السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ {281} البقرة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إن الشارع الحكيم قد جعل علامات بينات يستدل بها على حسن الخاتمة – كتبها الله تعالى لنا بفضله ومنه – فأيما امرئ مات بإحداها كانت بشارة له ، ويا لها من بشارة . الأولى : نطقه بالشهادة عند الموت وفيه أحاديث . 1- " من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة " . أخرجه الحاكم وغيره بسند حسن عن معاذ . 2- عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال : " رأى عمر طلحة بن عبيد الله ثقيلا ، فقال : يا أبا فلان ؟ لعلك ساءتك امرأة عمك يا أبا فلان ؟ قال : لا – وأثنى على أبي بكر – إلا أني سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا ما منعني أن أسأله عنه إلا القدرة عليه حتى مات ، سمعته يقول : إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد عند موته إلا أشرق لها لونه ، ونفس الله عنه كربته ، قال : فقال عمر : إني لأعلم ما هي ! قال : وما هي ؟ قال : تعلم كلمة أعظم من كلمة أمر بها عمه عند الموت : لا إله إلا الله ؟ قال طلحة : صدقت ، هي والله هي " . أخرجه الإمام أحمد وإسناده صحيح . الثانية : الموت برشح الجبين لحديث بريدة بن الخصيب رضي الله عنه : " أنه كان بخراسان فعاد أخا له وهو مريض ، فوجده بالموت ، وإذا هو بعرق جبينه ، فقال : الله أكبر ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : موت المؤمن بعرق الجبين " أخرجه أحمد والسياق له . الثالثة : الموت ليلة الجمعة أو نهارها ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر " أخرجه أحمد الرابعة : الاستشهاد في ساحة القتال ، قال الله تعالى : ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألاّ خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين ) آل عمران : 169 ، وفي ذلك أحاديث : 1- " للشهيد عند الله ست خصال : يغفر له في أول دفعة من دمه ، ويرى مقعده من الجنة ويجار من عذاب القبر ويأمن الفزع الأكبر ويحلى حلية الإيمان ويزوج من الحور العين ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه " أخرجه الترمذي وصححه 2- عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : " أن رجلا قال : يا رسول الله ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد ؟ قال : كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة " رواه النسائي وسنده صحيح . (( تنبيه )) : ترجى هذه الشهادة لمن سألها مخلصا من قلبه ولو لم يتيسر له الاستشهاد في المعركة بدليل قوله صلى الله عليه وسلم : " من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وأن مات على فراشه " أخرجه مسلم عن أبي هريرة . الخامسة : الشهداء كثير ، وفيه حديثان : 1- " ما تعدون الشهيد فيكم ؟ قالوا : يا رسول الله من قتل في سبيل الله فهو شهيد ، قال : إن شهداء أمتي إذاً لقليل ، قالوا : فمن هم يا رسول الله ؟ قال : من قتل في سبيل الله فهو شهيد ، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في الطاعون فهو شهيد ومن مات في البطن فهو شهيد والغريق شهيد " أخرجه مسلم عن أبي هريرة . مات في البطن : أي بداء البطن وهو الاستسقاء وانتفاخ البطن . وقيل هو الإسهال وقيل الذي يشتكي بطنه . 2- " من َفَصل ( أي خرج ) في سبيل الله فمات أو قتل فهو شهيد ، أو وقصه فرسه أو بعيره أو لدغته هامة ، أو مات على فراشه بأي حتف شاء الله فإنه شهيد وإن له الجنة " أخرجه أبو داوود ، وحسنه الألباني . السادسة : الموت بالطاعون ، وفيه أحاديث : 1- عن حفصة بنت سيرين : قال لي أنس بن مالك : بم مات يحيى بن أبي عمرة ؟ قلت : بالطاعون ، فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الطاعون شهادة لكل مسلم " أخرجه البخاري . 2- عن عائشة أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون ؟ فأخبرها نبي الله صلى الله عليه وسلم : " إنه كان عذابا يبعثه الله على من يشاء ، فجعله الله رحمة للمؤمنين ، فليس من عبد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابرا أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له ، إلا كان له مثل أجر الشهيد " أخرجه البخاري . 3- يأتي الشهداء والمتوفون بالطاعون فيقول أصحاب الطاعون : نحن شهداء ، فيقال : انظروا فإن كانت جراحهم كجراح الشهداء تسيل دما ريح المسك ، فهم شهداء ، فيجدونهم كذلك " أخرجه الإمام أحمد بسند حسن . السابعة : الموت بداء البطن ، وفيه حديثان : 1- " … ومن مات في البطن فهو شهيد " رواه مسلم ، تقدم بتمامه في الخامسة . 2- عن عبد الله بن يسار قال : " كنت جالسا وسليمان بن صرد وخالد بن عرفطة ، فذكروا أن رجلا توفي ، مات ببطنه ، فإذا هما يشتهيان أن يكونا شهداء جنازته فقال أحدهما للآخر : ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من يقتله بطنه فلن يعذب في قبره " ؟ فقال الآخر : بلى . وفي رواية " صدقت " . أخرجه النسائي وسنده صحيح . الثامنة والتاسعة : الموت بالغرق والهدم ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " الشهداء خمسة : المطعون ، والمبطون ، والغرق ، وصاحب الهدم ، والشهيد في سبيل الله " أخرجه البخاري العاشرة : موت المرأة في نفاسها بسبب ولدها ، لحديث عبادة بن الصامت : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد عبد الله بن رواحة قال : فما تحوز له عن فراشه ، فقال : أتدري من شهداء أمتي ؟ قالوا : قتل المسلم شهادة ، قال : إن شهداء أمتي إذاً لقليل ! قتل المسلم شهادة والطاعون شهادة والمرأة يقتلها ولدها جمعاء شهادة ( يجرها ولدها بسرره إلى الجنة ) " . أخرجه أحمد وإسناده صحيح . جمعاء : هي التي تموت وفي بطنها ولد . بسرره : السرة ما يبقى بعد القطع مما تقطعه القابلة ، والسرر ما تقطعه ، وهو السُر بالضم أيضا . الحادية عشر والثانية عشر : الموت بالحرق ، وذات الجنب وفيه أحاديث ، أشهرها عن جابر بن عتيك مرفوعا : " الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله : المطعون شهيد ، والغرِق شهيد ، وصاحب ذات الجنب شهيد ، والحرق شهيد ، والذي يموت تحت الهدم شهيد ، والمرأة تموت بجمع شهيدة " أخرجه مالك ، وأبو داوود ، والنسائي ، وابن ماجه ..وغيرهم ، وسنده حسن في الشواهد . ( ذات الجنب ) هي ورم حار يعرض في الغشاء المستبطن للأضلاع . الثالثة عشر : الموت بداء السِّل ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " القتل في سبيل الله شهادة ، والنفساء شهادة والحرق شهادة والغرق شهادة والسل شهادة والبطن شهادة " قال في مجمع الزوائد ( 2/317 – 5/301) : " رواه الطبري في الأوسط ، وفيه مندل بن علي ، وفيه كلام كثير وقد وثق " . قال الشيخ الألباني رحمه الله : " لكن يشهد له حديث راشد بن حبيس الذي سبق الإشارة إليه في " العاشرة" فقد زاد فيه أحمد في رواية له : " والسل " . ورجاله موثوقون ، وحسنه المنذري ، وله شاهد آخر في "المجمع" . الرابعة عشر : الموت في سبيل الدفاع عن المال المراد غصبه ، وفيه أحاديث : 1- " من قتل دون ماله ، ( وفي رواية : من أريد ماله بغير حق فقاتل ، فقتل ) فهو شهيد " أخرجه البخاري ومسلم 2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي ؟ قال : فلا تعطه مالك ، قال : أرأيت إن قاتلني ؟ قال : قاتله ، قال : أرأيت إن قتلني ، قال : فأنت شهيد ، قال : أرأيت إن قتلته ؟ قال : هو في النار " أخرجه مسلم . الخامسة عشر والسادسة عشر : الموت في سبيل الدفاع عن الدين والنفس ، وفيه حديثان 1- " من قتل دون ماله فهو شهيد ، ومن قتل دون أهله فهو شهيد ، ومن قتل دون دينه فهو شهيد ، ومن قتل دون دمه فهو شهيد " أخرجه أبو داوود والنسائي وسنده صحيح . 2- " من قتل دون مظلمته فهو شهيد " أخرجه النسائي من حديث سويد بن مقرن ، وأحمد من حديث ابن عباس . واسناده صحيح إن سلم من الانقطاع بين سعد بن إبراهيم ابن عبد الرحمن بن عوف وابن عباس ، لكن أحد الطريقين يقوي الآخر . السابعة عشر : الموت مرابطا في سبيل الله ، ونذكر فيه حديثين : 1- رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه ، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمن الفتن " رواه مسلم . 2- كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطا في سبيل الله ، فإنه ينمى له عمله إلى يوم القيامة ، ويأمن فتنة القبر " أخرجه أبو داوود والترمذي وصححه والحاكم وأحمد ، وقال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " الثامنة عشر : الموت على عمل صالح لقوله صلى الله عليه وسلم : " من قال : لا إله إلا الله ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة ، ومن صام يوما ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة ، ومن تصدق بصدقة ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة " أخرجه أحمد عن حذيفة قال " أسندت النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدري فقال " فذكره ، وإسناده صحيح وقال المنذري " لا بأس به " نقلا من كتاب ( أحكام الجنائز وبدعها ) للشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى – بتصرف . ************* يا من يملك حوائج السائلين ويعلم ضمائر الصامتين يا من ليس معه رب يدعى ويا من ليس فوقه خالق يخشى ويا من ليس له وزير يؤتى ولا حاجب يرشى يا من لا يزداد على كثرة السؤال إلا جُوداً وكرماً وعلى كثرةِ الحوائج إلا تفضلاً وإحساناً