مقابلتي مع نادي اقرأ

الناقل : mahmoud | المصدر : www.shabayek.com

تحمست عندما طلب مني الإخوة في نادي اقرأ إجراء مقابلة معي عبر البريد، وسعدت بالأسئلة وطبيعتها، لكني لم أفهم سبب انعدام التعليقات على المقابلة حين نشروها لديهم. لكن، وحتى لا تضيع الساعات التي قضيتها في إعداد الرد على الأسئلة، رأيت نشرها هنا، كي تعم الفائدة، خاصة وأنها أسئلة متكررة تدور في أذهان من يتابع المدونة.

س/ فن الحرب، أخبرنا عن هذا الكتاب ولماذا اخترت أن تترجمه هو بالذات من بين ملايين الكتب، وعلى أي نسخة اعتمدت في الترجمة؟

حقيقة فن الحرب هو من اختارني، إذ ظللت أقرأ عنه كثيرا في فترة الصبا، ولطالما ما اقتبس منه الكثيرون من الكتاب الذين كنت أقرأ لهم، ما جعلني ابحث عن نسخة عربية منه، ولم أجد ما يروي ظمأي في هذه الفترة (الثمانينات والتسعينيات) ولهذا قررت أن أغير من هذا الوضع، وأترجمه أنا من المصادر الإنجليزية العديدة التي حفلت بها مواقع انترنت. كما لم أعتمد على نسخة واحدة، بل تعددت المصادر التي لجأت إليها، كما قرأت مرجعين باللغة الإنجليزية هما من أفضل ما وجدته عن فن الحرب، حيث ذكرا بالتفصيل المراحل التاريخية لاكتشاف المخطوطة الأولى من الكتاب، والعيوب التي شابتها، والترجمات العديدة، وملاحظات المعلقين على مر التاريخ.
 

س/ لماذا ترجمت كتاب فن الحرب،  هل تنوي خوص حرب ما ؟

عندما تقرأ الكتاب، وتتعمق فيه وتتشربه، ستجد أن العالم بحاجة ماسة لهذا الكتاب. رغم أن اسمه فن الحرب، لكن الكتاب يحثك على تجنب الحروب، ما لم تكن مضطرا لخوضها. فن الحرب يدعو ويحث إلى تقليل الخسائر بكل الطرق، في صفوف جميع أطراف الحروب، كما ويحافظ على الأرواح. انظر حولنا وستجد الإنسان يتفنن في الفتك بأخيه الإنسان، تحت مسميات عدة. ليس هذا وحسب، فأنت تجد مبادئ فن الحرب قابلة للتطبيق في شتى مجالات الحياة، مثل التسويق والإدارة والمبيعات، كل ما تحتاجه هو خيال واسع وعقل حاضر ونظرة شاملة، وستفهم ما أعنيه.

س/ نشتكي نحن معشر القراء بأن كثيرا من غير المتخصصين يقومون بترجمة كتب متخصصة في فن أو علم ما ويعتمدون على أسلوب الترجمة الحرفية، فهم ربما لا يفهمون ما الذي يتحدث عنه هذا الكتاب أو ذاك، و لديهم اجتهاداتهم الغريبة في ترجمة المصطلحات العلمية المعقدة. هل خشيت أن تكون منهم؟ 

لزمني خمس سنوات من العمل الجانبي حتى انتهيت من ترجمة فن الحرب، على رغم صغره، لكني لم أترجم إلا بعد أن فهمت مقصد الكاتب، فحياة المترجم المجتهد قد تتحول جحيما بسبب كلمة لا يفهم مقصد قائلها، وتجعله يذهب في دوائر لا نهاية لها. تجد فقرات من الكتاب تستحق تأليف كتب فيها، وتحتار هل اخترت الكلمات الصحيحة في ترجمتها أم لا.

كذلك، اعتمد المعلقون على سرد حقائق تاريخية لتوضيح مقاصد مؤلف الكتاب، وحاولت من جانبي الإتيان بقصص من تاريخنا العربي، أو القصص التي سمعنا عنها في عالمنا، وهو أمر شاق يستلزم عمرا بأكمله.

كذلك يجب علي الإشادة بمجهودات العديد من الشباب العربي، أخذ على نفسه مساعدتي في تصحيح الكثير من الأخطاء اللغوية، كذلك تنبيهي إلى بعض الفقرات المبهمة، وهو ما ترتب عليه خروج النسخة الحالية من الكتاب بكل ما فيها.

تستطيع القول أني اجتهدت جل الجهد كي لا أكون من زمرة المترجمين من أجل الترجمة، ولذا ستجد الكثير من ملاحظاتي الحادة في سياق النص، والتي أركز فيها على أني أحاول نقل الفكرة، لا التسابق في فصل الترجمة الحرفية، ولهذا كثيرا ما نبهت أني أترجم بتصرف، أي لا ألتزم بحرفية النص، رغم أن هذا الأمر خطير، فإن زللت فقد زل من بعدي.
 

س/ لماذا قمت بترجمة هذا الكتاب إلى العربية وقد سبق أن قام بهذا العمل شخص آخر؟

حين بدأت البحث عن فن الحرب على انترنت، لم أجد له ذكرا باللغة العربية، في حين وجدته منتشرا بكثير اللغات الأخرى، ولذا أردت تغيير هذا الوضع، بأن أترجم أنا، ولا أكتفي بالشكوى، أو انتظر غيري حتى يأتي ويوفر ترجمة له على انترنت. كذلك، ما المانع في وجود أكثر من ترجمة؟ حقيقة تردني تساؤلات كثيرة من شباب يسألني ما جدوى ترجمة كتاب سبق وترجمه الغير، وأقول لهم: اللمسة الشخصية. فحين تترجم فتاة مثلا كتابا، فهي ستضع دون أن تدري لمساتها كفتاة، وستشرح وجهة نظرها كفتاة، وهو جانب آخر من الحقيقة نحتاجها نحن كقراء حتى تكتمل الصورة لدينا.
 

س/ الاستراتيجيات الصينية الستة والثلاثون كتاب ثاني تبع فن الحرب ، ما الفرق بينهما ، لماذا هذا التركيز على  كتب الحرب الصينية؟

حين تقضي خمس سنوات من عمرك في كتاب، فأنت ترتبط به كما لو كان قطعة منك، ولذا حين تقرأ أن الاستراتيجيات هي الكتاب المكمل لفن الحرب، بل إن البعض سماه الفن السري للحرب، فأنت لا تملك سوى ترجمته طواعية. كذلك أردت توفير ترجمة عربية شاملة لفن الحرب، تتميز عن غيرها من الترجمات، أردت الاجتهاد مع الإتقان، فهذا العمل أقصد به وجه الله، وأريده أن يكون ثقيلا في الميزان!

الفرق بين الكتابين أن ذلك يشرح تفاصيل الحرب، بينما الآخر يشرح متى تذهب إلى الحرب، ومتى تتجنبها، ومتى تفر منها وكيف تذهب إليها وتتفاداها.
 

س/ ما هو هدفك من كتاب 25 قصة نجاح؟

لا يخفى على أحد حالة الإحباط الشديدة التي يعاني منها شبابنا العربي، كما وأن غياب القدوة التي يثق فيها الشباب العربي جعلهم يتردون في غياهب الضياع. هذه من جهة، من جهة أخرى، قصص النجاح من المواد والمواضيع المطلوبة في كل زمن وحين، ذلك أننا معشر البشر نتطلع دائما إلى معرفة قصص وأخبار أصحاب النصيب الكبير من مباهج الحياة، وهي غريزة بشرية لا حيلة لنا فيها، ولذا أردت تحميس الشباب، وتلبية رغباتهم.
 

س/ مفهوم النجاح يختلف من شخص لآخر ما هو مفهومك للنجاح الذي جعلك تقرر أن الأشخاص الذين في كتابك 25 قصة نجاح قد نجحوا بالفعل؟

النجاح هو أن تحاول مرة أخرى بكل قوة بعد كل فشل، وأن تقوم بعد كل عثرة وسقطة. النجاح هو أن تصمم على بلوغ هدفك، ولو استلزم منك صبر السنين الطوال. أما معاييري في الاختيار في الكتاب فكانت أن يكونوا جميعا ممن بدأوا من لا شيء، حتى لا أجد قارئا يمصص شفتيه ويقول هذا بدأ ومعه رصيد ضخم في البنك، أو اتكأ على ميراث سمين.

أردت من هذه القصص الرد على كل الحجج الواهية، أردت توصيل رسالة واضحة: لو أردت لاستطعت، إذا أردت أن تنجح فستنجح ولو كنت في القرون الوسطى، وأما إذا انهزمت من الداخل، فستخرج من مغارة على بابا فقيرا بائسا. 

يحزني جدا تعليقات السطحيين من القراء حين يرون النجاح جمع مال وحسب، ويتناسون رحلة التحول من البؤس إلى السعادة، ومن العيش بلا هدف إلى حياة الأهداف. انظر إلى كولونيل ساندرز طاهي الدجاج، وفكر في حاله وقد بلغ من العمر أرذله وفشلت مشاريعه الواحد تلو الآخر. لقد قام مرة أخرى وكرر نجاحاته السابقة، وهو في الستينات من عمره. هذه هي أحد أمثلة النجاح التي أستجير بها عندما تضيق بي السبل شخصيا.
 

س/ لقد تحدثت كثيرا عن النجاح في هذا الكتاب، هل تعتقد نفسك ناجحاً، لماذا لم تذكر قصة نجاحك في الكتاب ؟ 

من أهم ما تخرج به من قصص النجاح أنه لا يحدث بين ليلة وضحاها، بل قد يستغرق السنوات الطوال. نعم، أرى نفسي ناجحا، فكلما نظرت إلى حالي في السابق، وقارنت بينه وبين حالي الآن، أراني إلى تقدم وتطور، حتى رغم بعض الكبوات.  إذا ذكرت قصة نجاحي في كتابي لتحول الأمر إلى سيرة ذاتية، ولربما ظنه البعض غرورا، ولتحول موضوع الكتاب من تشجيع الشباب على ترك الأعذار وإدراك النجاح، إلى مناقشة تفاصيل حياتي وهل ما أراه نجاحا هو كذلك فعلا. نحن بارعون في التركيز على الفروع، وترك الأصول. نحب الجدل، ونترك الخروج بالعبر. نهوى العزف على أوتار نظريات المؤامرة، ولا نغوص إلى بواطن الأمور، ولذا آثرت السلامة وسد الذرائع، وتركت قصتي حتى يكتبها غيري.
 

س/ إذا طلبنا منك أن تذكر عاملا مشتركا واحدا بين كل هؤلاء ال 25 ناجح، فما هو؟

جميعهم لم ييأسوا، وقاموا مرات بعد العثرات. منهم من بدأ صغيرا، ومنهم من بدأ كبيرا، لكنهم اشتركوا في عدم اليأس.
 

س/ أي العملين أكثر متعة في نظرك، الترجمة أم التأليف، ولماذا؟

أنا أظن أني من المهتمين بالكتابة عن الأعمال وما انضوى تحتها، ولا أراني من المؤلفين. أما إذا قصدت المقارنة بين الترجمة بكل تبعاتها من ضرورة الالتزام بالنص الأساس، وبين التأليف وحرية التعبير، فأنا من أنصار هذا الحزب الأخير بكل تأكيد، فالإبداع أساسه الحرية المطلقة.
 

س/ يقولون “لكي تألف كتاب يجب أن تقرأ ألف كتاب” هل هذا صحيح؟، و كم كتابا يجب أن تقرأ حتى تترجم كتاب؟ 

دعنا لا نتناسى حقيقة أساس: إذا كنت تحب اللغة العربية فستبدع فيها، ترجمة وتأليفا. قراءة ألف كتاب هي لإثراء الخيال، وضرب الأمثال في بديع الكلام. القراءة تشحن رصيدك من أساليب التعبير، وتجلب سعادة ذهنية خالصة، ولذا لا يمكنني الإجابة على هذا السؤال. 

إذا نظرت إلى الترجمة على أنها عملية حسابية لا اجتهاد فيها، فهنيئا لك ظنك هذا، لكن الحقيقة غير ذلك. الترجمة تحتاج لقراءة الكثير والكثير عن الموضوع قيد الترجمة، حتى تفهمه على الوجه الأمثل، ولذا لا يوجد عدد كاف، بل التساؤل: هل فهمت الموضوع على وجهه الأمثل أم لا؟
 

س/ كيف ترى حال الكتاب ودور النشر و عملية الترجمة و التأليف في العالم العربي؟

إن أجبت فسأكون متحيزا، فحين عرضت كتابي فن الحرب على بعض دور النشر، أعطوني ردودا سخيفة – مثل هذا الكتاب ترجمه الكثيرون قبلك فلماذا التعب، كما لو كانت الفكرة شراء عجل سمين بسعر زهيد. حقيقة لا يمكنني الحكم، فأنا كاتب مغمور مجهول، وليس لي صداقات أو قرابات مع أصحاب دور النشر.  حقيقة ذلك الرفض والزجر كان فاتحة خير لي، إذ قررت بعدها نشر كتابي بنفسي على انترنت، وهذا الرفض دفعني للبحث عن بدائل، كتبت عنها بعدما اختبرتها، وبذلك حولت الرفض إلى نجاحات لي ولغيري بمشيئة الله.

س/ هل تنوي ترجمة أو تأليف كتاب جديد في المستقبل؟

بالطبع، فهذا هو الإدمان، والآن أعكف على جمع مادة علمية لكتابي المقبل عن التسويق، والذي سيكون لمن يريد النجاح في البيع والربح، وليس لمن يريد شهادة يزين بها حائط حياته