وللوفاء ... كلمة, مميز ..

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : الكوكب المشع | المصدر : forum.wahati.com

هناك من يترك بصماته على جدار القلب لتفوح منه الذكريات عطرا وحنينا كلما مرت السنون .

كانت حبات المطر الباردة في صباح شتائي جميل تداعب وجهي الحزين الشارد وأنا سائرة في طريقي لشراء هدية وداع لصديقة تقطن

في منطقتنا قرر زوجها الانتقال بها وبطفليها إلى منطقة أخرى بعيدة بسبب ظروف دراسته ,, لم اعر انتباها لهذا الجو الممطر

ولا لأصوات السيارات التي تمر بصوتها المزعج وشردت بعيدا حيث كان أول لقاء بهذه الصديقة الطيبة التي أتت قادمة من بلاد العراق

الجريح .. مازلت أتذكر كيف استقبلتني بابتسامة تحمل الود وبشاشة في أول لقاء لنا في المركز الإسلامي ,

وبوجهها المضيء عبرت بي بعيدا عن توتري والقلق الذي انتابني لدخولي المركز لأول مرة والتقائي بأخواتي المغتربات

من شتى البلاد الإسلامية .. كانت هي من تقيم المحاضرات وتساهم في نشاطات المركز في كل مناسباته ,, وسرعان ما أحسست بألفه

وارتياح وكان اليوم الأول رائعا ودافئا جدا .. وبعدها تواصلت اللقاءات وزاد التواصل وانعقدت بين أرواحنا ألفة وصداقة دافئة ,,

كم تدارسنا سويا .. وكم تنزهنا معا في ربوع الطبيعة الجميلة مع أطفالنا ,, وكم ضحكنا وبكينا ,, وكم تزاورنا ,

كنا كالأخوات بل أكثر ,, تساءلت نفسي : كيف مرت كل هذه السنوات الجميلة وبهذه السرعة والآن أنا في طريقي لوداعها !! ؟؟

تذكرت كيف نصحتني أن اقتني جهازا للحاسوب كنت أجيبها في كل مرة سأفكر في الأمر ,, وفي الحقيقة لم أكن أهتم كثيرا ,,

وكلما سمعت صوتها أو التقيت بها تذكرني بالحاسوب وتقول لي به منتديات نسائية رائعة وفيه أخوات يلتقين ويتناقشن ,,

أخوات طيبات يجمعهم الحب في الله والرغبة في الخير وبإمكانك أن تساهمي في هذا الخير والدعوة والتعليم والتعلم ,,

بدأت أفكر جليا بهذا الجهاز العجيب واشتريته بالفعل وها أنا اليوم أخط به حروفي , وصلت إلى منزلها أحمل إليها هديتي ..

كان لقاءا حزينا يحمل كل معاني الود ,, أحيانا كثيرا وفي لقاءات الوداع لا يستطيع المرء أن ينطق بكلمة وكل عبقريات

النقاش والفلسفة والحوار تتعطل هنا ,, فقط الدموع هي من تعبر وبصدق عما يختلج في القلب والأعماق .. ودعتها نعم ,,

ولكنني أيضا ودعت كنزا من العلم والمعرفة فهي من كانت تعلمنا التجويد والقرآن والحديث وكل علوم الدين ,, كانت لا تبخل بعلمها

على أحد بل كانت طاقة من النشاط حفظها الله ورعاها ,, وهكذا هي الدنيا تباغتنا بالحزن والفرح باللقاء والوداع ,,

ويبقى هناك من يتركون بصماتهم في عروقنا ..

لها .... كلمة وفاء ودعاء من القلب عذبا رقراقا .