الأستاذ عبد الرحيم الشريف
ماجستير في علوم القرآن والتفسير
قال الله تعالى:(وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)[سورة سبأ:6].
- يقول أستاذ اللغات الشرقية ورئيس مجمع البحوث والآداب في باريس المستشرق الفرنسي كليمان هوار(1854 -1927) في الجزء الأول من كتابه: (تاريخ العرب):
" اتفقت الأخبار على أن محمداً كان في الدرجة العليا من شرف النفس، وكان يلقب بالأمين، أي بالرجل الثقة المعتمد عليه إلى أقصى درجة، إذ كان المثل الأعلى في الاستقامة ".
- وعن رفيع أخلاقه وسامي خصاله وعصمته من الانزلاق في مهاوي الرذيلة يتحدث المستشرق جرسان دتاسي، قائلاً: " إن محمداً ولد في حضن الوثنية، ولكنه منذ نعومة أظفاره أظهر بعبقرية فذة، انزعاجاً عظيماً من الرذيلة وحباً حاداً للفضيلة، وإخلاصاً ونية حسنة غير عاديين إلى درجة أن أطلق عليه مواطنوه في ذلك العهد اسم الأمين ".
- ويتحدث الباحث الأرجنتيني دون بايرون(1839 _ 1900) في مؤلفه: « أتح لنسفك فرصة » فيقول:
" اتفق المؤرخون على أن محمد بن عبد الله كان ممتازاً بين قومه بأخلاق حميدة، من صدق الحديث والأمانة والكرم وحسن الشمائل والتواضع حتى سماه أهل بلده الأمين، وكان من شدة ثقتهم به وبأمانته يودعون عنده ودائعهم وأماناتهم، وكان لا يشرب الأشربة المسكرة، ولا يحضر للأوثان عيداً ولا احتفالاً، وكان يعيش مما يدره عليه عمله من خير ".
- والمستشرق الايرلندي السير وليم موير(1808-1867) في كتابه (الإسلام) ص103، قال:
" إن محمداً لم يكن في وقت من الأوقات طامعاً في الغنى، إنما سعيه كان لغيره، ولو ترك الأمر لنفسه لآثر أن يعيش في هدوء وسلام قانعاً بحالته ".
- وقال: " إن النبي محمداً في شبابه طبع بالهدوء والدعة والطهر والابتعاد عن المعاصي التي كانت قريش تعرف بها ".
- ويقول المستشرق سيديو، في الجزء الأول من كتابه: (تاريخ العرب)، ص 85:
" ولقد بلغ محمد من العمر خمساً وعشرين سنة استحق بحسن مسيرته واستقامته مع الناس أن يلقب بالأمين ثم استمر على هذه الصفات الحميدة حتى نادى بالرسالة ودعا قومه إليها فعارضوه أشد معارضة، ولكن سرعان ما لبوا دعوته وناصروه، وما زال في قومه يعطف على الصغير ويحنو على الكبير، ويفيض عميم من عمله وأخلاقه".
- وعن هذه القضية يتحدث المؤرخ والمستشرق الإنكليزي السير موير في كتابه: (حياة محمد) ص 20:
" إن محمداً نبي المسلمين لقب بالأمين منذ الصغر بإجماع أهل بلده لشرف أخلاقه، وحسن سلوكه. ومهما يكن هناك من أمر فإن محمداً أسمى من أن ينتهي إليه الواصف، ولا يعرفه من جهله. وخبير به من أنعم النظر في تاريخه المجيد، وذلك التاريخ الذي ترك محمداً في طليعة الرسل ومفكري العالم ".
- ويقول المستشرق والمؤرخ الفرنسي رينيه غروسيه صاحب كتابي، (الحروب الصليبية)، و (مدنيات من الشرق) في مؤلفه الأخير:
" كان محمد لما قام بهذه الدعوة شاباً كريما نجداً، ملآن حماسة لكل قضية شريفة، وكان أرفع جداً من الوسط الذي يعيش فيه، وقد كان العرب يوم دعاهم إلى الله منغمسين في الوثنية، وعبادة الحجارة، فعزم على نقلهم من تلك الوثنية إلى التوحيد الخالص البحت، وكانوا يهتفون بالفوضى، وقتال بعضهم بعضاً فأراد أن تؤسس لهم حكومة ديموقراطية موحدة، وكانت لهم عادات وحشية همجية صرفة، فأراد أن يلطف أخلاقهم، ويهذب من خشونتهم ".
- بينما نظر إليه المستشرق السويسري إدوار مونتيه (1810 - 1882) مدير جامعة جنيف ومدرس اللغات الشرقية - في مؤلفه: « المدنية الشرقية » » نظرته إلى الأنبياء التوراتيين القدماء بقوله:
" كان محمد نبياً بالمعنى الذي كان يعرفه العبرانيون القدماء، ولقد كان يدافع عن عقيدة خالصة لا صلة لها بالوثنية، وأخذ يسعى لانتشال قومه من ديانة جافة لا اعتبار لها بالمرة، وليخرجهم من حالة الأخلاق المنحطة كل الانحطاط، ولا يمكن أن يشك لا في إخلاصه، ولا في الحمية الدينية التي كان قلبه مفعماً بها ".
- ويقول مونتيه نفسه في مقدمة ترجمته الفرنسية للقرآن:
" كان محمد نبياً صادقاً، كما كان أنبياء بنى إسرائيل في القديم، كان مثلهم يؤتى رؤيا ويوحى إليه، وكانت العقيدة الدينية وفكرة وجود الألوهية متمكنتين به كما كانتا متمكنتين في أولئك الأنبياء أسلافه فتحدث فيه كما كانت تحدث فيهم، ذلك الإلهام النفسي، وهذا التضاعف في الشخصية اللذين يحدثان في العقل البشرى المرائي والتجليات والوحي والأحوال الروحية التي من بابها ".
- والمستشرق الإيطالي ميخائيل إيمارى في كتابه (تاريخ المسلمين)، فقال:
" وحسب محمد ثناءً عليه أنه لم يساوم ولم يقبل المساومة لحظة واحدة في موضوع رسالته على كثرة فنون المساومات واشتداد المحن وهو القائل "لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته ". عقيدة راسخة، وثبات لا يقاس بنظير، و همة تركت العرب مدينين لمحمد بن عبد الله، إذ تركهم أمة لها شأنها تحت الشمس في تاريخ البشر ".
- ويقول المؤرخ الأمريكي واشنجتون ارفنج:
" لقي الرسول من أجل نشر الإسلام كثيراً من العناء، وبذل عدة تضحيات. فقد شك الكثير في صدق دعوته، وظل عدة سنوات دون أن ينال نجاحاً كبيراً، وتعرض خلال إبلاغ الوحي إلى الإهانات والاعتداءات والاضطهادات، بل اضطر إلى أن يترك وطنه ويحث عن مكان يهاجر إليه. فقد كان في الأربعين من عمره حينا نزل عليه الوحي وعانى كثيراً سنة بعد أخرى في نثر الإسلام بين أفراد قبيلته ".
- وتحدث المستشرقين الأمريكي ماكس في كتابه: « عظماء الشرق » عن الهجرة ودلائل النبوة والقوة التي ظهرت في تلك المرحلة التي مثلت منعطفاً تاريخياً عظيماً في سيرة رسول الله وتطوراً نوعياً في مسار الدعوة الإسلامية، يقول ماكس ص 93:
" لقد نفذت روح الإسلام من محمد رسول الله إلى المسلمين، إلى الهداة والصالحين، وإن هذه الروح القوية حدت بالنبي إلى الهجرة من مكة إلى المدينة، بينها كان أعداؤه من المشركين يجدون في البحث عنه ليؤذوه بل ليذيقوه ريب المنون، ومن الغريب أن أعداء النبي لم يقنعوا أنفسهم بتركه مكة بل تعقبوه في هجرته، وهناك ضربوا على منزله سياجاً من الحيطة لأجل القبض عليه، ولكن روح الإسلام الدفينة في أعماق الهمة، ألهمته أن يتناول قبضة من تراب فتناولها وربى بها عليم فأخذتهم سنة من النوم تمكن خلالها النبي من النجاة منهم إلى الصحراء حيث اختفى في غار هناك، لا تقل إن اختفاءه في الغار يجول دون هلاكه وحتفه، ولكن الإسلام وما في ثناياه من روحانية وقوة، جعل الحمام يبيض على باب الغار، ولما أفاق أعداؤه من غشيانهم تتبعوا أثره إلى الغار، وأخذتهم هواجس الظن، لعلمهم بأن النبي لا يمكن بأي حال أن يكون في الغار، فمن يرد أن يؤمن بوحدانية الله، فعليه أن يشاهد بسهولة يد الله المحركة للكائنات من غير أن تبصرها العين المجردة وخاصة عندما أحيطت حياة النبي من يد العدوان برعاية الطير الذي اندفع إلى حماية محمد بيد الإله الخافية عن الأبصار ".
- وعقد المستشرق ميشون مقارنة بن تسامح الإسلام وتعصب الصليبيين، في كتابه: « تاريخ الحروب الصليبية »:
" إن الإسلام الذي أمر بالجهاد متسامح نحو أتباع الأديان الأخرى، وهو الذي أعفى البطاركة والرهبان وخدمهم من الضرائب وحرم قتل الرهبان _على الخصوص _ لعكوفهم على العبادات ولم يمس عمر بن الخطاب النصارى بسوء حين فتح القدس.. و قد ذبح الصليبيون المسلمين و حرقوا اليهود عندما دخلوها ".
- ويزيد الباحث نفسه في كتابه، "سياحة دينية في الشرق" ص 31،، متحدثاً عن تاريخ العلاقات الإسلامية المسيحية، وكيف أن المسيحيين تعلموا الكثير من المسلمين في التسامح وحسن المعاملة، يقول:
" وإنه لمن المحزن أن يتلقى المسيحيون عن المسلمين روح التعامل وفضائل حسن المعاملة، وهما أقدس قواعد الرحمة والإحسان عند الشعوب والأمم، كل ذلك بفضل تعاليم نبيهم محمد ".
- يقول المستشرق الإنجليزي سبربت و. أرنولد، في كتابه الدعوة إلى الإسلام، ص 37-:
" وقبيل وفاة محمد نرى جميع أنحاء الجزيرة العربية تقريباً تدين له بالطاعة، وإذا ببلاد العرب التي لم تخضع إطلاقاً لأمير من قبل تظهر في وحدة سياسية وتخضع لإرادة حاكم مطلق. ومن تلك القبائل المتنوعة، صغيرها وكبيرها، ذات العناصر المختلفة التي قد تبلغ المائه والتي لم تنقطع عن التنازع والتناحر، خلقت رسالة محمد أمة واحدة، وقد جمعت فكرة الدين المشترك تحت زعامة واحدة شتى القبائل في نظام سياسي واحد، ذلك النظام الذي سرت مزاياه في سرعة تبعث على الدهشة والإعجاب. وأن فكرة واحدة كبرى هي التي حققت هذه النتيجة، تلك هي مبدأ الحياة القومية في جزيرة العرب الوثنية، وهكذا كان النظام القبلي لأول مرة، وإن لم يقض عليه نهائياً (إذ كان ذلك مستحيلا)، شيئاً ثانوياً بالنسبة للشعور بالوحدة الدينية.
وتكللت المهمة الضخمة بالنجاح، فعندما انتقل محمد إلى جوار ربه كانت السكينة و ترفرف على أكبر مساحة من شبه الجزيرة العربية، بصورة لم تكن القبائل العربية تعرفها من قبل، مع شدة تعلقها بالتدمير وأخذ الثأر. وكان الدين الإسلامي هو الذي مهد السبيل إلى هذا الائتلاف ".