تعليق الزوجه
الناقل :
mahmoud
| الكاتب الأصلى :
داليا رشوان
| المصدر :
www.alameron.com
وهنا نأتي لمسألة تعليق الزوجة وهذه الآية الكريمة:
قال تعالى: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231)
الآية شديدة اللهجة مع من يعلق زوجته للاضرار بها كي لا تتزوج غيره
تفسير ابن كثير للآية
هذا أمر من الله, عز وجل للرجال, إذا طلق أحدهم المرأة طلاقاً له عليها فيه رجعة, أن يحسن في أمرها إذا انقضت عدتها, ولم يبق منها إلا مقدار ما يمكنه فيه رجعتها, فإما أن يمسكها, أي يرتجعها, إلى عصمة نكاحه, بمعروف وهو أن يشهد على رجعتها, وينوي عشرتها بالمعروف, أو يسرحها, أي يتركها حتى تنقضي عدتها ويخرجها من منزله بالتي هي أحسن, من غير شقاق ولا مخاصمة ولا تقابح, قال الله تعالى: {ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا}, قال ابن عباس, ومجاهد ومسروق والحسن وقتادة والضحاك والربيع ومقاتل بن حيان وغير واحد: كان الرجل يطلق المرأة, فإذا قاربت انقضاء العدة راجعها, ضراراً لئلا تذهب إلى غيره, ثم يطلقها فتعتد, فإذا شارفت على انقضاء العدة طلق لتطول عليها العدة, فنهاهم الله عن ذلك, وتوعدهم عليه, فقال: {ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه} أي بمخالفته أمر الله تعالى.
وقوله تعالى: {ولا تتخذوا آيات الله هزواً} قال ابن جرير عند هذه الاَية: أخبرنا أبو كريب, أخبرنا إسحاق بن منصور عن عبد السلام بن حرب, عن يزيد بن عبد الرحمن, عن أبي العلاء الأودي, عن حميد بن الرحمن, عن أبي موسى, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب على الأشعريين, فأتاه أبو موسى قال: يا رسول الله, أغضبت على الأشعريين ؟ فقال: «يقول أحدكم قد طلقت, قد راجعت, ليس هذا طلاق المسلمين, طلقوا المرأة في قبل عدتها» ثم رواه من وجه آخر عن أبي خالد الدلال وهو يزيد بن عبد الرحمن, وفيه كلام. وقال مسروق: هو الذي يطلق في غير كنهه, ويضار امرأته بطلاقها وارتجاعها لتطول عليها العدة, وقال الحسن وقتادة وعطاء الخراساني والربيع ومقاتل بن حيان: هو الرجل يطلق ويقول: كنت لاعباً, أو يعتق أو ينكح ويقول: كنت لاعباً, فأنزل الله {ولا تتخذوا آيات الله هزواً} فألزم الله بذلك, وقال ابن مردويه: حدثنا إبراهيم بن محمد, حدثنا أبو أحمد الصيرفي, حدثني جعفر بن محمد السمسار, عن إسماعيل بن يحيى عن سفيان, عن ليث, عن مجاهد, عن ابن عباس, قال: طلق رجل امرأته وهو يلعب لا يريد الطلاق, فأنزل الله {ولا تتخذوا آيات الله هزواً} فألزمه رسول الله صلى الله عليه وسلم الطلاق. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا عصام بن رواد, حدثنا آدم, حدثنا المبارك بن فضالة عن الحسن هو البصري, قال: كان الرجل يطلق ويقول: كنت لاعباً ويعتق ويقول: كنت لاعباً, وينكح ويقول: كنت لاعباً, فأنزل الله {ولا تتخذوا آيات الله هزواً}, وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من طلق أو أعتق أو نكح أو أنكح, جاداً أو لاعباً, فقد جاز عليه» وكذا رواه ابن جرير, من طريق الزهري, عن سليمان بن أرقم, عن الحسن مثله, وهذا مرسل, وقد رواه ابن مردويه, عن طريق عمرو ابن عبيد, عن الحسن, عن أبي الدرداء موقوفاً عليه. وقال أيضاً: حدثنا أحمد بن الحسن بن أيوب, حدثنا يعقوب بن أبي يعقوب, حدثنا يحيى بن عبد الحميد, حدثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن سلمة عن الحسن عن عبادة بن الصامت في قول الله تعالى: {ولا تتخذوا آيات الله هزواً}. قال: كان الرجل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يقول للرجل: زوجتك ابنتي ثم يقول: كنت لاعباً, ويقول: قد أعتقت, ويقول: كنت لاعباً, فأنزل الله {ولا تتخذوا آيات الله هزواً}, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من قالهن لاعباً أو غير لاعب, فهن جائزات عليه: الطلاق والعتاق والنكاح» والمشهور في هذا الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه من طريق عبد الرحمن بن حبيب بن أدرك عن عطاء عن ابن ماهك عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث جدهن جد, وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة» وقال الترمذي: حسن غريب.
وقوله {واذكروا نعمة الله عليكم}, أي في إرساله الرسول بالهدى والبينات إليكم {وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة}, أي السنة {يعظكم به} أي يأمركم وينهاكم ويتوعدكم على ارتكاب المحارم, {واتقوا الله}, أي فيما تأتون وفيما تذرون, {واعلموا أن الله بكل شيء عليم} أي
فلا يخفى عليه شيء من أموركم السرية والجهرية وسيجازيكم على ذلك
.
يقول أحدهم زوجتي تريد الطلاق لأنها تحب آخر وتريد أن تتزوجه
أما آخر فيشعر أن كرامته اهينت لأن زوجته تريد الطلاق منه
وثالث يقول أريد تعويضا عن الطلاق .. اعطوني مبلغ (كذا) وأطلق
وأقول للأول وماذا ستفعل بزوجة تحب آخر وهي على ذمتك، أفضل لك أن تتركها وأن تبحث عن غيرها لتحيا معها حياة طيبة، أما أن تعلق طلاقها فأنت لم تعاقب إلا نفسك، فهذا الوقت أنت أولى به، واذلال زوجتك لا يحل لك، وهو ظلم بيِّن، افعل ما شئت كما تدين تدان، وما تفعله اليوم سيرد لك غدا .. فيا من استحللتم ظلم أزواجكم اسمعوا قول الله
قال تعالى {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } - [سورة الزلزلة]
قال تعالى : {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ(25) }[ سورة النــور]
قال تعالى:{ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً } [النساء:123]
وصدق الله : { فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }[القصص: من الآية84]
ومن الغباء - واسمحوا لي بهذا اللفظ - أن يعيش الإنسان حياته كلها بعد انفصاله عن زوجته ليس وراءه إلا محاولة الاساءة لها بشتى الطرق القانونية وغيرها ومضايقتها بأي صورة لمجرد أنها جرؤت وطلبت الطلاق وجزاءها هذا ثأرا لكرامته، لقد وصل الأمر إلى أن قال لي والد أحد هذه السيدات بعد طلاقها "والله أخاف أن أزوجها لأنه سيؤذيها فأفضل لها أن تبقى دون زواج" (ملحوظة ابنته في الثلاثين من عمرها)، من أعطى هذا الرجل حق منع امرأة من الزواج، اتعلمون اخوتي أن قضايا الطلاق في المحاكم بعضها يظل عشر سنوات في طلاق ثم استئناف ثم نقض، فتبقى الزوجة معلقة لعشر سنوات يضيع فيها شبابها وأجمل أيام عمرهافي المحاكم، ويتسائل الناس لماذا شاع الفساد، حين تظل امرأة ليست زوجة وليست مطلقة لمدة عشرة سنوات ماذا تنتظرون منها،
إذا كنت اخي الزوج تستحل أن تفعل ذلك بامرأة مستغلا ثغرات القانون فلقد سمعت آيات جعلتني افكر كثيرا وهي من سورة المائدة وهي متلاحقة تصف من لا يحكم بشرع الله بالكفر ثم بالشرك ثم بالفسق
إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) - المائدة
فاحذر يا من تستغل ثغرات القانون لأن عدل الأرض قد لا يحكم بشرع الله فعليك أن تتحرى ماذا يرضي الله فيما تفعله مع زوجتك، ولو وجدت أن شرع الله يعطيها أكثر من الذي منحه لها القانون فهو حق لها في رقبتك لأن عدل القضاء شئ وعدل مالك السماوات والأرض شئ آخر .. وإن استطعت أن تأخذ حقا ليس لك من عدل الأرض (القضاء) فستضطر أن تعطي أضعافه يوم القيامة وستندم يومها وتتمنى لو كنت أعطيت كل ذي حق حقه ولو اعجزك في الدنيا على أن تقف في هذا اليوم أمام العزيز الجبار ليسألك عن حقوق الناس الذي استحللتها بثغرات القانون.
ولم يترك الرحمن من آثر حدود الله على مصالحه الشخصية (من وجهة نظره) في أي شئ حتى في الطلاق، فقد أمر الله سبحانه عباده بتقوى الله وعدم تعدي الحدود وبشرهم بخير كثير وذلك في آيات الآتية من سورة الطلاق:
قال تعالى: فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5)
فلا تنظر أخي ماذا تركت ولكن انظر ماذا ينتظرك من الله عز وجل إن اتقيت الله فيمن ائتمنك عليه
في شرع الله لا يوجد طرف خاسر .. الكل فائز شرط التقوى