الداعي الى كلمة الحق والهداية ,والذي يحمل بين جنبيه وحي السماء,وكلمات الله ونوره،هو مصباح مضيءٌ لنور وحي السماء,وهو من ورثة رسل الله ، وتلقّى تربيته من رياض إرث النبوة المباركة,وعاهد على أن ينقل تلك الامانةوذلك الارث الى الناس كافة,فهو رحمة للعالمين ,لأنه يحمل أرث قدوته (صلى الله عليه وسلم),ولا يريد منهم مدحاًأو منصباً أو دنياً,(لا نريد منكم جزاء ولا شكورا), وانما غايته أن يرى الاخرين قد استناروا بهدي الوحي وأستضاء لهم الطريق بذلك النورالمبين، فهو كالمصباح يحمل هذا النور السماوي, ليضيء وينير للآخرين قلوبهم وحياتهم .ولنا في تشييه الدعاة بالمصباح وقفات: 1- المصباح له زجاجة صافية رقيقة ,تصف وتشف ما بداخلها من الفتيل المحترق ليبعث منه النور ويقوم الزجاج بتقوية النور ونشره وبهدوء على ما حوله. والدعاة يجب أن يتحلّوا بصفاء النفس وطيب الخاطر وسلامة الصدر,لا يحملون حقداًعلى أحدٍ،بل أنَّ له قلباً يحترق لهم(مثل فتيل المصباح) رحمة بهم, فتخرج من قلبه وعلى لسانه كلمات النوروببلاغ مبين وهدوء وسكينة,
2-المصباح يوقد ويأخذ وقوده من زيت, وكلما قلَّ الزيت ضعف نورالمصباح ، واذا نفذ الوقود توقف المصباح عن مهمته وأصبح موضع خبركان, والدعاة يرفدون بروافد هي قوت قلبه(وتزودوا فأن خير الزاد التقوى) ومن هذه الروافد ( التقوى والذكروالتسبيح والاستغفار وقيام الليل وظمأ الهواجرو...) واذا ما فتر الدعاة من الاسترفاد من هذه الروافد ضعفت همته وقل عطاؤه وأفل نجمه من سماء أصحاب الهمم العالية. 3- إذا ما انبعث من الفتيل الدخان وغطّى الزجاجة فاسودت، وضعف منها النور واحتجب, فلم ينتفع ما حوله منه. وكذلك قلوب الدعاة أذا غُشيت بدخان الرياء أو حب الجاه والسمعة ومدح الناس ودنياهم(لكنه أخلد الى الارض واتبع هواه .....فاقصص القصص لعلهم يتفكرون) الاعراف/176. عندئذٍ ينفر منه الناس ويركض هو ويلهث وراء دنياهم ويستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير فيهبط من قلوبهم ويقع في حبائل الشيطان وأغرائه. 4- تزداد أهمية المصباح كلما كان الظلام حالكا ودامسا ,وطال أمده ,فأزداد حاجة الناس اليه إلى أن يبزغ فجر النهار واشرقت الارض بنور ربها, وتزداد أهميةوجود الدعاة للقيام بدورهم حينما نجد أزدياد شراسة هجمة أصحاب الافكار الظلامة والاخلاق الهدّامة,لغواية الناس وتضليلهم وانحرافهم عن الصراط المستقيم, وليحقق الشيطان وأعوانه من وعيدهم (ربِّ بما أغويتني لاقعدنَّ لهم صراطك المستقيم,ولآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن يمينهم وعن شمالهم ولا تجد أكثرهم شاكرين). وقيمة وشرف وجود الدعاة المصلحين في أنْ يعيشوا لرسالتهم ويتقصوا في مصلحة دينهم, ويدورون مع نور وحي السماء حيث ما دار (( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )) قال الحسن: (هو المؤمن أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته، وعمل صالحًا في إجابته، فهذا حبيب الله، هذا ولي الله)، فمقام الدعوة إلى الله أفضل مقامات العبد، قال تعالى: ((وأنَّه لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا)) [الجن:19].. ((أنَّ كلمة الدعوة حينئذٍ هي أحسنُ كلمة تُقال في الارض,وتصعد في مقدمة الكلم الطيب الى السماء ,ولكن مع العمل الصالح الي يصدق الكلمة,ومع الاستسلام لله الذي تتوارى معه الذات , فتصبح الدعوة خالصةلله ليس للداعية فيها شأن إلا التبليغ))في ظلال القران جـ5 /3122. وأخيراً فلنقرأ هذه الاية بتدبر وتمعن(( اللّهُ نورُ السموات والارض مثلُ نوره كمشكاةٍ فيها مصباح ,المصباحُ في زجاجةٍ الزجاجةُ كأنَّها كوكبٌ دُرّيٌّ يوقََدُ من شجرة مباركة زيتونةٍ لا شرقيةٍ ولا غربيةٍ يكادُ زيتها يضيء ولو لم تمسسْه نار نورٌ على نور يهدي الله لنور من يشاء ويضربُ الله الامثال للناس والله بكل شيءٍ عليم))