الأرض لمن يصلحها
الناقل :
elmasry
| الكاتب الأصلى :
entreact333
| المصدر :
www.startimes2.com
تشكل الزراعة محطة أساسية في تقدم الكائن البشري, ولم يتمكن الإنسان القديم من مفارقة الحالة البدائية التي اعتمد فيها على العيش, شأنه كباقي الحيوانات الأخرى.
إلا عندما اكتشف الزراعة واستطاع أن يتفاعل مع الطبيعة, وبدأ يؤسس قواعد التقدم الأخرى المرتبطة بالاستقرار والعمل والنظام, ولهذا جرت الأعراف أن من أحيى أرضا مواتا فهي له.
ونظرا لأهمية الزراعة في حياة الفرد والمجتمع وعلاقتها بالأمن الغذائي, فإنه لا يعقل أن يحصل هناك تقدم في أي مجال من المجالات الصناعية والتجارية إذا لم تكن هناك قاعدة فلاحية قوية تدعم القطاعات الأخرى.
لقد أثبتت هذه النظرية صحتها حين كان الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية يتسابقان لقيادة العالم, وفي الوقت الذي ركز المعسكر الشرقي اهتمامه على الصناعة ومنها أساسا الصناعة العسكرية, كانت أميركا والغرب في إطار المعسكر الليبرالي, رغم اعتباره أكبر قوة صناعية في العالم يولي أهمية كبرى للقطاع الزراعي.
بعد أربعة عقود انهار المعسكر الشرقي تحت ضربات الخصاص الزراعي وانتشرت مظاهرات ضد الجوع في موسكو وبراغ ووارسو وبخارست, في الوقت الذي كانت المخابئ ممتلئة بالأسلحة, أما الصناعة المدنية فلم تبارح مكانها, لأنه لم يكن هناك دافع للنمو الاقتصادي.
بعد إفلاس القطاع الفلاحي في المغرب طيلة العقود الأربعة الماضية بسبب الجفاف وسوء التسيير وغياب الكفاءة الزراعية وتهالك عقلية المزارعين, هاجر مئات الآلاف من البوادي وحلوا على دور الصفيح في المدن, وأصبحوا يشكلون نواة أي ظاهرة تؤرق الدولة وتهدد سلامة المجتمع مثل البطالة مرورا بالفقر إلى الأمية, ووصولا إلى التطرف والإرهاب.
لو عملت الدولة قبل أربعين سنة على تطوير القطاع الزراعي وبنائه بالشكل الذي تحاول اليوم القيام به عن طريق شراكة معقولة ومتوازنة مع القطاع الخاص وليس بمنطق "الوسية", كانت حياة مئات الآلاف من سكان البوادي والقرى ستكون على غير الشكل الذي هي عليه الآن.
أخيرا, اضطرت الدولة إلى تدارك بعض أخطاء التسيير السيئ لأهم وأخطر قطاع في البلاد, وهو القطاع الفلاحي, وبعودة الحياة إلى بعض مزارع صوديا وصوجيطا يفتح الباب على مصرعيه للنظر في قطاعات عدة لا تنفصل عن المجال الفلاحي, ومنها التنمية القروية, فلو استطاع المغرب أن يحاصر الفقر والبطالة والأمية في البوادي لما وصل التطرف والإرهاب إلى المدن.