الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا الأمين محمد بن عبدالله صلى اللّه عليه وسلم الذي أوصانا بالنساء خيراً وقال { رفقاً بالقوارير } وقال: { إستوصوا بالنساء خيراً }، وبعد:
إن دين الإسلام شامل لجميع مصالح البشريه حسيها ومعنويها. فتح أبواب الخيرات ورغب فيها ورتب على ذلك الأجر والثواب. وغلّق أبواب الشر وحذّر منها ورتب على ذلك الوزر والعقاب.
وإن من الأمور العظام التي أولاها الإسلام إهتماماً عظيماً أمر المسئولية. مسئولية المسلم عن نفسه وأهل بيته ومن يعول.
إن أمر المسئولية عظيم والتفريط فيها نذير شر وفتنة، فكم انقلبت سعادة إلى شقاء، وكم تفرقت من بيوت، وكم تقطعت من أواصر بسبب التفريط في شأن المسئولية.
ولقد كثرت النصوص المنوهة بشأن المسؤولية. فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم:{ كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده وهو مسؤول عن رعيته، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته } [أخرجه الشيخان].
وإن من أعظم المسؤوليات العناية بشأن الأولاد عامة والبنات بخاصة. ذلكم أن صلاحهن وفسادهن مربوط في الغالب بصلاح الأبوين أو عدمه.
ويزداد أمر المسؤولية بهن في هذا الزمن الذي كثرت فيه الفتن والمنكرات وتفنن شياطين الإنس والجن في إغوائهن بشتى الوسائل والطرق.
وأسباب إنزلاق بعض النساء في الفتن واتباع الشهوات في هذا الزمن كثيرة، ومن لازم المسؤولية أن يعرف الولي تلك الوسائل ليزداد إجتناباً عنها إن كان معافى منها. ومن أعظم أسباب إنحراف النساء ما يلي:
وبخاصة السهر خارج البيت إلى وقت مـتأخر بصورة معتادة.
وهذا أمر قد بُلي به بعض الأولياء.
يخرج أحدهم من بيته عند آخر النهار ثم لا يعرف البيت إلا آخر الليل. فإذا كان هذا يقضي نهاره في أداء وظيفته وليله خارج الدار فكم يبقى لبيته من الوقت؟ وماذا عن حال أهله وأولاده؟
فيا من بُلي بهذا اتق الله تعالى في وقتك. اتق الله في التفريط في صلاة الفجر.
ألم تعلم هداك الله أنك بفعلك هذا تجرئ شياطين الإنس والجن على إفساد بيتك وعرضك.
قل لي بربك. ماذا يقرأ أولادك؟ وماذا يشاهدون؟ وماذا يسمعون؟ ومع من يذهبون؟ وإلى أين يذهبون؟. كيف تعرف ذلك وأنت بعيد عنهم ببدنك ومتابعتك فاحذر من التفريط واستشعر ما حملك الله من المسؤولية.
ومما أعان الشيطان عليها عدمُ المتابعة والسؤال من والدها، حتى وصل الحالُ ببعض النساء أنها لا تصلي الفجر إلا قبيل الذهاب إلى مدرستها أو جامعتها وبعضهن تجمع الظهر مع العصر، ولا يخفى عليكم معاشر الآباء أن التهاون بأداء الصلاة يجر صاحبه إلى أبواب الشر فإذا ضعف الوازع قلّت الغيرة وأصبحت المسكنية أسيرة لشهواتها وشبهاتها.
فاتق الله أيها الولي واحذر من سخط الله عليك فتابع نساءك في أمر الصلاة وتفقد ذلك معهن ورغّبهن في الخير وفعله وبخاصة في فرائض الله ترى منهن البر والصلاح وما تقرّ به عينك.
دون حرصٍ على السؤال عنه وعن خلقه وأمانته فكم سمع الكثبر عن أسر تم عقد الزواج والترابط بينهم ثم لا تلبث الأيام اليسيرة أو الأشهر حتى يحل ذلك العقد وينقلب الترابط إلى تفرّق فترجع الفتاة إلى بيت أبيها كسرة حزينة. بما صدمت به من واقع ذلك الزوج الذي ضيع زوجه. ومما ينبغي ذكره في هذا المقام أن بعض الآباء إذا تقدم الخطاب إلى ابنته أصم أذنيه وأغمض عينيه عن كل أحد إلا عن قريب له كائناً ما كان صالحاً أو طالحاً شقياً أو تقياً لايهمه ذلك كله. إنما همه أن يكون المتقدم ثرياً في المال أو ذا شهادة مرموقة، وهذا والله من الظلم والتفريط فكيف يجعل ابنته وقفاً على قريب له بغض النظر عن صلاحه وحسن سيرته. فيا أيها الولي إتق الله تعالى في نفسك. إتق الله تعالى في ابنتك. فكم من شر وبلاء حصل بين الزوج وزوجته وكان من أسباب ذلك جناية الوالد على ابنته في كونه إختار لها زوجاً لم يرع فيه صفات الصلاح من غيرها.
فاتقوا الله تعالى معاشر الآباء و الأولياء. واجعلوا نصب أعينكم قول النبي : { إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه. إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير }.
فعند مرض إحدى البنات ترى ذلك الوالد مهموماً مغموماً حزيناً يسارع في الذهاب بها إلى الطبيب ولا يسأل بل ولا يهتم بما ينفق من مئات بل آلاف الريالات في سبيل تحصيل علاج يجعله الله سبباً في علاج ولده أو بنته وقل مثل هذا في إهتمام ذلك الوالد على بناته عند الإمتحانات المدرسة. فتراه شاحذاً لهمتهن متابعاً لمذاكرتهن واعداً لهم بالجوائز والرحلات في حال نجاحهن وتفوقهن. وهذا غاية مبلغ بعض الآباء مراعاة صحتهن و دراستهن، أما ما سوى ذلك فلا مبالاة ولا إهتمام و كأنّ مسؤوليته قضيت عند هذا الحد.
فيامن كان هذا شأنه.. إتق الله تعالى في نفسك واعلم هداك الله أن حرصك على صحتهن و نجاحهن جزء من المسؤولية لكن حرصك على إستقامتهن وحمايتهن من أسباب الشر هو المسؤولية الحقة والأمانة الكبرى في عنقك فبادر هداك الله وسدد خطاك وتفطن إلى مواضع التقصير وعاجل بالتخلص منها ترى من بناتك ما يشرح صدرك وتقر به عينك. فضلاًمن الله ونعمة.
ولذا ترى بعض الأولياء لا يتردد مطلقاً عندما تطلب نساؤه من بنات وزوجات الذهاب بهن إلى أي دعوة توجه إليهن. ولم يكلف ذلك الولي نفسه بالسؤال عن طبيعة تلك الدعوة وما سيحصل فيها. من أسباب انحراف النساء.
حتى أن بعض النساء أصبح الذهاب إلى السوق عندها أمراً ضرورياً لا تستطيع الصبر عنه والفكاك منه.
حتى وصل الأمر ببعض النساء أنها تصر على الذهاب إلى السوق لأتفه الأسباب كذهابها لشراء سلعة يستطيع ولدها أو زوجها الإتيان بها بكل سهولة. لكن كثرة ترددها على السوق تتشرب في قلبها حتى أصبح ملازماً لها. وكان الأولى بك أيها الولي أن تحاول جاهداً، أن تخفف من ذهابهن إلى الأسواق ما استطعت إلى ذلك سبيلاً. وذلك بعدم لين الجانب دائماً أو السماح بهن مطلقاً كلما أردن الذهاب إلى السوق والأماكن التي يكثر إختلاط الرجال فيها بالنساء وكذلك قيامك أنت بما تستطيع من إحضار ما تحتاجه الزوجة أو الإبنة من السلع التي يمكن الإتيان بها دون الحاجة إلى ذهابهن بأنفسهن. فكثرة تردد المرأة على الأسواق يفتح عليها أبواباً من الشر.
ومن أسباب الإنزلاق أيضاً:
ناهيك عن ما تحويه من المقالات التي تفوح برائحة الفحش والرذيلة شاهد المقال: إن بعض الأولياء يُبتلى بمطالعة تلك المجلات الهابطة ولا يكتفي بذلك فحسب بل يجلبها إلى بيته ثم لا يبالي بها بعد إشباع نهمته من مطالعتها فيلقيها في ركن من أركان المنزل. فيتلقفها أبناؤه وبناته. يقلبون النظر فيها وقد يحتفظون بها في غرفهم الخاصة ويعيدون النظر فيها مرات وكرات. حتى يدمنوا على متابعة أعدادها والتشوق إلى موعد صدورها بشغف وشوق. حتى وصل الحال عند النساء أنها تشتريها بنفسها أو توصي والدها بشراءها في حالة عدم إحضار الوالد لها من تلقاء نفسه. والمصيبة هنا أن ذلك الوالد الذي فرط في مسؤوليته يذهب مختاراً لجلب ذلك الخبث إلى بناته يا سبحان الله! كيف ترضى أيها الوالد لنفسك بهذه الدونية ألا تخشى من عقوبة ربك فاتق الله في نفسك.
أو إلى تلك الزيارات المتلاحقة، التي تعادل جلوس المرأة في البيت أو تزيد.
فاحذر رعاك الله من التفريط في ذلك وكن أهلاً للمسؤولية. وقبل ذلك ومعه وبعده سل ربك التوفيق والرشاد، واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن بعد العسر يسراً.
تلك الأطباق التي أصبحت كالرايات على الكثير من البيوت تشكك في العقيدة وتنشر الرذيلة، تحارب الفضيلة، توالي التبرج والسفور تعادي الحشمة والحياء، تتفنن في إظهار الفحش صوتاً وصورة.
يا عجباً منك أيها الوالد. يا عجباً منك يا من تحافظ على الجمعة والجماعة! يا عجباً من أمرك! أبلغ منك أمر المسؤولية إلى هذا الحد. أين الحشمة والوقار؟ بل أين الحياء؟ أما تتقي الله تعالى في نفسك؟ ألم تعلم أن سهام الرذيلة الفحشاء تسلط على نفسك وذريتك صباح مساء. كيف ترضى لنفسك أن ترى زوجتك وبناتك يقلبون النظر في مشاهد بذيئة؟ مسكين أنت! بل مخدوع أنت!
أبلغ التفريط إلى هذا المبلغ! أين غيرتك؟ أين حقيقة مسؤوليتك؟
أما تخشى أن ترى عقوبة الله فيك أو في بناتك اللاتي أعنت الشيطان على إغوائهن، بشرائك لتلك القنوات. ألم تعلم أن من نتائج تلك القنوات عقوقاً من الأولاد وضياعاً للأوقات ومالا تحمد عقباه من منكرات الأخلاق والأهواء والأدواء ألا تخشى أن يقع أولادك أو بناتك في الحرام. وإن قُلت لم فعلت هذا قال لك فعلت ما تعلمته من القنوات الفضائية التي إشتريتها أنت يا أبي. فما هو جوابك حينها ! نسأل الله لنا ولك السلامة.
فيا هداك الله ويا رعاك الله تفطن لهذا وبادر إلى توبة نصوح وتخلص من ذلك الخبث والخبائث وسترى من ربك ما يسرك ومن ذريتك ما تقر به عينك.
وليس هذا من باب الإتهام. فالأصل البراءة. لكن مقام الحذر لا بد منه. فقد تبتلي بعض النساء ببعض السفهاء الذين يتصيدون بنات المسلمين عن طريق المكالمات الهاتفيه. وقد تقع المسكينة ضحية لأولئك السفهاء الذين يتفنون في التحيل في طريق الكلام لإيقاع النساء في شراكهم وكم أسقطت تلك المكالمات في شراكها من بنات المسلمين. وكم تم الإتفاق ثم اللقاء ثم الركوب معه أحياناً بسبب تلك المكالمات المشبوهة. وعلى ذلك فينبغي عدم الغفلة عن هذا الأمر لأن الحرص على التفقد يحصن الفتاة ويدفع عنها الشر بإذن الله تعالى.
والمبدية لبعض مفاتن المرأة أو لأكثر جسدها. ويزيد الأمر سوءاً وشراً عدم مبالاة الولي بذلك. وهنا يعظم الخطب فكلما رأت الفتاة سكوت وليها عن ذلك وعدم مبالاته بلباسها. زاد تشبثها بذلك بل وزاد إخراج المفاتن وحينها نخشى أن يحل بنا ما حل بكثير ممن حولنا من التساهل في إظهار المفاتن و كشف العورات، حتى يكون ذلك عادة لها يصعب عليها أن تنفك عنه أو تتخلص منه. فلنحرص جميعاً معاشر الآباء والأزواج فالمسؤولية جسيمة وإذا استعان العبد بربه وبذل جهده. أعانه الله وسدد أمره.
اللهم أعنا على مسؤولياتنا وبارك لنا في ذرياتنا. اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا واحفظ نسائنا، اللهم احفظ نساءنا من شر الأشرار وكيد الفجّار، اللهم من أراد بحكامنا فتنة وبمجتمعنا فساداًً ونسائنا سفوراً. اللهم رد كيده في نحره، واجعل اللهم تدبيره تدميراً عليه وعلى من شايعه ونصره والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين