- القلق : إن القلق يصاحب الإنسان من مولده وحتى وفاته، وربما يكون هذا مصداقًا للآية الكريمة (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ)(البلد:4) فهو يكابد آلام الولادة ويكابد مشكلات الرضاعة والتربية والاتصال والانفصال والخوف من فقد الأم (مصدر الحب والرعاية والحنان) أو فقد الأب(مصدر الإنفاق والحماية)، وفى كل مرحلة توجد مصادر عديدة للقلق، ومع هذا فإن القلق ليس مرضًا في كل الحالات، بل هو يؤدى وظيفة هامة لبقاء الإنسان إذا ظل في الحدود المقبولة، لأنه يدفع الإنسان للابتعاد عن الأشياء التي تهدد وجوده أو سلامته ولكن إذا زاد القلق عن هذه الحدود فهو يؤثر تأثيرًا سلبيا على الطفل كما سنرى. والقلق عند الطفل يمكن أن يعبر عنه في صورة أعراض نفسية كالخوف المفرط من أشياء لا تستحق، كالخوف من الأشخاص الغرباء والخوف من الظلام والخوف من الحيوانات...الخ، أو العصبية الزائدة والصراخ أو البكاء المستمر والتعلق بالأم طول الوقت، وأحيانا يظهر في صورة أعراض جسمانية كفقد الشهية للطعام وفقد الوزن واضطرابات البطن وكثرة التعرض للالتهابات، والقيء المتكرر، وعدم الاستقرار الحركي..الخ. ويمكن استعراض أنواع القلق في فترة طويلة كالآتي: 1- قلق الانفصال: حيث يصاب الطفل بخوف شديد عند أي محاولة لإبعاده عن أمه ويظل ملتصقا بها طول الوقت أينما ذهبت، وتظهر المشكلة أكثر عندما تحاول الأسرة إلحاق الطفل بالحضانة أو المدرسة حيث يرفض الطفل رفضاً تاماً الذهاب إلى أي مكان يبتعد فيه عن أمه، ويصاب بحاله من الهلع إذا تركته الأم في أي مكان وذهبت بعيداً. وهذه الحالة تعالج باستخدام مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات مثل (الاميبرامين) مع بعض مضادات القلق بالإضافة إلى العلاج النفسي وذلك بأن تذهب الأم مع الطفل في اليوم الأول إلى المدرسة وتجلس معه نصف ساعة ثم تعود به، وفى اليوم التالي تجلس فترة أطول ثم تعود به، وفى اليوم التالي تجلس فترة أطول ثم تعود به، وهكذا لمدة أسبوع. وفى الأسبوع الثاني يذهب الأب مع الطفل ويكرر ما فعلته الأم، ثم يبدأ الأب بالانسحاب التدريجي في الوقت الذي يكون الطفل فيه قد ارتبط بالمكان والأطفال. 2- التجنب: في هذه الحالة نجد الطفل خائفًا ومتجنبا كل شيء، يتجنب أي موقف جديد أو علاقة جديدة مع أحد ويتجنب أي محاولة جديدة للتعرف على الأشياء من حوله ويظل يدور في محيطه المألوف الضيق. 3- القلق المفرط: مثال ذلك الطفل الذي يتوتر ويضطرب لأي تغيير في حياته، فهو يقلق مع دخول المدراس قلقًا شديداً، ويقلق إذا حضر ضيوف غرباء إلى البيت، ويقلق إذا انتقلت الأسرة لمنزل جديد، ويقلق بشدة إذا ولد للأسرة طفل جديد.. وهكذا نجده يقلق لأي حدث عادى في الحياة بشكل يتجاوز حدود القلق الطبيعي فهو باختصار يحمل هم كل شيء ويجده صعباً مخيفاً. 4- الرهاب: وهو حالة من الهلع عند رؤية شيء معين أو المرور بموقف معين فقد تحدث هذه الحالة مثلاً عندما يرى الطفل قطة أو فأرًا أو ثعبانًا أو كلبًا أو أحد الأشخاص أو أن يكون في مكان مرتفع أو مكان واسع مفتوح أو مكان مغلق مزدحم وفي هذه الحالات يكون الطفل في حالة فزع شديد ووجه مصفر وعرقه غزير ونبضه سريع ويداه باردتان مرتعشتان، ويحاول الاحتماء بأقرب شخص إليه. 5- الوسواس: ويأخذ شكل أفكار معينة تتسلط على الطفل ويظل مشغولاً بها طول الوقت ولا يستطيع التخلص منها، أو يكون في صورة فعل قهري كأن يكرر غسل يديه مرات عديدة ويقضي في دورة المياه أوقاتًا طويلة ليتأكد أنه تطهر من نجاسته، أو يعيد الوضوء مرات عديدة أو يعيد الصلاة أو يصر على غسل ملابسه إذا مرت بجوار قطة...الخ. وهذه الأنواع المختلفة من القلق يمكن علاجها بمضادات القلق ومضادات الاكتئاب والعلاج النفسي الفردي أو السلوكي أو العائلي أو كلاهما معاً وعلى الأسرة أن تراجع طريقة تربيتها لأطفالها فتجعل جو البيت آمنا هادئاً ولا تبالغ في الخوف من الأحداث أو الأشياء وتعود الطفل على الاستقلال والمغامرة لاكتشاف البيئة من حوله، وعلى الأم ألا تبالغ في الخوف من النجاسة أو القذارة لأن الأصل في الأشياء الطهارة، فقد وجد أن نسبة كبيرة من حالات الوسواس القهري لدى الأبناء يكون سببها النظام الصارم للام (أو الأب) الذي يتشكك في النظافة والطهارة والنظام ويبالغ في التدقيق في كل شيء. اقرأ أيضًا بين التعلق والعلاقة : قلق الانفصال/ قلق الانفصال في الطفولة/ الوسواس القهري في الأطفال 6- اضطراب السلوك : يعرف اضطراب السلوك بأنه هو النمط الثابت والمتكرر من السلوك ـ العدواني أو غير العدواني ـ الذي تنتهك فيه حقوق الآخرين أو قيم المجتمع الأساسية. واضطرب السلوك يمكن أن يظهر في أحد الأشكال التالية: 1- العدوان: طفل كثير الشجار والعراك مع إخوانه وزملائه في المدرسة، يميل دائمًا إلى استخدام الألفاظ النابية في تعامله مع الآخرين ويميل أيضًا لاستخدامه يديه ورجليه، يحطم الأشياء في البيت والمدرسة، لا يكتفي بالاعتداء على الحيوانات فيخنق القطط والعصافير والكلاب وأحيانا يعذبها حتى الموت وهو يستمتع بذلك ولا يكف عن إثارة المشكلات أينما ذهب. ولهذا السلوك العدواني أسباب يمكن أن نوجزها فيما يلي: - محاولة الطفل لجذب انتباه الآخرين إليه خاصة إذا كان يحس أنه مهمل في البيت أو المدرسة. - حماية نفسه بهذا السلوك العدواني خصوصًا إذا كان يعيش في بيئة يسود فيها العنف والعدوان والسيطرة للأقوى. - رؤية مشاهد العنف في الأفلام والمسلسلات، ويعتبر هذا من أهم الأسباب التي تساعد على ظهور السلوك العدواني، فالطفل حين يشاهد أفلام العنف فانه يقلد السلوكيات العنيفة التي رآها وأعجب بها، وفى نفس الوقت تقل حساسيته لعواقب السلوك العدواني فهو يرى كل يوم بطل الفيلم يقتل ويدمر ولا يحدث له شيء بل يظهر في صورة براقة وأحيانا يأخذ صورة البطل الذي يقتل ويدمر ليساعد الناس، والطفل يتعلم من هذه الأفلام والمسلسلات أنماطًا جديدة للسلوك العدواني لم يكن يعرفها ومن الأمثلة الواضحة على هذا التأثير مسلسلي هرقليز وزينا وهما مسلسلين عالميين عُرضا في أغلب تليفزيونات العالم، وأثناء عرضهما كنا نجد الأطفال في المنازل يجلسون في صمت شديد يتابعون أحداث العنف المتتالية بشغف شديد، وما أن ينتهي المسلسل حتى يندفع الأطفال مباشرة ليقفزوا في الهواء وليضربوا أقرانهم وليحطموا الأشياء في المنزل أو في الشارع. - أو يكون السلوك العدواني تعبيرًا عن الغيرة خاصة بعد مولد طفل جديد، أو غيرة الطفل من بقية أخواته أو زملائه إذا كانوا متفوقين عليه في أحد الجوانب وهو يعجز عن اللحاق بهم. - ويعتبر الإحباط من أقوى الدوافع للعنف والسلوك العدواني، فحين يشعر الطفل بأنه لن يستطيع تحقيق أهدافه بشكل طبيعي فإن طاقته تتجه إلى العدوان لتحطيم الموانع التي تحول دون ذلك. - والطفل الذي يتعرض للعقاب الجسماني من أحد أبويه أو كليهما أو المدرسين في المدرسة فإنه يميل إلى أن يكون عدوانياً، لأنه لا يستطيع أن يرد عدوان الأب أو الأم أو المدرس فيتجه إلى إخوته وزملائه. - أو يكون السلوك العدواني نتيجة تهاون من الوالدين فيجد الطفل الطريق مفتوح أمامه لممارسة عدوانه دون حساب. 2- السرقة: أحضرت أم ابنتها البالغة من العمر12سنة إلى العيادة النفسية وهى تشكو من أن ابنتها تسرق كل ما تقع عليه عينيها من أشياء في المنزل أو المدرسة، وقد سبب هذا مشكلات كثيرة للبنت وللأسرة وخاصة أن الأسرة تتكون من أب في وظيفة محترمة ومتدين والأم كذلك، وقد فشلت كل محاولات الترهيب والترغيب مع هذه البنت. وفعل السرقة يختلف من حاله إلى حالة، وكل حالة تعالج بشكل مختلف طبقا لنوعها وظروفها وفيما يلي نذكر بعض أسباب السرقة لدى الأطفال: - نقص الإحساس بحقوق الملكية، أي أن الطفل يكون غير مدرك للحدود التي تفصل بين ما يملكه هو وما يملكه الآخرين فيظن مثلا أن كل ما في المنزل يعتبر ملكه، وهذا يحدث في الأطفال الصغار أو ذوى الذكاء المحدود، وهذه الحالة تزول بمجرد أن يتعلم الطفل وينضج. - استعادة الأم المفقودة، بمعنى أن الطفل يشعر أنه قد فقد اهتمام أمه ورعايتها له وذلك بسبب ولادة طفل جديد، لذلك فهو يأخذ الأشياء التي هي رمز لحب الأم الذي يحاول استعادته. - أو تكون السرقة مجرد فعل عدواني يريد به الطفل أن يغيظ الأب أو الأم أو الأخوات. - أو تكون رغبة شديدة في الامتلاك. - وأحيانا تكون السرقة محاولة لرد اعتبارات الذات، فمثلاً البنت التي تشعر أنها ليست جميلة وسط زميلاتها تميل إلى سرقة الأشياء من حقائبهن في المدرسة. - وربما يسرق الطفل لمجرد الإثارة حيث يتعلم أن فعل السرقة يثير ردود أفعال لدى الأب والأم ويكسر الملل داخل الأسرة. - وأحيانا تكون السرقة مرضًا يسمى هوس السرقة وفى هذه الحالة لا يكون سببًا واضحًا للسرقة والشخص يميل لأن يسرق أشياء لا يحتاجها، وهو يشعر بالتوتر إذا وجد شيئًا أمامه ولا يزول هذا التوتر إلا بسرقة هذا الشيء. - أو تكون السرقة نتيجة نقص الذكاء حيث لا يعرف المتخلف عقليًا أخذ أشياء لا تخصه. - ويتم عرض حالات السرقة على الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي لمعرفة دوافعها وأنواعها وتحديد خطة العلاج الطبية والنفسية والعائلية. 3- الكذب: وهو أنواع كثيرة نذكر منها ما يلي: - الكذب الخيالي: ويحدث مع الأطفال صغار السن الذين لا يستطيعون التفرقة بين الواقع والخيال فيختلط لديهم هذا بذاك. -كذب المبالغة: وهو أن يضيف الطفل إلى الأحداث الحقيقة أبعادا كثيرة من عنده، وغالبا يكتسب الطفل هذه الصفة من أحد أبويه، كأن يكون أبوه يميل إلى المبالغة في وصف الأشياء. - كذب المحاكاة: حيث يقلد الطفل أحد أفراد الأسرة الذي اعتاد الكذب أمام الطفل. - الكذب الاجتماعي: وهو يحدث حين يحاول الطفل أن يخرج من مأزق اجتماعي بالكذب. - الكذب للدفاع عن النفس: حيث يعتقد الطفل أنه لن يحصل على حقه أو يدفع الأذى عن نفسه إلا بالكذب. - الكذب لجذب الانتباه: فالطفل يريد أن يشد انتباه من حوله بتضخيم الحقيقة أو إضافة أشياء لم تحدث إليها أو أحداث خيالية مثيرة. - الكذب الكيدي: والذي يقصد به الطفل أن يغيظ الآخرين. - الكذب التعويضي: وفى هذه الحالة يشعر الطفل بالضعف أو النقص في جانب ما إن يكون ضعيف البنية مثلاً فيحكي عن بطولات ومغامرات قام بها وهى في الواقع لم تحدث. - الكذب المرضى: وفى هذه الحالة يعتاد الطفل الكذب في كل المواقف حتى ولو لم يعد الكذب عليه بأي نفع. ولاضطراب السلوك عمومًا أسباب كثيرة نذكر منها: أ- عوامل بيولوجية: كالوراثة مثلاً بأن يرث الطفل اضطراب السلوك من أحد أبويه، أو شذوذ الجينات (xyy,xxy ) أو اضطراب وظيفة المخ. ب- عوامل اجتماعية: وهذه العوامل إما أن تكون في الأسرة أو في المجتمع، ففي الأسرة يمكن أن نجد حالات التفكك الأسرى أو العلاقات المضطربة بين الأب والأم والأبناء، أو يكون المجتمع الذي يعيش فيه الطفل يدفع نحو العنف والسرقة والكذب وباقي السلوكيات المضطربة. ت- عوامل نفسية: مثل - اضطراب علاقة الطفل بالأم كأن تكون الأم قاسية أو غير قادرة على إشباع حاجات الطفل البيولوجية والنفسية. - نقص مستوى الذكاء وما يتبعه من عدم قدرة الطفل على التكيف مع المجتمع من حوله وإحساسه الدائم بالدونية. - سيطرة شخصية الأم أو غياب الأب: فكما يقولون في الحكمة:" الرجل لا يربيه إلا رجل" فلكي ينمو الطفل سويًا لابد وأن يكون أمامه نموذجاً للرجل السوي ممثلاً في أبيه، لذلك فالأطفال الذين يعانون من غياب آبائهم نتيجة للسفر أو العمل لمدة طويلة ربما يكونون عرضه لاضطرابات السلوك أكثر من غيرهم. - الشعور بالإحباط: فالطفل الذي يشعر أنه فاشل وأنه لا يستطيع تحقيق آماله وأحلامه نظرًا لصعوبات كثيرة في نفسه (كضعف إمكانياته وملكاته الجسمانية أو النفسية) أو في الأسرة التي لا تسمح له بالتعبير عن نفسه فإنه يلجأ إلى السلوكيات العدوانية كتعويض وكنوع من إثبات الذات ومعاقبة الآخرين الذين أحبطوه. - وإذا سألنا أنفسنا: ما هو العلاج لحالات اضطراب السلوك ؟ فيمكن أن نلخص الإجابة في النقاط التالية: 1- علاج وقائي : وذلك بتجنب كل العوامل البيولوجية والاجتماعية والنفسية سالفة الذكر، وأن نحرص على أن يكون جو الأسرة متسمًا بالأمان والطمأنينة والسماح والحب وأن يكون دور الأب ودور الأم واضحًا، وأن نعامل كل طفل حسب إمكانياته وقدراته ولا نقارنه ببقية أقرانه فيشعر بالعجز والدونية وأن نعطيه الفرصة كاملة للتعبير عن نفسه وعن قدراته دون قهر أو إلغاء لإرادته واختياره، فالتربية الصحيحة ليست إلغاء لإرادة الطفل أو اختياره وإنما هي تدعيم للخيارات الصحيحة ومحاولة توعية وتنبيه تجاه الخيارات الخاطئة فالإنسان ميزه الله تعالى بالإرادة والاختيار ولابد أن يتعلم أن يكون مريدًا ومختاراً حتى في مراحل الطفولة المبكرة لأننا لا نتصور انتزاع ذلك منه حتى يكبر فلو فعلنا ذلك فإن الطفل إما أن يدخل في عناد معنا ليدرب سلوكه أو يلغى ارادته واختياره لصالحنا ولا يستطيع استعادتهما حتى بعد أن يكبر وبهذا يصير اعتماديا عديم الإرادة. ولنا في قصة سيدنا نوح مع ابنه عبرة بالغة فقد نادى نوح ابنه قائلا: (يا بني اركب معنا) فيرفض الابن هذا النداء ويقرر أنه سيأوي لجبل يعصمه من الماء فيوضح له الأب المشفق عليه والعالم أن لا عاصم اليوم من أمر الله فيصر الابن على هذا الخيار فيسلم الأب أمره إلى الله ولا يحاول أن يدفعه للركوب في السفينة قهراً لأنه لو فعل يكون قد ألغى إرادة ابنه واختياره وهذا ما لم يقدره الله تعالى للبشر مهما كانت خيارتهم فللبشر حدود يقفون عندها والله هو القادر على كل شيء (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (القصص:56) وكثير من الآباء أو الأمهات يدخلون في صراع مع الأبناء بهدف تغيير إراداتهم أو خيارتهم وهم يعتقدون أنهم لابد وأن يفعلوا ذلك طوال الوقت ليكونوا مطبقين لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) (متفق عليه) فهم يعتقدون أنهم مكلفين بهداية أبنائهم وهم فعلا مكلفين بذلك ولكن هناك كما يقول الفقهاء نوعين من الهداية النوع الأول: أي الدعوة والنصح والإرشاد والتعليم..الخ. وهذه يستطيع البشر أن يقومون بها وقد بدا بها الأنبياء ويكمل مسيرتهم العلماء والمدرسين والآباء. والنوع الثاني وهو هداية الفعل وهذه لا يملكها إلا الله الذي أعطى للإنسان حرية الاختيار وحرية الفعل ثم يحاسبه بعد ذلك، ليس معنى هذا أننا ندعو الآباء والأمهات إلى أن يتركوا الحبل على الغارب لأبنائهم ولكننا ندعو إلى الحزم الطيب وإلى المعاملة الحسنة والقدوة الحسنة التي يحبها الطفل عن اختيار منه وليس عن قهر يعانده ومن أهم أساليب العلاج الوقائي: أن يكون للأسرة مرجعية واضحة لما هو صحيح وخطأ ولما هو حلال أو حرام وأن يكون مبدأ الصواب والعقاب دائمًا (دونما إفراط أو تفريط) فمنها يتعلم القانون الأخلاقي ويصبح هذا القانون جزء من ذاته يحكم سلوكه داخله فلا يحتاج طوال الوقت لتعديل سلوكه من الخارج ولكن يحدث استنتاج للقانون الديني أو الأخلاقي في شخصية الطفل فلابد أن يحب الطفل هذا القانون من خلال حبه للمربي فإذا لم يستطع الطفل أن يحب المربي (الأب أو الأم أو المدرسة) فإنه يرفض هذا القانون ويعتبره شيئًا خارجيًا مفروضًا عليه فيقاومه وينتهكه كلما استطاع ذلك. 2- علاج الحالة المرضية علاج نفسي واجتماعي: وهذا العلاج يمكن أن يأخذ مساراً تعليميا حيث يتم إعادة تعليم الطفل والأسرة الأساليب الصحية للتعامل، أو أن يأخذ مساراً سلوكيا بأن يوضع الطفل في وسط علاجي يدعم فيه الجوانب الايجابية من خلال نظام التشجيع المعنوي والمكافآت ويضعف الجوانب السلبية من خلال نظام الحرمان من بعض المزايا أو التعرض لبعض العقوبات العلاجية أو أن يأخذ مسارًا أسريًا حيث تدخل الأسرة بأكملها في العلاج على اعتبار أن اضطراب سلوك الطفل يعكس اضطرابًا في الأسرة ككل وأنه لا يمكن إصلاح اضطراب سلوك الطفل إلا بإصلاح المصدر الأساسي لاضطرابه وهو الأسرة ويتم هذا من خلال جلسات متعددة للعلاج الأسري يقوم بها معالج متخصص في العلاج الأسرى. علاج بالعقاقير: فقد ثبت أن لبعض العقاقير تأثير على سلوكيات المضطربة مثل عقار الكاربامازيبين (التيجريتول) أو اللثيوم ( البريانيل) أو الهالوبيريدول (السافينيز) أو مضادات الاكتئاب.