مشهد حرمان صنعه الفقر.. أبطاله التعساء
الناقل :
elmasry
| الكاتب الأصلى :
العصفورة
| المصدر :
forum.wahati.com
أماكن قديمة
أزقة ضيقة
دهشة انتابتني
المنظر عجيب أمام عيني
لو لم أكن متأكدة أنني لم أتعد حدود المدينة
لأقسمت أنني لست فيها
منظرا لم أتوقع يوما بوجوده
كنت اعتقده محض خيال
يا الهي
حي كامل ينطق بالفقر جاثم أمام عيني بكل مافي الكلمة من معنى
شوارع ضيقة لم تعرف النظافة إليها طريقا
بيوت آيلة للسقوط
ذات أبواب مهترئة
يقف على أعتابها رجال شيوخ قد هد الزمن قواهم
وأطفال
نعم أطفال يلعبون ويمرحون وقد ناحت سوء المعيشة ملامحها عليهم
كل ذلك ما رأيته بالأمس حينما كنت برفقة خالتي
للقيام بمهمتها فهي تعمل في جمعية خيرية عملها هو توزيع الصدقات
وقد كان ذلك الحي من نصيبها
وفي طريقنا إليهم حدثتني كثيرا عنهم وهي ترثي لحالهم
::
::
فما أن رأوا سيارتنا حتى هتف الجميع وسارعوا بالتجمهر علينا
الجميع مستبشر
نظرات فرح تبدو في أعين الأطفال
وملامح شكر رأيتها مرتسمة في وجوه الشيوخ
ونظرات الشباب ترمقنا لا أعلم ما تلك النظرات
ما أجملها من لحظة عندما ترين الابتسامة ترتسم عليهم
وما أصعبها من لحظة عندما ترين حالهم البائس
هنا نزلت دمعة من عيني لم أعد أقدر على كتمها
لكنني سرعان ما أخفيتها
ألهذه الدرجة وبهذا الوضع بلغت شدة المعيشة
لقد رأيت مشهد حرمان صنعه الفقر أمام عيني
أبطاله هؤلاء التعساء
يقوم على سيناريو واحد
لا تحوي صفحاته إلا ألفاظ سلبية.. بؤس .. شقاء.. حرمان
::
::
رجال بكبرياء محطم
شباب بطموح جريح
نساء بتطلعات مهشمة
صبايا بأحلام مشوهة
أم أطفال بعيون متطلعة إلى مستقبل مظلم
جميعهم آمالهم لا نعرف لها مرفأ
متكسرة على أمواج الحياة
احتقرت نفسي .. واحتقرت حياتي
كيف كنت أعيشها
وكيف يعيشها هؤلاء
حتى الأساسيات لا توجد لديهم
وأنا
أنا كل شيء كان يأتيني من غير أن أطلب
منذ أن عرفت نفسي كل شيء متوفر تحت يدي دون أدنى تعب
_ الحمد لله على كل شيء هذا من فضل ربي _
ولكن
هل تبادر إلى ذهني يوما وأنا أعد أنواعا مختلفة من الأطعمة أن هناك أناسا على وجه الكرة الأرضية يبحثون في بيوت النمل عن حبة شعير ليطعموا أبناءهم
هل فكرت وأنا أتسوق في (( السوبر ماركت )) لأختار ما لذ وطاب من الأغذية أن هناك شعبا يتسوق في حاوية القمامة لعله يجد ما يأكله
قد لا أتخيل وأنا أنتقي لأطفالنا أفضل الأنواع الغذائية لنموهم و أن هناك الملايين من الأمهات في هذا العالم يموت أطفالهن في حجرهن
وهن يقفن عاجزات عن إيجاد قطرة ماء أو كسرة خبز تنجيهم من الموت
لقد لمت نفسي كثيرا عندما تركتها تلهث وراء ملذات الدنيا دون تفكير
وفي نفس الوقت كنت نفسي تتلاطم بين أمواج تفكيري وفي هذه الدنيا وكم هي تخفي أكثر مما تظهر
وكم يوجد من مشاهد مؤلمة غير ما رأت عيناي .. هذا وهم في ديار المسلمين !!!
ولكن
لماذا وكيف لنا أن نرضى أن نعيش في عالمين منفصلين..لماذا
؟
سؤال لم يجد إلى الآن إجابة....