أفكار اقتصادية متناثرة.دوت. كوم.. وطــأة العمل.. عـابرة أم مزمنــة!
الاستشاري سعـد بساطة إنها معـاناة العـصر، وبالتعريف فهي تجربة انفعالية سلبية مرتبطة بتغـيـّرات حيوية تحفـّز الجسم ليتقبـّلها، من إفراز الأدرينالين مثلاً.
وهذا يحــّرض الجسم لردة فعـل «هرب أو عـراك -fight or flight -»، والتي لم تعـد مطلوبة بالقرن الواحد والعـشرين ، فقد كانت ردة الفعـل التقليدية في عصر الكهوف. ببعض الحالات قد ترغب بالهرب من سارق قام بسطو على مصرف، ولكن بالحالة العامة بتنا نرغـب بالهرب من جيراننا، عملنا، وأطفالنا!
لوحظت الحالات مرافقة لإجهادات العـمل من إنهاك للجسم ( wear & Tear ):
حساسية ـ وجع الظهر ـ مشاكل قلبية ـ مشكلات سنية ـ إحباط ـ جيشان عاطفي، غضب، ثورة، بكاء، والآن مؤخـّرا ً ظهر تعـبير جديد ودخل المصطلحات المتعـلـّقة بالعـمل «غضب مكتبي» desk rage الشعور بالتعب ـ الصداع ـ ارتفاع الضغط ـ معضلات هضمية ـ ضعـف المناعـة ـ الأرق ـ ضعف الشهية ـ الشيخوخة قبل الأوان ـ مشكلات جنسية ـ اندفاعات جلدية.
تسوء الأمور أكثر عندما يحاول الشخص أن يعالج نفسه بنفسه، وقد يصبح معتادا ً أو مدمنا ً على مهدّئات معـيـّنة.
من الاحصائيات نعرف بأن ّ أداء العامل وعطاؤه، وتزايد غيابه، كلها أمور سببها الإجهاد بالعمل. وقد ارتفع إنفاق الشركات الأمريكية على إدارة الضغوط من9.4 مليار دولار في 1995 إلى 11.3 مليار دولار في 1999.
والنتائج يمكن أن تكون أكبر بكثير من مجرد خسارات مادية، فذكرى اندلاق النفط، وحوادث العـمل من المفاعل الذري وغـيره يمكن أن تعزى في 60 ـ 80 % من الحالات إلى العـنصر البشري، أي عـاملين مرهقين لحدٍ يفوق تحمـّلهم.
في 1997 وجدت الكلمة اليابانية Karosbi (والتي تعـني الموت بسبب الإفراط بالعـمل) طريقها للقواميس الانجليزية.
ليست بالمهمة السهلة ان تحاول إدارة إجهاد العمل، ولاسيما بمعرفة أنواعه المختلفة.
الأول الإجهاد المفاجئ الحاد، إنجاز مهمة مفاجئة أو صعبة، مثل التحضير لمؤتمر طارئ، وبانقضاء المهمة ينتهي ذلك النوع من الإجهاد، وله عدة اعراض من مثل: الغضب، النكوص، الإحباط، الصداع النصفي، الخ..ويمكن ان يكون تسلسليا ً أي أنّ الواحد يقود للآخر. الإدمان عـلى العـمل (workaholic)، أو الشخصيات من النوع الساعي للكمال هم ضحايا تقليديون لهذا النوع، ويمكن أن ندعوه أحيانا ً بالإجهاد الجيد لنتائجه الحسنة بالرغم من كونه ضاغطا ً لفترة ولو قصيرة.
إنه يزرع فينا التحدي لنمضي أكثر في قدراتنا، واختراع حلول خلاقة لمشكلاتنا.
والثاني المزمن: الذي ندعـوه بالإجهاد السيّء، وينتج عـن الملل والركود، إضافة ً لظروف سلبية ممتدة زمنياً.
أمثلة عـليه: أعـمال تتسم بالركود، أو عـلاقات، عـجز نتيجة حوادث أو أمراض، بطالة طويلة الأمد، فقر مزمن، تفرقة عـنصرية، عـدم توفر فرص التغـيير. هذه كلها تقود للإحباط ، تقدير منخفض للذات، واستضافة أمراض عـضوية.
تخفيف الوطأة تعـبير ظهر في أواخر القرن الماضي، ويقصد منه تبطيء الوتيرة.. وأول خطوة لهذا هو تمييز حاجتنا لهذه الخطوة.
قد لا نلاحظ كمية الضغـوط التي نتعـرّض لها بالعـمل تسع ساعـات في مكان العـمل، من التاسعـة للخامسة (بواقع الأمر بالنسبة للكثيرين من الخامسة للتاسعـة). نرى أنّ مكان العـمل هو معـمل لإنتاج الضغـوط بالنسبة للكثيرين.
من الأمور التي تعـرّض صاحبها لضغـوط مثلا ً الشاعـر الذي يجد نفسه أمام وظيفة مكتبية تساعـده عـلى دفع مصاريف الحياة، وهذا بالنسبة لذلك الإنسان الخلاّق هو عـمل بلا تحديات ولايتوافق مع مؤهـّلاته. تصوّر إنسانا ً مبدعـا ً بالليل، ويعـمل محاسبا ً بالنهار.
أنهي الحديث بهذه الحادثة الواقعـيـّة: إحداهن بدأت تفقد وزنها نتيجة ضغـوط رئيسها بالعـمل، اقترحت زميلتها عـليها الانتقال لقسم آخر، أجابت بعـد تفكير عـميق:
«سأفعل، ولكن بعـد أن أصل للستين كيلوغـراماً»!!!
أخيراً؛ إذا قمت بأداء ماتحب، فستحب ماتقوم بأدائه، و ستشعـر أفضل، وستكسب
صحتك وتتحسـّن نفسيتك، وهذا سينعـكس على عـائلتك ثم على كامل المجتمع..