركة، وتؤمن آليات إعادة التوزيع وبدون إطار مؤسسي يتيح ذلك كله ستظل الجهود المبذولة جزرا منعزلة في أحسن الأحوال قد تحقق مظاهر التقدم المادي هنا أو هناك؛ لكنها لن تحقق عدالة ولن تضمن استدامة