النصح يتطابق في دلالته ومغزاه مع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو كذلك المقابل لكلمة النقد في المصطلح المعاصر، ومن عظمة الإسلام أن جعل الأمر بالمعروف والنهي سمة للأمة المسلمة : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله } . كما جعله دليلاً على المحبة والولاء : { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر }. ولقد أطلقها النبي دعوة شاملة ليسعد بالنصح ، وليستفيد من النقد كل أحد حاكماً أو محكوماً، عالماً أو متعلماً حيث قال : ( الدين النصيحة قلنا لمن قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم ) . وهذا تأكيد على أهمية النصح إذ هو أمان لكل مجتمع يوقف المتعدي ويردع الظالم، وينبه الغافل، ويوصل سفينة المجتمع إلى شاطئ الأمان، وإلا كثرت فيها الثقوب وأدركها الغرق. فالنصح أو النقد مطلب شرعي وهدي نبوي ينبغي ألا تضيق به الصدور ولكنه لابد له من آداب وضوابط منها : 1- أن يكون المقصود به وجه الله تعالى لا الاستعلاء على المنصوح، أوالتعالم، أو إدعاء الغيرة على الدين . 2- أن يصدر عن محبة للمنصوح، وشفقة عليه، ورأفة به لأنه نابع من شعور نبيل لا يهدف إلى انتقاص القدر أو إرادة التجريم، أو القصد إلى التجريح. 3- أن يكون بأسلوب حسن وحكمة بالغة، وما دخل الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه. 4- أن يؤسس على علم شرعي، ومعرفة بالواقع ومراعاة للظروف والأحوال فلا مجال للنقد بالهوى أو الذوق، أو بمقتضى العرف والعادة المخالفة للشرع. 5- أن يضبط بالتثبت والتحري فلا تسرع، وأن يسبق بحسن الظن فلا اتهام، وأن يرافقه التماس العذر والإعانة على التغيير دون التشنيع أو التغيير. 6- أن يكون خاصاً بالمنصوح مقتصراً عليه في حالة وقوع الخطأ مخصوصاً ومستوراً، فإن فشا الخطأ ودعت الحاجة إلى إعلان النقد والجهر بالنصح، فليكن على منهاج النبوة "ما بال أقوام " وقليلة هي الحالات التي يتعين فيها التحديد والتفصيل. 7-وأخيراً أن تراعي فيه الموازنة بين المصالح والمفاسد. فلنعمل - يا جيل الصحوة - على إشاعة النصح، وممارسة النقد وفق ضوابط الشرع ففي ذلك خير كثير