كل ذلك من أجل هذه الكلمة " لا إله إلا الله " الرسل تدعو إليها ومحمد خاتمهم عليه الصلاة والسلام يدعو إلى ذلك، يدعو إلى الإيمان بها، واعتقاد معناها، وتعطيل الآلهة التي عبدوها من دون الله وإنكارها وإخلاص العبادة لله وحده، والمشركون يأبون ذلك، ويقولون إنهم سائرون على طريقة أسلافهم، ويقولون: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ}[24]. فأمة العرب الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم، سلكوا مسلك من قبلهم في العناد والكفر والضلال والتكذيب، ونبينا عليه الصلاة والسلام طيلة ثلاثة عشر سنة في مكة، يدعوهم إلى توحيد الله، وإلى ترك الشرك بالله، فلم يؤمن به إلا القليل، وهذا بعد الهجرة إلى المدينة، استمروا في طغيانهم، وقاتلوه يوم بدر، ويوم أحد، ويوم الأحزاب عناداً وكفراً وضلالاً، وساعدهم من ساعدهم من كفار العرب، ولكن الله جلت قدرته أيد نبيه والمؤمنين وأعانهم، وجرى ما جرى يوم بدر من الهزيمة على أعداء الله، والنصر لأولياء الله، ثم جرى ما جرى يوم أحد من الامتحان الذي كتبه الله على عباده، وحصل ما حصل من الجراح والقتل على المسلمين بأسباب بينها في كتابه العظيم سبحانه وتعالى، ثم جاءت وقعة الأحزاب بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين أهل الكفر، فأعز الله جنده ونصر عبده وأنزل بأسه بالكفار، فرجعوا خائبين لم ينالوا خيراً، ونصر الله المسلمين ضد أعدائهم، ثم جاءت بعد ذلك غزوة الحديبية عام ست من الهجرة، وحصل فيها ما حصل من الصلح بين الرسول صلى الله عليه وسلم وأهل مكة، والمهادنة عشر سنين حتى يأمن الناس، وحتى يتصل بعضهم ببعض، وحتى يتأملوا دعوته عليه الصلاة والسلام وما جاء به من الهدى، ثم نقضت قريش العهد فغزاهم النبي صلى الله عليه وسلم عام ثمان من الهجرة في رمضان، وفتح الله عليه مكة، ودخل الناس في دين الله أفواجاً والحمد لله.
فهذا الدين العظيم وهو الإسلام يحتاج من أهله إلى صبر ومصابرة وإخلاص لله ودعوة إليه وإيمان به وبرسله، والوقوف عند حدوده وترك لما نهى عنه عز وجل، هذا هو دين الله، الذي بعث به رسله وأنزل به كتبه، وهو الدين الذي بعث به نبيه محمداً عليه الصلاة والسلام، وهو توحيد الله والإخلاص له والإيمان برسوله محمد صلى الله عليه وسلم، والانقياد لشريعته قولاً وعملاً وعقيدة، وأصله وأساسه الشهادة أن لا إله إلا الله، التي بعث الله بها جميع الرسل، فلا إسلام إلا بها من عهد نوح إلى عهد محمد عليه الصلاة والسلام، لا إسلام إلا بهذه الكلمة: " لا إله إلا الله " قولاً وعملاً وعقيدة، فيقول المسلم: " لا إله إلا الله " بلسانه ويصدقها بقلبه وأعماله، فيوحد الله، ويخصه بالعبادة، ويتبرأ من عبادة ما سواه، ولابد مع هذا من الشهادة للنبي بالرسالة عليه الصلاة والسلام، لا بد من الإيمان بالله وحده وإخلاص العبادة له، لابد من التصديق للرسل الذين بعثوا بذلك من عهد نوح إلى عهد محمد صلى الله عليه وسلم، لابد مع الشهادة بأنه " لا إله إلا الله " والإيمان بالله: من تصديق نوح عليه الصلاة والسلام، فلا إسلام إلا بذلك. وفي عهد هود كذلك لا إسلام إلا بتصديق هود عليه الصلاة والسلام، مع توحيد الله والإخلاص له، والإيمان بمعنى لا إله إلا الله، وهكذا في عهد صالح لا إسلام إلا بذلك.. بتوحيد الله والإخلاص له، والإيمان بصالح، وأنه رسول الله حقاً عليه الصلاة والسلام، وهكذا من بعدهم كل نبي يبعث إلى أمته، لابد في الإسلام من توحيد الله والإيمان بذاك الرسول الذي بعث إليهم وتصديقه، وآخرهم عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام هو آخر أنبياء بني إسرائيل وآخر الأنبياء قبل محمد عليه الصلاة والسلام، فلا إسلام إلا لمن آمن به واتبع ما جاء به، ولما أنكرته اليهود وكذبوه صاروا كفارا بذلك.
ثم بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء وآخرهم، وجعل الدخول في الإسلام لا يتم ولا يصح إلا بالإيمان به عليه الصلاة والسلام، فلابد من توحيد الله والإيمان بهذه الكلمة، وهي: " لا إله إلا الله، واعتقاد معناها. وأن معناها توحيد الله وإفراده بالعبادة، وتخصيصه بها دون كل ما سواه، مع الإيمان برسوله محمد عليه الصلاة والسلام، وأنه خاتم الأنبياء، لا نبي بعده، هكذا علم الرسول أمته عليه الصلاة والسلام، وهكذا دل كتاب الله على ذلك، قال تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ}[25] لابد من الإيمان بالنبيين جميعا وآخرهم محمد عليه الصلاة والسلام. ولما سأل جبرائيل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان قال: ((أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره)) فلابد مع الإسلام وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله من الإيمان بجميع الأنبياء والمرسلين السابقين، والإيمان بجميع الملائكة، والكتب المنزلة على الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام جميعا، ولابد من الإيمان بالقدر خيره وشره والإيمان باليوم الآخر، والبعث بعد الموت، والجنة والنار، وأن ذلك حق لابد منه، ولكن أصل ذلك وأساسه الإيمان بالله وحده، وأنه هو المستحق العبادة. هذا هو الأصل، وهذا هو الأساس والبقية تابعة لذلك، فمن أراد الدخول في الإسلام والاستقامة عليه والفوز بالجنة والنجاة من النار، وأن يكون من أتباع محمد عليه الصلاة والسلام الموعودين بالجنة والكرامة فإنه لا يتم له ذلك إلا بتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
فتحقيق الأولى وهي-: " لا إله إلا الله " - بإفراد الله بالعبادة، وتخصيصه بها، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله من أمر الجنة والنار والكتب والرسل واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
وأما تحقيق الثانية- وهي شهادة أن محمدا رسول الله- فبالإيمان به صلى الله عليه وسلم، وأنه عبد الله ورسوله أرسله الله إلى الناس كافة إلى الجن والإنس، يدعوهم إلى توحيد الله والإيمان به، واتباع ما جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام مع الإيمان بجميع الماضين من الرسل والأنبياء، ثم بعد ذلك الإيمان بشرائع الله التي شرعها لعباده، على يد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، والأخذ بها والاستمساك بها من صلاة وزكاة وصوم وحج وجهاد وغير ذلك. وكان صلى الله عليه وسلم إذا سئل عن عمل يدخل به العبد الجنة وينجو به من النار قال له: ((تشهد أن لا الله إلا الله وأن محمدا رسول الله)) وربما قال له: ((تعبد الله ولا تشرك به شيئاً)) فعبر له بالمعنى، فإن معنى شهادة أن لا إله إلا الله: أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا. ولهذا لما سأله جبرائيل عليه السلام في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال: يا رسول الله، أخبرني عن الإسلام؟ قال: ((الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا)) وفي حديث عمر رضي الله عنه قال: ((الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله)) فهذا يفسر هذا: فإن شهادة أن لا إله إلا الله: معناها إفراد الله بالعبادة، وهذا هو عبادة الله وعدم الإشراك به مع الإيمان برسوله عليه الصلاة والسلام. وجاءه رجل فقال: يا رسول الله دلني على عمل أدخل به الجنة وأنجو من النار قال: ((تعبد الله ولا تشرك به شيئا)) ثم قال ((وتقيم الصلاة)) إلى آخره. فعبادة الله وعدم الإشراك به هذا هو معنى لا إله إلا الله قال الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ}[26] يعني: اعلم أنه المستحق للعبادة، وأنه لا عبادة لغيره، بل هو المستحق لها وحده، وأنه الإله الحق، الذي لا تنبغي العبادة لغيره عز وجل. وإنكار المشركين لها يبين معناها؛ لأنهم إنما أنكروها لما علموا أنها تبطل آلهتهم وتبين أنهم على ضلالة ولهذا أنكروها فقالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِداً}[27]، وقال الله عنهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ}[28] فعرفوا أنها تبطل آلهتهم وتبين زيفها، وأنها لا تصلح للعبادة، وأنها باطلة، وأن الإله الحق هو الله وحده سبحانه وتعالى. ولهذا أنكروها فعبادتهم للأصنام أو الأشجار أو الأحجار، أو الأموات أو الجن أو غير ذلك عبادة باطلة. فجميع المخلوقات ليس عندهم ضر ولا نفع، كلهم مملوكون لله سبحانه وتعالى، عبيده جل وعلا، فلا يصلحون للعبادة؛ لأن الله سبحانه خالق كل شيء وهو القائل سبحانه وتعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}[29] وقال جل وعلا: {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ علْماً}[30]. فالواجب على كل مكلف، وعلى كل مؤمن ومؤمنة من الجن والإنس التبصر في هذا الأمر وأن يعتني به كثيراً، حتى يكون جلياً عنده، واضحاً لديه؛ لأن أصل الدين وأساسه عبادة الله وحده، وهو معنى شهادة أن لا إله إلا الله، أي: لا معبود بحق إلا الله وحده سبحانه وتعالى، ويضاف إلى ذلك الإيمان بالرسل وبخاتمهم محمد عليه الصلاة والسلام، لابد من ذلك مع الإيمان بملائكة الله، وكتب الله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله. كل ذلك لابد منه في تحقيق الدخول في الإسلام كما سبق بيان ذلك. وكثير من الناس يظن أن قول: لا إله إلا الله، أو أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله يكفيه ولو فعل ما فعل، وهذا من الجهل العظيم، فإنها ليست كلمات تقال، بل كلمات لها معنى لابد من تحقيقه بأن يقولها ويعمل بمقتضاها فإذا قال: لا إله إلا الله، وهو يحارب الله بالشرك وعبادة غيره فإنه ما حقق هذه الكلمة، فقد قالها المنافقون وعلى رأسهم عبد الله بن أبي بن سلول، وهم مع ذلك في الدرك الأسفل من النار كما قال عز وجل: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً}[31] لماذا؟!. لأنهم قالوها باللسان وكفروا بها بقلوبهم، ولم يعتقدوها ولم يعملوا بمقتضاها فلا ينفعهم قولها بمجرد اللسان. وهكذا من قالها من اليهود والنصارى وعباد الأوثان، كلهم على هذا الطريق، لا تنفعهم حتى يؤمنوا بمعناها وحتى يخصوا الله بالعبادة، وحتى ينقادوا لشرعه. وهكذا اتباع مسيلمة الكذاب والأسود العنسي والمختار بن أبي عبيد الثقفي الذين ادعوا النبوة وغيرهم يقولون: لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، لكن لما صدقوا من ادعى أنه نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم كفروا، وصاروا مرتدين؛ لأنهم كذبوا قول الله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}[32] فهو خاتمهم وآخرهم، ومن ادعى بعده أنه نبي أو رسول صار كافراً ضالاً، وهكذا من صدقه كأتباع مسيلمة في اليمامة والأسود العنسي في اليمن والمختار في العراق وغيرهم لما صدقوا هؤلاء الكذابين بأنهم أنبياء. كفر من صدقهم بذلك واستحقوا أن يقاتلوا. فإذا كان من ادعى مقام النبوة يكون كافرا؛ لأنه ادعى ما ليس له في هذا المقام العظيم، وكذب على الله فكيف بالذي يدعي مقام الألوهية، وينصب نفسه ليعبد من دون الله؟ لا شك أن هذا أولى بالكفر والضلال. فمن يعبد غير الله، ويصرف له العبادة، ويوالي على ذلك ويعادي عليه فقد أتى أعظم الكفر والضلال. فمن شهد لمخلوق بالنبوة بعد محمد عليه الصلاة والسلام فهو كافر ضال، فلا إسلام ولا إيمان إلا بشهادة: أن لا إله إلا الله قولا وعملا وعقيدة، وأنه لا معبود بحق سوى الله، ولابد من الإيمان بأن محمداً رسول الله، مع تصديق الأنبياء الماضين والشهادة لهم بأنهم بلغوا الرسالة عليهم الصلاة والسلام. ثم بعد ذلك يقوم العبد بما أوجب الله عليه من الأوامر والنواهي، هذا هو الأصل لا يكون العبد مسلماً إلا بهذا الأصل: بإفراد الله بالعبادة والإيمان بما دلت عليه، هذه الكلمة: " لا إله إلا الله " ولابد مع ذلك من الإيمان برسول الله والأنبياء قبله، وتصديقهم واعتقاد أنهم بلغوا الرسالة وأدوا الأمانة عليهم الصلاة والسلام، وكثير من الجهلة كما تقدم يظن أنه متى قال: لا إله إلا الله وشهد أن محمداً رسول الله فإنه يعتبر مسلماً ولو عبد الأنبياء أو الأصنام أو الأموات أو غير ذلك، وهذا من الجهل العظيم والفساد الكبير والضلال البعيد، بل لا بد من العمل بمعناها والاستقامة عليه، وعدم الإتيان بضد ذلك قولا وعملا وعقيدة، ولهذا يقول جل وعلا في سورة فصلت: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}[33] الآية. والمعنى أنهم قالوا: ربنا الله ثم استقاموا على ذلك، ووحدوه وأطاعوه واتبعوا ما يرضيه، وتركوا معاصيه، فلما استقاموا على ذلك صارت الجنة لهم، وفازوا بالكرامة، وفي الآية الأخرى من سورة الأحقاف قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[34] فعليك يا عبد الله بالتبصر في هذا الأمر والتفقه فيه بغاية العناية، حتى تعلم أنه الأصل الأصيل والأساس العظيم لدين الله، فإنه لا إسلام ولا إيمان إلا بشهادة أن لا إله إلا الله قولا وعملا وعقيدة، والشهادة بأن محمداً رسول الله قولاً وعملاً وعقيدة، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله عما كان وما سيكون، ثم بعد ذلك تأتي بأعمال الإسلام من صلاة وزكاة وصوم وغير ذلك. ولا ينبغي لعاقل أن يغتر بدعاة الباطل، ودعاة الشرك الذين دعوا غير الله، وأشركوا بالله غيره، وعبدوا المخلوقين من دون الله، وزعموا أنهم بذلك لا يكونون كفاراً؛ لأنهم قالوا: " لا إله إلا الله " قالوها بالألسنة، ونقضوها بأعمالهم وأقوالهم الكفرية، قالوها وأفسدوها بشركهم بالله، وعبادة غيره سبحانه وتعالى، فلم تعصم دماءهم ولا أموالهم، ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله عز وجل)) هكذا بين النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا بد من هذه الأمور.. وفي حديث طارق بن أشيم الأشجعي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل)) وفي اللفظ الآخر: ((من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه)) أخرجهما الإمام مسلم في صحيحه. فأبان النبي صلى الله عليه وسلم بهذين الحديثين وأمثالهما أنه لابد من توحيد الله والإخلاص له، ولابد من الكفر بعبادة غيره، وإنكار ذلك والبراءة منه، مع التلفظ بالشهادتين وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأداء بقية الحقوق الإسلامية.. وهذا هو الإسلام حقاً، وضده الكفر بالله عز وجل.