العمل الديني وتجديد العقل

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : طه عبدالرحمن | المصدر : www.qudwa1.com

تُشكِّل كتب الدكتور طه عبدالرحمن أستاذ الفلسفة والمنطق في جامعة الرباط قفزة نوعـية في عـالم الافكار , وخاصة فيما يتعلق بالفكر الإسلامي والفلسـفة ونقـده للفكر الغربي وفلسـفته وتفكيك عناصره ومكوناته . كما ان قراءة كـتبه يتطلب مستوىً ثقافياً عالياً لما فيه من افكار مختزلة مركّزة , جدّية جديدة , عالية عميقة . آخر ما صدر للدكتور طه عبدالرحمن كان كتاب " روح الحداثة " (2006) ط :1 وتحـدث فـيه عـن تأسـيس الحداثة الإسلامية , هذا بالإضافة عن مقـالاته الكـثيرة التي تُنـشر في المجلات والمواقع الإلكترونية . هذا وقد صدر له عدة كتب مهمة اُخرى قبل هذا الكتاب .

قبل سبع سنوات صدر له هذا الكتاب – الـذي اعتبره كثير من المفكرين والنـقاد بإنه اهـم ما كتب في الفـكرالإسلامي – " العمل الديني وتجديد العقل " ط1 , المـركز الثـقافي العربي , 223 صفحة في بيروت ودار البيضاء سنة 2000 .

يشير- باديء ذي بدء – المؤلف الى وجود [اليقظة الدينية] ونموه في العالم الإسلامي خلال عقدين الأخيرين , ويشير كذلك إلى إفتقادها الى سند فكري محرَّر على شروط المناهج العـقلية والمعايير العلمية المستجدة , ولا تجد عند اهلها لا بتأطير منهجي مُحكم , ولا بتنظير علمي مُنتج , ولا بتبصـير فلسفي مُؤسس . ويشير الى إتصافها بظاهرتيـن مشبوهتيـن وهما : الغلـو في الإختلاف المذهبي . والخلو من السند الفكري . ويشير الى علاج الظاهرة الأولى بجلب أسباب التكامل الذي يقيها الإنقسام والتشتت

, والثانية بجلب أسباب التجديد الذي يحفظها من الجمود والتوقف . وغرض الكتاب هو بيان الشروط التكميلية والتجديدية في تيقظ هذه اليقظـة , وتركّز على صنفيـن أساسين من هذه الشروط : الأولى [التجربة] والآخر [التعقّل] .

وأما عن شروط [التجربة] ... النفـاذ إلى أعماق التجربـة الإيمانيـة إلى الأتصاف بمكارم الأخلاق وترك القيـل والقـال والإنشغال بإحوال السلوك .

وأما عن شروط [التعقّل] ... تأطير وتنظيم هـذه التجربـة الإيمانية بإحدث وأقوى المناهج العقلية وأقدرها على مدّنا بإسباب الإنتاج الفكري بحيث يمنع عنها تقوّل القائلين وتحامل المغرضين .

ويقرّر المؤلـف كيف ان [التجربة] تمد اليقظـة بأسبـاب التكامل التي تجمع بيـن إتجـاهاتها , وكيف ان [التعقّل] يمدهـا بأسباب التجديد في الفكر توليداً وترتيباً .

وقد قسـم المؤلف الكتاب إلى ثلاثـة أبواب وكل باب إلى ثلاثة فصول ...

أختص الباب الأول بالنظر فـي [العقل المُجرّد] , وأختص الفصل الأول منه ببيان المقدمتين اللتين يستند إليهما العقل المجرد وهو فعـل وليس ذاتاً , والفصل الثاني بتوضيح الحدود الخاصة للعقل المجرد , والفصل الثالث ببيان الحدود العامة من منطلقيـة واقعية وفلسفية .

وأختص الباب الثاني بالنظـر فـي [العقل المُسدَّد وآفاته] , فعالج الفصل الأول من المقدمتين اللتين يستند إليهما العقل المسدد وهو أنه يأخذ بالعلم الشرعي وأنه مُعرّض لآفات خُلقية وعلمية , وقد بحـث الفصل الثاني الآفـات الخُلقية من تظاهر وتقليد ... وبحث الفصل الثالث الآفات العلمية من تجريد وتسيس ...

وأما الباب الثالث والأخير فقد أختص للعقل المؤيد وكمالاته , وتناول الفصل الأول منه المقدمتين اللتيـن يستند إليهمـا هذه العقل وهو أنه يقـوم على التجربة الحيـة وأنـه يطلب كمالات تحقيقية (الصوفية) , والفصل الثاني تطرق الى الكمالات التحقيقية (الأفضل والأكمل) , وتعرض الفصل الثالث للكمالات التخليقية ببيان مكانة النموذج ووظيفة التعبير الإشاري .

الكتاب مهم جـداً لتقويم المسـار الإسلامي على مستـوى الحركة والقيادة والأفراد , ولذلـك أوصي بقرأتـه قرأة متأنيـة متمعّنة بطيئة حتى يتسنى أكبر قدر من الإستفادة . وأوصي أيضاً بقرأة كتبه الأُخرى كـكتاب "أصول الحوار وتجديد علم الكلام" و "فقه الفلسفة" . أهـش