صدق النية في تغيير السلوك غير المرغوب فيه (1) هذا البيانِ مِنْ النيةِ الصادقة يَجِبُ أَنْ يَكُونَ محددا جداً. لقَد قررت أن أدرس بانتظام لمدة ساعتين يوميا، كَيْفَ ستَحْسبُ أَو تَقِيسُ هذا حقاً؟ لقَولك "أنا سَأَدْرسُ ساعتين يومياً وبتركيز جيد". يُمْكِنكُ أَنْ تَقيم ظروفكَ خلال أيامِ الأسبوع المختلفة، ونظام الوقت الذي ستقوم فيه بدراسة هاتين الساعتين. يقول شخص آخر: "سَأَصِلُ إلى العمل في الوقت المناسب" قَدْ أكُون مبهماَ جداً. هَلْ وُصُولي إلى عملي دقيقتين متأخراً هو الوقت المناسب؟ ماذا لو تأخرت عشْرة دقائقِ يوميا؟ ماذا يحدث لو أننيَّ وَصلت في وقت متأخّر ومشرفي في العمل لم يلاحظَ ذلك؟ إنه من الأفضل بكثير أن نذكر شيئاً مُعيّنا، ثم نحرص على الالتزام به؛ مثل: "سَأَصِلُ إلى مكتبيِ -بإذن الله- كل صباح قبل الساعة التّاسعة". حتى "الذي سَيَصِلُ" قَدْ يَكُون غير واضح. هَلْ يَعْني ذلك وقتَ وَصوليَ إلى مدخل البنايةِ مثلا. أو هو وقت جلوسي في مكتبي؟ إن هذا يُؤكّدُ ضرورةَ تَشخيص السلوكِ المُخْتَلِفِ اشتركَ في "لا يُؤجَّل عمل اليوم إلى الغد"، "أنْ يَكُونَ يومك أكثر تنظيماً"، "أن يُحسِنُ استعمال وقتِه" بدون بيان مُعيّن مِنْ النيةِ، إن هذا يُصبحُ سهلاً لخداع نفسك وإلى اعتِقادك بأنك وفيت ونفذت قسمك، إنه من الأسهل بالنسبة لك اعتِقادك بأنك "متناغم أكثر مع العالمِ". فإذا تصورت مثلاً أنك فَقدتَ عشَرة كيلوجراماتَ من وزنك نتيجة لممارستك رياضة معينة، ولكن بدون حمية، فقد تكتشف عند وزنك لنفسك أنّك قد كَسبتَ ثلاثة كيلوجرامات فوق وزنك ولم تنقص!؛ فالمقياس هنا والمحك هو الميزان وليس تخيلاتك أو تصوراتك، لذا لابد من كتابتك لنيتك ثم تتابع التغيير الحادث بعد ذلك بالقياس وليس بتخيلك وتصورك لما تريد؛ لذا فأنت لا تَستطيعُ تَغيير سلوكك غير المرغوب بشكل غير مقصود أو مُتبِعاً لأهوائك ورغباتك ونزواتك!. (2) أخبر شخصا آخر بنيتَكَ في تغيير سلوك لا ترغب فيه لديك، ومن الأفضل أن توضح لصديقك ما كتبته لتغيير سلوكك، يَجِبُ أَنْ يكون هذا الصديق قادراً على أَنْ يُراقبَ التغيير الذي سيحدث في سلوكك هذا، وأن يكون هذا الصديق من الأمناء المخلصين لك بحيث يخبرك بلا مجاملة أو تردد إذا أنت لم تلتزم بخطوات تغيير هذا السلوك. الحذر: من أن صديقك يُعزِّز نيتك بالمديح حتى وإن لم تكن مُلتزماً بخطوات تغيير السلوك. ولا يَجِبُ عليك أَن تُثني على نفسك بمجرد امتِلاكك لنيةِ تغيير سلوك غير مرغوب فيه، على كل حال، لا تَذْهبْ إلى النهايةِ المعاكسةِ وتَبدي نيتَكَ إلى شخص ما، قد يجعلك هذا الشخص محبطا و غير راغب في تغيير سلوك غير مرغوب فيه؛ كالتدخين مثلا، إن هذا يَجْعلُ الأمر أكثر صعوبة عليك لتَطوير نواياك المستقبلية في تغيير سلوكياتك إلى الأفضل. (3) أجعل تنفيذ نيتكَ في المستقبل القريبِ؛ وذلك لإنجاز ما تريده من تغيير سلوكيات غير مرغوبة تعاني منها، وبالتالي فأنت ترغب في التخلص منها، ولكنك تستصعب تخلصك منها، لأنك اعتدت عليها، والحل من هذه المعضلة هو التسويف، مثلا وعد سامي والدته بعدم شرب الخمور، وغيرها من المخدرات يوم عيد الميلاد قائلا: "يا أمي لَنْ أَسْكرَ ثانيةً في حفلة عيد الميلادِ، ولن أتناول أي نوع آخر من المخدرات في هذه المناسبة، إن المخدرات والخمور كادت تقتلني هذا العام!"، لقد أعطى عادل هذا الوعد لأمه وهو راقد على سرير المستشفى في العاشر من يناير هذا العام، بعد أن تسمم من الجرعات العالية من الخمور والمخدرات التي أخذها بمناسبة احتفاله مع شلة من زملائه وزميلاته بمناسبة العام الميلادي الجديد في إحدى الشقق المفروشة على النيل بالقاهرة، وهذا الوعد بعيد الأمد والمدة؛ لذا فإن هذا الوعد لا يُعتبر عقدا جيدا ومناسبا؛ لأن الفرصة القادمةَ لتَنفيذه بعيدة جداً عن تاريخ إعطاء مثل ذلك الوعد. (4) تهدف العقود والعهود المبرمة مع النفس لتغيير بعض السلوكيات غير المرغوبة إلى تحقيق سلسلة من النجاحاتِ في الحياتين العملية والاجتماعية، فما تنتقى من سلوكيات لتغييرها إلى سلوكيات أفضل سيجعل عِنْدَكَ فرصة قوية للنجاحِ في عملكِ وفي حياتك الخاصة، وإن نجاحك في أهم ميدانين من ميادين حياتك سَيَجْعلُ الأمر أكثر سهولة عليك في اتِّخاذ الإجراءِات اللازمة لتغيير سلوكيات أخرى في حياتك إلى الأفضل. إذا كان هناك طالب في الصف الأول الثانوي يُحاولُ الدِراسَة في مقرر التاريخ ِ لديه لذلك العام، بينما معه في الصالة المجاورة أخيه الصغير، ابن الخمس أعوام، يشاهد فيلما كرتونيا عن "توم وجيري"، فالأخ الأكبر يَحْصلُ على مُحفزٍِ مُميّزٍ، والذي يجعله أيضا يستمتع ويَحْصلُ على قدر من السرورِ والمتعة مِنْ مشاهدته لهذا الفيلم الكرتوني مع أخيه الأصغر (تعزيز إيجابي)، بينما سيكون العكس تماما إذا شاهد في هذه اللحظة برنامجاً عن تاريخ النهضة الصناعية في أوربا خلال القرن التاسع عشر، والمقرر عليه في كتاب التاريخ (تعزيز سلبي). لذا فهو يَتوقّفُ عن دِراسةِ التاريخ فوراً وينصرف إلى مشاهدة الفيلم الكرتوني عن توم وجيري بالتليفزيون!!. لذا عليك كطالب تسعى إلى التفوق في دراستك أن تُعيدَ ترتّب بيئتَكَ لكي تُزيل الدوافع للسلوكِ غير المرغوبِ فيه وتَقوّي الدوافع للسلوكِ المطلوبِ؛ على سبيل المثال، أنقل هذا التليفزيون من الصالة المجاورة لغرفتك إلى حجرة بعيدة بطرف المنزل بحيث لا يجذب انتباهك الصوت أو الصورة في هذا التليفزيون، وذلك بالطبع بعد استئذان والديك وباقي أفراد الأسرة في القيام بهذه الخطوة، وأعتقد أنهم جميعا أو معظمهم سيرحبون بذلك، بعد أن توضح لهم كيف أن برامج التليفزيون المُغرية تشغلك عن دراستك؟؛ وهم بالتأكيد يسعدهم نجاحك وتفوقك الدراسي، إن هذا التصرف سَيُسهل لك حسن آدائك الدراسي، وعَمَل واجباتك المنزلية في غرفة بعيدة عن إغراء مشاهدة البرامج والمباريات والمسلسلات والأفلام التلفزيونية؛ فهذا التصرف يُزيلُ المُحفّزَ غير المرغوب لبرامجِ التليفزيون، أليس كذلك؟!.