وحظوظ تعمل على الفوز بها ، وأحلام تتمنى تحقيقها .
وهي حين تسعى لتنفيذ مآربها وتحقيق مطالبها لا تلتفت إلى حكم الشرع
فيها ، بل تنظر إليها بميزان هواها .
وأسبابها ووسائل علاجها وكيفية العمل على الحد من انتشارها .
الفصل الأول
أقسام الناس أمام نفوسهم
يقول تعالى: يقول تعالى: } وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّهَا & فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْواَهَا & قَدْ أفْلَحَ مَن زَكْاهَا & وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا {
[ الشمس 7-10]
ولقد انقسم الناس في تعاملهم مع أنفسهم إلى ثلاثة أقسام :
فالقسم الأول قسم آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر
خيره وشره ، واتخذ من شريعة الله منهجاً للحياة ،
أما القسم الثاني فأصحابه أناس قد ساروا وراء أنفسهم وهواها لا يتخلفون
عن طلب تطلبه ولا شهوة تريدها .
أما القسم الثالث من الناس فقسم قد خالف نفسيه تارة ، وسار وراءها تارة
أخرى ،
الفصل الثاني
مظاهر الضعف النفسي
من البدهيات المتعارف عليها بين الناس أن من يريد معالجة مرض ما فعليه أن
يقوم برصد أعراض هذا المرض ، ثم البحث عن أسبابه ليسهل عليه بعد ذلك
تحديد الدواء الناجح .
وخلاصة القول : إنه لا ينبغي لنا أن نبرئ أنفسنا من التأثر بهذه الظاهرة
بمجرد عدم تطابق هذه النماذج مع واقعنا ، بل علينا أن نستعرض النموذج بكل
صوره وأشكاله ، ويعتبر كل منا نفسه أنه هو المقصود بها إلى أن يثبت العكس .
نماذج للضعف النفسي
ـ أول هذه النماذج تتمثل في شخص يكثر الحديث أمام الناس عن نفسه
بما يزكيها ويرفعها فوق مستوى الأقران ،
ومن هذه النماذج أن صاحب هذه الشخصية لا يريد أن يتفوق عليه أحد
من أقرانه ، وحين لا يجد مفراً من ذلك ـ عندما يصبح تفوق وبروز غيره
عليه واقعاً ملموساً ـ يحاول بشتى الطرق ستر هذا البروز بجحوده
وتنقيصه ، وبالتعالى عليه في تصرفات وأعمال من شأنها إشعار الآخرين
بأنه أفضل منه (1) .
ـ الاعتداد بالرأي:
ـ عدم الاعتراف بالخطأ:
ـ ضيف الصدر بالنقد والنصيحة:
ـ السعادة والبهجة بالمدح:
ـ الفرح والسرور إذا ما رئي في موضع يستحق المدح:
ـ حب الرئاسة والصدارة وأن يشار إليه بالبنان:
ـ عدم الاعتراف بالعيوب والنواقص:
ـ عدم القيام بحقوق الآخرين:
ـ المن على الآخرين بخدماته ومعروفه:
ـ الغرور بإمكاناته ومواهبه:
ـ عدم حب الخير الآخرين:
ـ العمل على الاستئشار بالحدث في أي مجلس يجلس فيه:
ـ التسميع بالعمل:
ـ ومن مظاهر الضعف النفسي أيضاً الذي قد يكون موجوداً في نفوس
البعض:
1 ـ *عدم القدرة على مواجهة الآخرين لشعوره بالضعف أمامهم،
2 ـ * سهولة التنازل عن رأيه ومواقفه خوفاً من الآخرين ،
=================================
الفصل الثالث
أسباب الظاهرة
والأسباب المؤدية إلى ظاهرة الضعف النفسي كثيرة نذكر منها:
1 ـ عدم اهتمام الأبوين بغرس المعاني الصحيحة في نفس الابن منذ الصغر ،
2 ـ وقد يكون أسلوب التربية عند الأبوين ـ وبخاصة الأب ـ فيه من الغلظة
والشدة والقهر .
3 ـ وجود نقاط ضعف في البناء الداخلي أو البيئة المحيطة بالشخص .
4 ـ وجود بعض المواهب والقدرات لدي الشخص وعدم تربيته منذ الصغر على
أن الله عز وجل هو الذي منحه إياها .
5 ـ عدم شيوع النصيحة بين الناس.
6 ـ عدم الاهتمام بالبناء الداخلي .
7 ـ عدم محاسبة النفس بصورة مستمرة .
8 ـ التقدم للأمام والقفز فوق الصفوف والتصدر دون إعداد وتكوين .
الفصل الرابع
العـــلاج
ينقسم علاج هذه الظاهرة إلى قسمين : علاج عام وعلاج خاص .
العلاج العام :
1 ـ شيوع جو النصيحة بيننا بآدابها المعروفة .
2 ـ عدم مدح الآخرين في وجوههم .
3 ـ عدم تصدر الحدث من لم يعد لذلك .
4 ـ حب الجندية وكراهية الإمارة .
5 ـ الاعتراف الدائم بنعم الله .
6 ـ عدم الرضا عن النفس :
وهناك بعض الوسائل التي تعين الواحد منا على عدم رضاه عن نفسه وعدم
رؤية عمليه .. يذكرها ابن القيم في كتابه الجليل مدارج السالكين فيقول :
1 ـ مشاهدة العبد لمنة الله عليه وفضله وتوفيقه له .
2 ـ مطالعة عيوب عمله وآفاته ، وتقصيره فيه ، وما فيه من حظ النفس ونصيب
الشيطان .
3 ـ علمه بما يستحقه الرب جل جلاله من حقوق العبودية وآدابها الظاهرة
الباطنة وشروطها .
4 ـ ومن أهم وسائل التربية الوقائية : ضرورة عناية الآباء بتربية أبنائهم بطريقة
صحيحة ، وفي جو صحي يضمن عدم نشوة شخصياتهم وعدم ضعف
نفوسهم .
وخلاصة القول : إنه يتعين علينا تربية أولادنا في جو صحي ليس فيه حقد
على الآخرين وعدم حب الخير لهم ، وليس فيه أيضاً حب للذات ولا حب الظهور
والتفاخر والتباهي بما أنعم الله علينا من نعم ، وانتق الله في أنفسنا ولنصلح منها
فصلاح أبنائنا بصلاحنا وفسادهم بفسادنا .
العلاج الخاص :
والمقصود به وسائل علاج حالة الضعف النفسي وهي كثيرة نذكر منها
يفضل الله ومنته :
1 ـ أول وأهم وسائل العلاج : الاقتناع التام من صاحب المرض بوجود مظاهر الضعف في نفسه ويعمل على تحديها فيتولد عنده عزيمة وإرادة لعلاجها
وتغيرها (( إرادة التغير)) .
2 ـ بعد الاقتناع وتولد قرار التغير لابد من الانكسار لله عز وجل ، فالأمر أولاً
وأخيراً بيده .
3 ـ لابد من زيادة انكسار النفس في هذه المرحلة .
4 ـ بناء الذات : ونقصد به الاهتمام بالبناء والتكوين الداخلي للعقل والقلب
والنفس .
أما النفس : فلا بد من جهادها وترويضها ، وهذا يحتاج إلى مجهود ضخم
لأنها محبوبة ، وما تدعو إليه محبوب ، فهي لا تدعو إلا إلى ما تشتهي ، وجهاد
النفس يبدأ بمخاصمتها ورفع راية الجهاد عليها ، قال ابن المبارك في قوله تعالى:
{وجاهدوا في الله حق جهاده} [الحج: 78 ] ، جهاد النفس والهوى .
5 ـ المداومة على مراقبة النفس ومحاسبتها وعقابها عند الضرورة: وذلك لن يتم
إلا إذا اتخذ الواحد منا لنفسه ورداً للمحاسبة اليومية .
6 ـ صحبة الأفاضل والأخبار والنبهاء .
7 ـ دوام القراءة في سير الصالحين ودراسة أحوال المتواضعين .
ـ لابد من وجود قوة دافعة تعين الواحد منا على الاستمرار في العلاج وعدم
الفتور والتكاسل .