حكم الصلاة خلف من عضل بناته
الناقل :
heba
| الكاتب الأصلى :
ابن باز
| المصدر :
www.binbaz.org.sa
هذا السائل يعرض مشكلة اجتماعية خطيرة جداً، وأعتقد انتشرت في البوادي كما انتشرت أيضاً في الحضر يقول: يوجد هناك رجل عنده أربع بنات، الكبرى عمرها 35 سنة والصغرى 20 سنة وقد طلبن للزواج وأبى وليهن أن يزوجهن وهو أيضاً إمام جامع، نريد أن نقول أولاً: هل يجوز أن يصلي بنا وهو على هذه الحالة؟
ج/ بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعـد: فلا شك أن الواجب على ولي البنات والأخوات ونحوهن أن يتقي الله عز وجل، وأن يحرص على تزويجهن بالكفء إذا حصل، وأن لا يعضلهن لحظ من الحظوظ كالرغبة في خدمتهن، أو موتهن لأن لهن مالاً حتى لا يشاركه أحد في المال، أو ما أشبه ذلك من المقاصد الخبيثة، فالواجب على الولي أن يبادر بتزويج المرأة إذا خطبها الكفء؛ لأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، أو كما قال عليه الصلاة والسلام. والحاصل أن الأمانة يجب أن يعتنى بها، والبنت والأخت أو نحوهما أمانة عند الولي، فالواجب عليه أن لا يضر هذه الأمانة وأن لا يسيء إليها، بل يجب عليه أن يحسن عليها، وأن يزوجها الكفء من دون تعطيل ولا عضل ولا إيذاء، وهذا الرجل الذي سئل عنه أن عنده أربع بنات الكبرى منهن تبلغ خمساً وثلاثين سنة هذا لا شك أنه قد غلط غلطاً كبيراً إذا تأخر بزواجهن من دون عذرٍ شرعي، والواجب عليه أن يبادر بالتزويج إذا جاء الكفء وأن لا يتأخر، فيجب أن ينصح وأن يوجه للخير، ويجب على من يعرفه من جيرانه وأقاربه وأهل بلده أن ينصحوه وأن يحذروه من مغبة هذا الأمر، وكذلك ينبغي أن يُبلغ حاكم البلد -القاضي- حتى يحذره وحتى يعظه ويذكره من مغبة هذا العمل، والدين النصيحة والمسلم أخو المسلم ينصحه ولا يهمله، هكذا يجب على المسلمين فيما بينهم، إذا رأوا مثل هذا أن ينصحوه وأن لا يهملوه؛ لأن هذا يضر المجتمع، وربما أفضى بالبنات إلا ما لا تحمد عقباه، أما الصلاة خلفه، فالصلاة خلفه صحيحة على الراجح، لأن الراجح أن الصلاة خلف الفاسق صحيحة، وإنما تبطل إذا كان الإمام كافراً، أما إذا كان مسلماً عاصً مثل هذا أو مثل إنسان عنده معاصٍ معروفة أخرى كشرب المسكر في بعض الأحيان، أو كالتدخين أو كحلق اللحى أو مثل هذه المعاصي كلها لا تمنع من الإمامة، لكن ينبغي أن يلتمس الإمام الأفضل، وينبغي أن يعزل إذا كان مصراً على هذا العمل، ينبغي أن يعزل ويؤتى بمن هو أسلم منه، لكن لو صلى خلفه صحت الصلاة، ولكنها خلف السليم أفضل وأولى، ومثل هذا وأشباهه لا ينبغي أن يقر، بل ينبغي أن ينصح، فإن استقام وإلا يعزل عن الإمامة، يعني معصية كبيرة وظلم، فلا ينبغي أن يترك على هذه المعصية، بل ينبغي أن يعزل عن عمله هذا تأديباً له، ورعايةً لحال المأمومين حتى لا يتولى إمامتهم إلا من هو معروف بالاستقامة والديانة والبعد عن المعاصي، وبكل حال ينبغي أن يحذر هذا من هذا العمل السيء، وأن يؤمر بتزويج بناته إذا خطبهن الأكفاء، وليس له أن يتأخر في ذلك أبداً. أيضاً يقول: ما هو المخرج لهؤلاء الفتيات اللاتي وقعن في هذا المأزق الحرج؟ ج/ لهن مخارج منها أن يتكلمن مع والدهن بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، ويقلن: إن ما يخفى عليك أن الزواج فيه مصالح كثيرة، والبنت بدون زواج على خطر، تريد العفة، تريد الأولاد، فنرجو من والدنا أن لا يتأخر عن الكفء إذا خطب، بالأسلوب الحسن لعله يلين ولعله ينفع فيه الكلام، فإن لم يستطعن ذلك أو فعلنه ولم يجد فيستعن أيضاً بمن يرين فيه الخير من الأقارب كأعمامه وأقاربه الذين يقدرهم ويحترمهم؛ لعلهم يشفعون ولعلهم ينصحونه، فإن لم يتيسر لهن من يقوم بذلك ولم يجد فيه مثل هذا فلا مانع من رفع الشكوى إلى المحكمة، إلى القاضي أو إلى ولي الأمر، مثل الأمير أو من ولي أمر البلاد، أمير أو قاضي حتى يحصل التعاون على إزالة هذا الشخص، لكن البداءة بالأسلوب الحسن أولى، البداءة بالكلام معه منهن بالأسلوب الحسن قد يكون هذا أقرب إلى عطفه عليهن وإلى تركه هذا الظلم، وإذا لم يتيسر هذا لأنهن يخشينه، يخشين شره وضربه لهن أو لأنه لم يمتثل فإنهن يطلبن من الأقارب الجيدين، يعني من الكبار الذين يقدرهم ويحترمهم أن يتوسطوا وأن يشفعوا إليه حتى يدع هذا الظلم، فإن لم يجد هذا ولا هذا ولا يتيسر هذا ولا هذا فلا مانع من الشكوى إلى القاضي أو إلى الأمير أو إليهما جميعاً لحل هذه المشكلة.