كتبه/ عبد المنعم الشحات
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
إلى جميع اليهود في فلسطين المحتلة قبل وبعد 48...
السلام على من اتبع الهدى،
هاتان رسالتان أرجو أن تجيدوا قراءتهما، يدفعنا إلى كتابتها إليكم واجب البلاغ الذي فرضه علينا ربنا.
الرسالة الأولى:
هي رسالتنا للعالمين: "أسلموا تسلموا"
يا معشرَ اليهود، تعلمون أن آباءكم حملوا أمانة رسالة التوحيد، فمنهم من قام بحقها، فجزاه الله خير الجزاء، وهؤلاء وإن كانوا آباء لكم في النسب إلا أننا نراهم إخواناً لنا في العقيدة، ولعلكم تعلمون أننا نصوم اليوم الذي نجى الله فيه موسى -عليه السلام- من فرعون وملئه، يصومه المسلمون، ومنهم المصريون -بفضل الله- كفروا بالنسب الذي بينهم وبين فرعون، وآمنوا بأخوة الدين.
وإذا كان هؤلاء قد حفظوا الأمانة، فإن الكثير قد ضيعها، وزادوا ونقصوا في التوراة لكي يرضوا الفرس تارة والروم تارة، ثم أعرضوا عن هذه التوراة إلى كتاب خالص من كتابة أيديهم وهو التلمود.
فيا عقلاء اليهود، كيف ترضون بالكذب على الله؟!
ويا من تبحثون عن الحرية، كيف يجعلون دينكم لعبة في يد بشر مثلكم؟!
يا معشرَ اليهود، أترضون أن تكون المباركة التي أعطاها الله لكم قد أعطاها قسرا وقهرا لمَّا صرعه يعقوب -عليه السلام- كما زعم أحباركم، ثم -مع ذلك- تسمون أنفسكم شعبَ اللهِ المختار، وكُتَّابُ توراتكم يزعمون أنهم غَصَبوا المباركة من الله، ولم يكن ثَمَّ اختيار؟!
يا معشرَ اليهود، تزعمون أنكم تعبدون إلها واحدا حسنا، ولكن كُتَّّابَ توراتكم زعموا أنه يمرض ويبكي ويندم على قراراته بعدما رأى أثر الطوفان، رغم أن زعماءكم السياسيين يستنكفون عن إعلان الندم عندما يرون أثر طوفان النار لا الماء؟ وعلى الرغم من أن قراراتهم غالبا ما تؤدي إلى غير المقصود؟
يا معشرَ اليهود، ما الفرق بين إلهكم الواحد الذي تزعمون، وبين الفرعون الذي من عبادته فرَّ أجدادُكم مع موسى -عليه السلام-؟
إننا نذكر على مسامعكم آي القرآن: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ)، فإن توليتم فنقول لكم كما أمر ربنا: (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)(آل عمران:64)
يا معشرَ يهود، إن كتبة توراتكم قد أتوا فيها بعجائب فيها أثبت العلم الحديث كذبَها جنبا إلى جنب مع وعود المباركة التي تزعم توراتكم أنكم أخذتموها من الله عنوة!!
يا معشرَ اليهود، لماذا تؤثرون الحياة الدنيا (وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى)(الأعلى:17)؟
يا معشرَ يهود، أسلموا تسلموا.
فإن أبيتم أن تقبلوا دعوتنا لكم إلى الإسلام فاقبلوا هذه النصيحة:
لقد عاش بنو إسرائيل ملاحم كثيرة، وعانوا من الاضطهاد من معظم شعوب الأرض، وعليكم أن تدرسوا التاريخ لتبحثوا عن أسباب ذلك، ولماذا لم يحدث هذا في زمن نبي الله داود، رغم أن الدنيا آنذاك كان فيها أيضا الفرس والروم والعماليق وغيرهم؟
إن السبب الرئيسي في أن بني إسرائيل تركوا الاعتصام بالله في معظم أزمنتهم، ولما اعتصموا بالله في زمن نبي الله يوشع بن نون، ثم في زمن داود وسليمان -عليهما السلام- عصمهم الله من الناس.
والاعتصام بالله بعد بعثة محمد -صلى الله عليه وسلم- لا يكون إلا من طريقه -صلى الله عليه وسلم-.
قد تسألون: وهل عصم أتباع محمد -صلى الله عليه وسلم- حتى تدعونا إلى الاعتصام بما اعتصموا به؟
فنقول لكم: إن هذا هو بيت القصيد، أرأيتم المجازر التي ارتكبتموها في فلسطين وغيرها، لم تحوِّل المسلمين ولا حتى شعب فلسطين الذي تكاثرتم عليه إلى شعب يعاني من عقدة اضطهاد لماذا لأن الإسلام رباهم على أن يقولوا بلسان الحال والمقال: (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ)(التوبة:52)
صدقونا، إن علاجكم في علاج الحب الشديد للحياة الذي تتوارثونه، ولا يقدر على تحويل الصفات الوراثية المتوارثة عبر قرون إلا الإسلام، وهو ما دعوناكم إليه في الفقرة السابقة، فلا نعيده، ولكن المقصود أنكم بعد هذه الملاحم التي كان من آخرها مع النازية وجدتم ملاذا آمنا في كثير من دول أوربا، ووجدتم ملاذا أكثر أمنا في مصر والمغرب وفلسطين وغيرها.
فما الذي حرك الحركة الصهيونية حتى تجمع أشتاتكم وتعطيكم وطنا؟ أرغبة في الرئاسة والزعامة؟
ولماذا أمدتكم فرنسا وبريطانيا وأمريكا وروسيا أليست هي الرغبة في أن تخوضوا الحرب نيابة عنهم؟
إن الغرب يرغب في قيادة العالم، ومهما أشاع قادة الحركة الصهيونية أنهم هم القادة الحقيقيون، فماذا استفاد الرجل اليهودي الذي جاء من أقصا الدنيا تحت شعار "وطن بلا شعب لشعب بلا وطن"؟
وهذه كذبة كبرى لا تقل في فداحتها عن كذبة أرض الميعاد التي اكتشفوا فجأة أن التوراة وعدتكم بها، رغم أنهم كانوا يبحثون لكم عن وطن في العالم الجديد، لولا أن العالم الجديد والقديم قد اتفقا على أن يصنعوا لكم أكبر حارة يهود في التاريخ، وأن يجعلوا منكم أكبر درع بشري يحمي أمة بأسرها، لقد جعلوكم تعضون أيدي الدولة العثمانية التي آوتكم من محارق النازي لكي يصنعوا بكم محرقة لشعب فلسطين أنتم أول من يحترق بها!!
إن دولتكم ليس لها مقومات الدولة وجل اعتمادها على المساعدات!!
الجغرافيا التي وضعوكم فيها تجعل الأحجار تُرمى على دولتكم فتصلها!
نصيحةً: ارحلوا عن بلادنا...
وارجعوا إلى أوربا وأمريكا، بل عيشوا رعايا في البلاد الإسلامية تجدون أمنا أعلى بكثير مما أنتم فيه.
فإن أبيتم هذه أيضاً،
فأمامكم فرصة بعد أن استقطعتم ما يسمى بإسرائيل أي الأراضي المغتصبة قبل 67، أمامكم فرصة أن تأمنوا فيها بعض الوقت إذا استطعتم تغيير قواعد اللعبة الانتخابية، بحيث ينجح الأعقل لا الأكثر دموية، ألا تلاحظون أن ساستكم الذين تاجروا بكم، وأتوا بكم من مأمنكم إلى مسجنكم، ما زالوا هم ومن ينضم إليكم من الساسة الجدد يصورون لكم أن القائد الذي يستحق القيادة هو الذي يقتل أكبر عدد من العرب، ولا يهم كم تخسرون من أمنكم واقتصادكم، ألا تلاحظون ارتباط المجازر بمواعيد الانتخاب؟
يا معشر يهود، إن أسلمتم سلمتم في الدنيا والآخرة، وإن رحلتم عن أرضنا سلمتم في الدنيا منا.
وإن بقيتم داخل حدودكم (المزعومة) والتي استقر سلطانكم عليها بلا عدوان أو مجازر، سلمتم بعض الوقت.
و إن أصررتم على ما أنتم فيه فلن تنالوا شيئاً من الأمن.
لا أقول هذا على لسان حماس، ولا على لسان أي فصيل من فصائل فلسطين، وإنما أقوله من كتاب رب العالمين (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)(الأنعام:82)
فالإيمان التام معه الأمن التام، وكلٌ بحسبه، ولا نرى ظلماً أشد من الكفر، وسفك الدماء، والصد عن سبيل الله.
(الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ)(النحل:88).