العبادة .. كتاب الله .. الإسلام

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : للإمام علي بن أبي طالب | المصدر : www.alameron.com

 

مفهوم العبادة

قال الإمام علي بن أبي طالب
 
فَرَضَ اللهُ الإيمان تَطْهِيراً مِنَ الشِّرْكِ، وَالصَّلاَةَ تَنْزِيهاً عَنِ الْكِبْرِ، وَالزَّكَاةَ تَسْبِيباً لِلرِّزْقِ، وَالصِّيَامَ ابْتِلاَءً لإخلاص الْخَلْقِ، وَالْحَجَّ تَقْرِبَةً لِلدِّينِ، وَالْجِهَادَ عِزّاً للإسلام، والأمر بِالْمَعْرُوفِ مَصْلَحَةً لِلْعَوَامِّ، وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ رَدْعاً لِلسُّفَهَاءِ، وَصِلَةَ الأرحام مَنْماةً لِلْعَدَدِ، وَالْقِصَاصَ حَقْناً لِلدِّمَاءِ، وَإِقَامَةَ الْحُدُودِ إِعْظَاماً لِلْمَحَارِمِ، وَتَرْكَ شُرْبِ الْخَمْرِ تَحْصِيناً لِلْعَقْلِ، وَمُجَانَبَةَ السَّرِقَةِ إِيجاباً لِلْعِفَّةِ، وَتَرْكَ الزِّنَى تَحْصِيناً لِلنَّسَبِ، وَتَرْكَ اللِّوَاطِ تَكْثِيراً لِلنَّسْلِ، وَالشَّهَادَاتِ اسْتِظهَاراً عَلَى الْـمُجَاحَدَاتِ، وَتَرْكَ الْكَذِبِ تَشْرِيفاً لِلصِّدْقِ، وَالسَّلاَمَ أَمَاناً مِنَ الْـمَخَاوِفِ، وَالإْمَامَةَ نِظَاماً لِلاُْمَّةِ، وَالطَّاعَةَ تَعْظِيماً لِلإِْمَامَةِ.
 

 
كتاب الله
يقول الإمام علي :
كِتَابَ رَبِّكُمْ فِيكُمْ , مُبَيِّناً حَلاَلَهُ وَحَرامَهُ، وَفَرَائِضَهُ وَفَضَائِلَهُ، وَنَاسِخَهُ وَمَنْسُوخَهُ، وَرُخَصَهُ وَعَزَائِمَهُ، وَخَاصَّهُ وَعَامَّهُ، وَعِبَرَهُ وَأَمْثَالَهُ، وَمُرْسَلَهُ وَمَحْدُودَه، وَمُحْكَمَهُ وَمُتَشَابِهَهُ، مُفَسِّراً جُمَلَهُ، وَمُبَيِّناً غَوَامِضَهُ. بَيْنَ مَأْخُوذ مِيثَاقُ عِلْمِهِ، وَمُوَسَّع عَلَى العِبَادِ في جَهْلِهِ، وَبَيْنَ مُثْبَت في الكِتابِ فَرْضُهُ، وَمَعْلُوم في السُّنَّهِ نَسْخُهُ، وَوَاجب في السُّنَّةِ أَخْذُهُ، وَمُرَخَّص في الكِتابِ تَرْكُهُ، وَبَيْنَ وَاجِب بِوَقْتِهِ، وَزَائِل في مُسْتَقْبَلِهِ، وَمُبَايَنٌ بَيْنَ مَحَارِمِهِ، مِنْ كَبير أَوْعَدَ عَلَيْهِ نِيرَانَهُ، أَوْ صَغِير أَرْصَدَ لَهُ غُفْرَانَهُ، وَبَيْنَ مَقْبُول في أَدْنَاهُ، ومُوَسَّع في أَقْصَاهُ[1], وَاعْلَمُوا أَنَّ هذَا الْقُرْآنَ هُوَ النَّاصِحُ الَّذِي لاَ يَغُشُّ، وَالْهَادِي الَّذِي لاَ يُضِلُّ، وَالُْمحَدِّثُ الَّذِي لاَ يَكْذِبُ، وَمَا جَالَسَ هذَا الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلاَّ قَامَ عَنْهُ بِزِيَادَة أَوْ نُقْصَان: زِيَادَة فِي هُدىً، أَوْ نُقْصَان مِنْ عَمىً.وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى أَحَد بَعْدَ الْقُرْآنِ مِنْ فَاقَة[2]، وَلاَ لاحَد قَبْلَ الْقُرْآنِ مِنْ غِنىً; فَاسْتَشْفُوهُ مِنْ أَدْوَائِكُمْ، وَاسْتَعِينُوا بِهِ عَلَى لاَْوَائِكُمْ[3]، فَإنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ أَكْبَرِ الدَّاءِ، وَهُوَ الْكُفْرُ وَالنِّفَاقُ، وَالْغَيُّ وَالضَّلاَلُ، فَاسْأَلُوا اللهَ بِهِ، وَتَوَجَّهُوا إِلَيْهِ بِحُبِّهِ، وَلاَ تَسْأَلُوا بِهِ خَلْقَهُ، إنَّهُ مَا تَوَجَّهَ الْعِبَادُ إلَى اللهِ بِمِثْلِهِ, وَاعْلَمُوا أَنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَقَائِلٌ مُصَدَّقٌ، وَأَنَّهُ مَنْ شَفَعَ لَهُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُفِّعَ فِيهِ، وَمَنْ مَحَلَ بِهِ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صُدِّقَ عَلَيْه، فَإنَّهُ يُنَادِي مُنَاد يَوْمَ الْقِيَامةِ: أَلاَ إنَّ كُلَّ حَارِث مُبْتَلىً فِي حَرْثِهِ وَعَاقِبَةِ عَمَلِهِ، غَيْرَ حَرَثَةِ الْقُرآنِ; فَكُونُوا مِنْ حَرَثَتِهِ وَأَتْبَاعِهِ، وَاسْتَدِلُّوهُ عَلى رِّبِّكُمْ، وَاسْتَنْصِحُوهُ عَلى أَنْفُسِكُمْ، وَاتَّهِمُوا عَلَيْهِ آرَاءَكُمْ، وَاسْتَغِشُّوا فِيهِ أَهْوَاءَكُمْ[4], وَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَعِظْ أَحَداً بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ حَبْلُ اللهِ الْمَتِينُ، وَسَبَبُهُ الاَْمِينُ، وَفِيهِ رَبِيعُ الْقَلْبِ، وَيَنَابِيعُ الْعِلْمِ، وَمَا لِلْقَلْبِ جَلاَءٌ غَيْرُهُ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ الْمُتَذَكِّرُونَ، وَبَقِيَ النَّاسُونَ أَوِ الْمُتَنَاسُونَ.فَإِذَا رَأَيْتُمْ خَيْراً فَأَعِينُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ شَرّاً فَاذْهَبُوا عَنْهُ، فَإنَّ رَسُولَ اللهِ(صلى الله عليه وآله)كَانَ يَقُولُ: «يَابْنَ آدَمَ، اعْمَلِ الْخَيْرَ وَدَعِ الشَّرَّ، فَإِذَا أَنْتَ جَوَادٌ قَاصِدٌ»[5]
[1]الخطبة 1
[2] فَاقَة: أي فقر وحاجة إلى هاد سواه
[3]اللأواء : الشدة
[4]الخطبة 176
[5]الخطبة 177
الإسلام
.... ثُمَّ إِنَّ هذَا الاْسْلاَمَ دِينُ اللهِ الَّذِي اصْطَفَاهُ لِنَفْسهِ، وَاصْطَنَعَهُ عَلى عَيْنِهِ، وَأَصْفَاهُ خِيْرَةَ خَلْقِهِ، وَأَقَامَ دَعَائِمَهُ عَلَى مَحَبَّتِهِ، أَذَلَّ الاَْدْيَانَ بِعِزّه، وَوَضَعَ الْمِلَلَ بِرَفْعِهِ، وَأَهَانَ أَعْدَاءَهُ بِكَرَامَتِهِ، وَخَذَلَ مُحَادِّيهِ بِنَصْرِهِ، وَهَدَمَ أَرْكَانَ الضَّلاَلَةِ بِرُكْنِهِ، وَسَقَى مَنْ عَطِشَ مِنْ حِيَاضِهِ، وَأَتْأَقَ الْحِيَاضَ بِمَوَاتِحِهِ[1].ثُمَّ جَعَلَهُ لاَ انْفِصَامَ لِعُرْوَتِهِ، وَلاَ فَكَّ لِحَلْقَتِهِ، وَلاَ انْهِدَامَ لاَِسَاسِهِ، وَلاَ زَوَالَ لِدَعَائِمِهِ، وَلاَ انْقِلاَعَ لِشَجَرَتِهِ، وَلاَ انْقِطَاعَ لِمُدَّتِهِ، وَلاَ عَفَاءَ لِشَرَائِعِهِ، وَلاَ جَذَّ لِفُرُوعِهِ، وَلاَ ضَنْكَ لِطُرُقِهِ، و َلاَ وُعُوثَةَ لِسُهُولَتِهِ، و َلاَ سَوَادَ لِوَضَحِهِ، وَلاَ عِوَجَ لاِنْتِصَابِهِ، وَلاَ عَصَلَ فِي عُودِهِ[2]، وَلاَ وَعَثَ لِفَجَّهِ[3]، وَلاَ انْطِفَاءَ لِمَصَابِيحِهِ، وَلاَ مَرَارَةَ لِحَلاَوَتِهِ.فَهُوَ دَعَائِمُ أَسَاخَ فِي الْحَقِّ أَسْنَاخَهَا[4]، وَثَبَّتَ لَهَا آسَاسَهَا، وَيَنَابِيعُ غَزُرَتْ عُيُونُهَا، وَمَصَابِيحُ شَبَّتْ نِيرَانُهَا، وَمَنَارٌ اقْتَدَى بِهَا سُفَّارُهَا، وَأَعلاَمٌ قُصِدَ بِهَا فِجَاجُهَا، وَمَنَاهِلُ رَوِيَ بِهَا وُرَّادُهَا[5]
 
[1] تَئِقَ الحوضُ ـ كفرح ـ: امتلا، وأتأقه: ملاه. . المواتح ـ جمع ماتح ـ: نازع الماء من الحوض
[2] العَصَل ـ بفتح الصاد ـ: الاعوجاج يصعب تقويمه
[3] وَعَث الطريق: تعسّر المشي فيه. الفَجّ: الطريق الواسع بين جبلين
[4] أساخ: أثبت، وأصل ساخ: غاص في لين وخاض فيه. الاسْناخ: الاصول
[5]الخطبة 198