روى عدد من الموظفين الشباب، قصصا وروايات حول تورطهم في شرَك بطاقات الائتمان، التي تمنحها البنوك لعملائها وفق مزايا وتسهيلات، تبدو خيالية للمراقبين والمتورطين على حد سواء. وتذهب بنوك إلى حد إعفاء مقتني بطاقات الائتمان أو ما تعرف بـ"الكريدت كارد" من الرسوم خلال السنة الأولى، وتوصلها إلى مقار العمل والسكن وتقدم تسهيلات فيما يتعلق بالسفر والتسوق من خلال منح نقاط على مبدأ "كلما أنفقت أكثر زادت فرصتك بالربح أكثر". وأصبح لافتا أن المحفظة الشخصية للموظفين الشباب الذين يعجبهم "ستايل" الحياة في المنطقة المتحررة نسبيا، باتت تحوي على أنواع وأشكال من "الكرديت كارد" مثل الفضية والماسية والذهبية والبلاتينية. وقد تجتمع في هذه المحفظة "كريدت كارد" لبنوك عدة لم تلتق أبدا في أهدافها أو سياساتها، لكنها اجتمعت على استنزاف جيب المستهلك، كما يقول موظفون، أجرى موقع الأسواق.نت حوارات مفصلة مع عدد كبير منهم، ونقلت عنهم بعض القصص.
حصل على 21 بطاقة ائتمان!
يقول ح. ش. الذي يمتلك خبرة في العمل البنكي، وسبق له أن عمل في بنكين كبيرين في الإمارات "إن ثمة أمرين يورطانك في مصيدة بطاقات الائتمان، أولا: حاجة الفرد، وثانيا: سياسات البنك التسويقية بما فيها العروض المغرية". ويضيف شارحا بداية تورطه "أنه فقد عمله لدى أحد البنوك الكبيرة، وأخفق في الحصول على وظيفة مناسبة، فتراكمت عليه الديون بما فيها مبالغ مستحقة لبطاقتي ائتمان امتلكهما فيما سبق، فاضطر إلى اقتراض 50 ألف درهم من بنك محلي لسد الديون، ولا سيما أنه لم يحصل على الوظيفة لمدة 6 أشهر، وكان لزاما عليه الحصول على جواز سفره للحصول على إقامة جديدة بعد إلغاء الكفيل لإقامته القديمة". وأمام الوضع الجديد، كما يقول، حصل على بطاقة ثالثة لحقتها البطاقة رقم 4 و 5، حتى وصلت بمجملها الآن إلى 21 بطاقة ائتمان من 21 بنكا مختلفا، كان يلجأ في بعض الأحيان إلى سحب بطاقة لتسديد رسوم البطاقات الأخريات، وكذلك لمواجهة أعباء الحياة الباهظة التي لم تسعفه مدخول الوظيفة الجديدة على مواجهتها". ويضيف ح. ش. "تراكمت الديون وخرجت الأمور عن السيطرة، وفوجئت أن بنكين وجها خطابا إلى شرطة دبي لإلزامي بدفع مستحقات بسيطة، ووصل الخبر إلى البنك الذي كنت أعمل به فاستغنى عن خدماتي". وردا على سؤال فيما إذا كانت البنوك تفرض عليه شروطا مقابل الحصول على بطاقة ائتمانية يقول "إن سياسة البنوك واضحة، فهي لا تطلب منك شهادة راتب ولا تستفسر عن وضعك المالي، وهذا جزء من مزايا التسويق عند البنوك وأعتقد أنها لا تخسر شيئا إذا فقد العميل القدرة على السداد، لأنها تستقطع منك أرباح البطاقات ورسوم الإصدار عبر الدفعات الأولى، وكل قروضها تخضع للتأمين، لذلك وفي حال تعثر العميل في السداد ستتحمل شركات التأمين الأعباء".
وجه حسن أغراه وسوء الاستخدام أوقعه
ويروي الشاب محمد الأسيوطي وهو مصري الجنسية قصة من نوع آخر، يقول فيها "فتاة بمنظر أخاذ اجتمعت معي وعرضت علي بطاقة ائتمانية قيمتها 7700 درهم وأقنعتني بأهمية استخدامها للطوارئ وفي حالات السفر، فاقتنعت وحصلت على البطاقة بعد نحو 5 أيام في مقر عملي، استخدمت البطاقة في كل مكان، حتى نفذ منها الرصيد، وكنت قد حصلت على شيك آخر بقيمة البطاقة نقدا، وكان هذا أول قرض تورطت به حتى الآن، ولا أعرف كيف سأنتهي منه لأنني من محدودي الدخل وراتبي لا يكفي إطلاقا لمواجهة تكاليف الحياة المرتفعة في الخليج". ويضيف محمد "الفتاة لم تبالغ في شرح مزايا البطاقة وأهميتها لحالات الطوارئ والسفريات الخارجية، لكن استخدامي الخاطئ لها ورطني في نكد الديون".
آلاف العملاء يتقاطرون على المصيدة
ورغم بعض القصص المحبطة، فإن سوق "الكريدت كارد يشهد معدلات نمو قوية، وينضم يوميا آلاف العملاء الجدد إلى قائمة مستخدمي هذه البطاقات، وتعد السعودية أكبر سوق استهلاكية في الخليج لهذه البطاقات تليها الإمارات. ويتوقع القائمون على صناعة بطاقات الائتمان وأبرزهم "ماستر كاردز" نموّا يبلغ 11 % سنويّا، بحيث تصبح جزادين كل فرد تحتوي على بطاقة واحدة على الأقل في غضون السنوات العشر المقبلة. ويراهنون في ذلك على وعي المستهلك بأهمية ومزايا استخدام البطاقات وتطور البنية المصرفية الخليجية على العموم.
الرسوم والفوائد تضاعف الحمل
وفي حكاية أخرى يقول موظف لبناني يعمل في منطقة جبل علي بدبي ، إنه حصل على 7 بطاقات ائتمانية، وهو غير متأخر في التسديد، لكن المشكلة أن الرسوم والفوائد على بطاقتين وخلال 3 أعوام من الاستخدام ضاعفا قيمة البطاقتين من 14 ألف إلى 24 ألف درهم". ويضيف أنه حاول الاستفسار عدة مرات، وكان البنك يزوده بتفصيلات وبيانات البطاقة واستخدامها، ولكنه لم يفهم منها شيئا ولا ينفي أنه تأخر عدة مرات في تسديد المبالغ المستحقة؛ لأنه كان يعتقد أن البنك يستقطع منه المبالغ تلقائيًّا. وتعاني البنوك من قلة وعي أغلب العملاء باستخدامات البطاقات الائتمانية، وقلما تلجأ البنوك إلى برامج تلفزيونية أو إعلانية للتعريف بخدماتها وطرق استخدام البطاقات وتسديد الرسوم والفوائد. ويحذر مراقبون من الإفراط في استخدام الأشخاص للبطاقات الائتمانية التي تراكم الديون على شريحة المستخدمين وتساهم في مشكلة التضخم التي تعاني منها جميع دول الخليج على درجات متفاوتة.