الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن اتبع هداه إلى يوم الدين، أما بعد:
1 - يجب أن يكون لباس المرأة المسلمة ضافياً يستر جميع جسمها عن الرجال الذين ليسوا من محارمها. ولا تكشف لمحارمها إلا ما جرت العادة بكشفه من وجهها وكفيها وقدميها.
2 - أن يكون ساتراً لما وراءه، فلا يكون شفافاً يرى من ورائه لون بشرتها.
3 ـ أن لا يكون ضيقاً يبين حجم أعضائها، ففي صحيح مسلم عن النبي أنه قال: { صنفان من أهل النار لم أرهما: نساءٌ كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤوسهن مثل أسنمة البخت، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، ورجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها عباد الله }.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى [22/146]: ( وقد فسر قوله { كاسيات عاريات } بأن تكتسي ما لا يسترها، فهي كاسية وهي في الحقيقة عارية: مثل من تكتسي الثوب الرقيق الذي يصف بشرتها، أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع خلقها، مثل عجيزتها وساعدها ونحو ذلك، وإنما كسوة المرأة ما يسترها فلا يبدي جسمها ولا حجم أعضائها لكونه كثيفاً وسيعاً ) انتهى.
4 ـ أن لا تتشبه بالرجال في لباسها، فلقد لعن النبي المتشبهات بالرجال، ولعن المترجلات من النساء. وتشبهها بالرجل في لباسه ما يختص به نوعاً وصفة في عرف كل مجتمع بحسبه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى [22/149،148ـ155]: ( فالفارق بين لباس الرجال والنساء يعود إلى ما يصلح للرجال وما يصلح للنساء. وهو ما يناسب ما يؤمر به الرجال وما تؤمر به النساء. فالنساء مأمورات بالاستتار والاحتجاب دون التبرج والظهور، ولهذا لم يشرع للمرأة رفع الصوت في الأذان، ولا التلبية، ولا الصعود إلى الصفا والمروة، ولا التجرد في الإحرام، كما يتجرد الرجل. فإن الرجل مأمور بكشف رأسه، وأن لا يلبس الثياب المعتادة، وهي التي تصنع على قدر أعضائه، فلا يلبس القميص، ولا السراويل، ولا البرنس، ولا الخف ) إلى أن قال: ( وأما المرأة فإنها لم تنه عن شيء من اللباس، لأنها مأمورة بالاستتار والاحتجاب، فلا يشرع لها ضد ذلك، لكن منعت أن تتنقب، وأن تلبس القفازين، لأن ذلك لباس مصنوع على قدر العضو ولا حاجة بها إليه ) ثم ذكر أنها تغطي وجهها بغيرهما عن الرجال. إلى إن قال في النهاية: ( وإذا تبين أنه لابد من أن يكون بين لباس الرجال والنساء فرق يتميز به الرجال عن النساء، وأن يكون لباس النساء فيه من الاستتار والاحتجاب ما يحصل مقصود من ذلك، ظهر أصل هذا الباب وتبين أن اللباس إذا كان غالبه لبس الرجال نهيت عنه المرأة ) إلى إن قال: ( فإذا اجتمع في اللباس قلة الستر والمشابهة نهي عنه من الوجهين، والله أعلم ) انتهى.
5 ـ أن لا يكون فيه زينة تلفت الأنظار عند خروجها من المنزل، لئلا تكون من المتبرجاب بالزينة.
الحجاب: معناه أن تستر المرأة جميع بدنها عن الرجال الذي ليسوا من محارمها، كما قال تعالى: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ [النور:31].
وقال تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ [الأحزاب:53]. المراد بالحجاب: ما يستر المرأة من جدار، أو باب، أو لباس. ولفظ الآية وإن كان وارداً في أزواج النبي فإن حكمه عام لجميع المؤمنات. لأنه علل ذلك بقوله تعالى: ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]. وهذه علة عامة. فعموم علته دليل على عموم حكمه. وقال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ [الأحزاب:59].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى [22/111،110]: ( والجلباب هو الملاءة وهو الذي يسميه ابن مسعود وغيره الرداء، وتسميه العامة الإزار. وهو الإزار الكبير الذي يغطي رأسها وسائر بدنها. وقد حكى أبو عبيدة وغيره أنها تدنيه من فوق رأسها فلا تظهر إلا عينها، ومن جنسه النقاب ) انتهى.
ومن أدلة السنة النبوية على وجوب تغطية المرأة وجهها عن غير محارمها حديث عائشة رضي الله عنها قالت: { كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله محرمات، فإذا حازوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه }.
وأدلة وجوب ستر وجه المرأة عن غير محارمها من الكتاب والسنة كثيرة، وإني أحيلك أيتها الأخت المسلمة في ذلك على رسالة الحجاب للشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، ورسالة الصارم المشهور على المفتونين بالسفور للشيخ حمود بن عبدالله التويجري، ورسالة الحجاب للشيخ محمد بن صالح العثيمين. فقد تضمنت هذه الرسائل ما يكفي.
واعلمي أيتها الأخت المسلمة أن الذين أباحوا لك كشف الوجه من العلماء مع كون قولهم مرجوحاً قيدوه بالأمن من الفتنة. والفتنة غير مأمونه خصوصاً في هذا الزمان الذي قلّ فيه الوازع الديني في الرجال والنساء، وقل الحياء، وكثر فيه دعاة الفتنة، وتفننت النساء بوضع أنواع الزينة على وجوههن مما يدعو إلى الفتنة. فاحذري من ذلك أيتها الأخت المسلمة، والزمي الحجاب الواقي من الفتنة بإذن الله ولا أحد من علماء المسلمين المعتبرين قديماً وحديثاً يبيح لهؤلاء المفتونات ما وقعن فيه اليوم. ومن النساء المسلمات من يستعملن النماق في الحجاب، فإذا كن في مجتمع يلتزم الحجاب احتجبن، وإذا كن في مجتمع لا يلتزم بالحجاب لم يحتجبن. ومنهن من تحتجب إذا كانت في مكان عام، وإذا دخلت محلاً تجارياً أو مستشفى أو كانت تكلم أحد صاغة الحلي أو أحد خياطي الملابس النسائية كشفت وجهها وذراعيها، كأنها عند زوجها أو أحد محارمها. فاتقين الله يا من تفعلين ذلك، ولقد شاهدنا بعض النساء القادمات في الطائرات من الخارج، لا يحتجبن إلا عند هبوط الطائرة في أحد مطارات هذه البلاد، وكأن الحجاب صار من العادات لا من المشروعات الدينية.
أيتها المسلمة: إن الحجاب يصونك ويحفظك من النظرات المسمومة الصادرة من مرضى القلوب وكلاب البشر. ويقطع عنك الأطماع المسعورة فالزميه. وتمسكي به ولا تلتفتي للدعايات المغرضة التي تحارب الحجاب أو تقلل من شأنه، فإنها تريد لك الشر، كما قال تعالى: وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً [النساء:27].
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين