عالجي طفلك بالرضاعة الطبيعية

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : عبد الدائم الكحيل | المصدر : www.kaheel7.com

العلماء ينادون بالرضاعة الطبيعية
يرى العلماء أنه من الخطأ إبعاد الطفل عن أمه بعد الولادة لأن وضع الطفل بالقرب منها يدفعه إلى التوجه نحو ثديها بالفطرة الطبيعية! وجاء ذلك في سياق متابعة صندوق رعاية الطفولة وهو يعنى أساساً بمشاريع صحية في الدول النامية، موضوع رضاعة الأطفال في بريطانيا حيث تسجل نسبة الرضاعة الطبيعية مستوى منخفضاً لها، وكذلك في العديد من بلدان العالم.
يقول المختصون إن تدني نسبة اعتماد الرضاعة الطبيعية في بريطانيا ينطوي على انتشار أمراض خطيرة بين الأطفال، فعلى سبيل المثال يصاب الأطفال الذين لا يرضعون حليب الأم الطبيعي بأمراض التهاب الأمعاء أكثر من أقرانهم الذين يحصلون على رضاعة طبيعية بكثير. وهذا العلاج يكلف النظام الصحي في بريطانيا وحدها نحو خمسة وثلاثين مليون جنية إسترليني في العام.
 
والأطفال الذين لا يرضعون حليب أمهاتهم أكثر عرضة للإصابة بأمراض الحساسية والأمراض المزمنة مثل الربو الذي يصاحبهم طوال حياتهم! والحل كما يراه برنامج أصدقاء الطفولة يكمن بتدريب القابلات والممرضات لإعطاء النصح والإرشاد للأمهات في الأيام الأولى من الولادة، ويقول المسؤولون في البرنامج إن مهمتهم هي نشر الرضاعة الطبيعية والتقليل من نسبة لجوء الأمهات إلى قنينة الحليب. وقد حقق هذا البرنامج نتائج جيدة خلال سنوات قليلة فقد ارتفعت نسبة الأمهات اللاتي يعتمدن الرضاعة الطبيعية في المناطق التي نشط فيها.
امنحي طفلك ذكاء أكثر
أجرى باحثون من النرويج والدانمرك دراسة على نحو ثلاث مئة وخمسين طفلا تتراوح أعمارهم بين ثلاثة عشر شهراً و خمس سنوات لمعرفة الفترة التي حصلوا خلالها على رضاعة طبيعية وعلاقتها بمستويات الذكاء والقدرة على التحصيل، وأظهرت الدراسة أن الأطفال الذين حصلوا على رضاعة طبيعية لمدة تقل عن ثلاثة أشهر كانوا عرضة لانخفاض مستوى الذكاء إلى أدنى من المتوسط عن الأطفال الذين حصلوا على رضاعة طبيعية لمدة ستة أشهر أو أكثر.
الدراسة تقول إنه ينبغي الاستمرار في الرضاعة الطبيعية للعام الثاني
وحتى عند أخذ عوامل أخرى مثل عمر الأم، ومستوى تعليمها وإذا ما كانت تدخن أم لا في الاعتبار، استمرت تلك الاختلافات في الظهور!! ولكن لم تظهر الدراسة وجود اختلافات بين الأطفال الذين حصلوا على رضاعة طبيعية، ومن لم يحصلوا عليها فيما يتعلق بالتوافق العضلي العصبي للطفل. ويقول الدكتور تورشتاين فيك من إدارة الطب الأسري بالجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجي إن نتائج الدراسة تشير إلى أن طول فترة الرضاعة الطبيعية مفيد لزيادة قدرة الطفل على التعلم.
ويضيف أن السبب قد يعود إلى قوة الرابطة التي تمنحها الرضاعة الطبيعية بين الأم والطفل أو ما يحتويه لبن الأم من مواد مغذية ضرورية للنمو. ويشير إلى احتمالات أن تكون تلك الأحماض الدهنية هي السبب وراء زيادة فعالية الغذاء اللازم لنمو الطفل.
وقد تكون هذه هي حلقة الوصل بين آثار التغذية من خلال الرضاعة الطبيعية والنمو العقلي للطفل. وتقول بليندا فيبس رئيسة جمعية المواليد الوطنية إن الدراسة، التي نشرت في جريدة أرشيف أمراض الطفولة المتخصصة، تؤكد ما تدعو إليه الجمعية منذ زمن طويل، وهو أن الرضاعة الطبيعية هي الأفضل، لأنها الأسلوب الذي حبته الطبيعة للأم لإطعام طفلها!!!
وهنا أتوقف قبل أن نكمل نتائج الدراسة وينبغي أن نقول إن الله تعالى هو الذي هيَّأ للأم هذا الحليب الصافي السائغ، وليست الطبيعة! يقول تعالى: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) [الزمر: 62].
وتقول بليندا فيبس: إن هذه الدراسة ستكون لها آثار رادعة على الأمهات الراغبات في العودة للعمل مبكراً بعد الولادة، وتؤكد أن النصيحة المقدمة إليهن ستكون التريث واستمرار الرضاعة الطبيعية لأطفالهن حتى السنة الثانية من العمر!
خلِّصي طفلك من السمنة الزائدة
خلصت دراسة أمريكية حديثة إلى أن حليب الأم يحتوي على بروتين ربما يقلل من خطر الإصابة بالسمنة المفرطة. ووجد فريق من الباحثين بالمركز الطبي لمستشفى الأطفال في سيسيناتي أن هناك علاقة بين مستوى البروتينات والإصابة بالسمنة. ويعتقد الباحثون أن احتواء حليب الأم على نسب عالية من هذا النوع من البروتينات قد يؤثر على إصابة الشخص بالسمنة في وقت لاحق من حياته. وعرضت نتائج الدراسة في الاجتماع السنوي للأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال في سان فرانسيسكو.
ويقول الباحثون إن هذه الخطوة تعد الأولى في فهم العلاقة بين حليب الأم وعمليات الأيض. واكتشفت الدكتورة ليزا مارتين وزملاؤها احتواء حليب الأم على مستويات عالية من البروتينات التي تنتجها الخلايا الدهنية والمسؤولة عن تنظيم عمليات الأيض في الجسم والمعروفة باسم "اديبونيكتين".
وتقوم الخلايا الدهينة بإفراز هذا النوع من البروتينات التي تؤثر على كيفية معالجة الجسم للمواد السكرية والدهنية في الدم. وهناك علاقة بين انخفاض مستوى هذا البروتين والإصابة بالسمنة المفرطة إضافة إلى النوع الثاني من مرض السكري ومقاومة الأنسولين وأمراض الشرايين التاجية. وهناك علاقة عكسية بين مستوى هذا النوع من البروتينات وخطر الإصابة بالأمراض حيث أن ارتفاع مستويات هذه البروتينات يرتبط بانخفاض معدل الإصابة بالمرض.
 
ينادي العلماء اليوم بضرورة الابتعاد عن زجاجات الحليب المجفف ويؤكدون وجود علاقة بين السمنة الزائدة وبين التغذية غير الطبيعية للطفل! وتقول روزميري دودز، من جمعية الولادة الوطنية: إن الجمعية حريصة على دعم الرضاعة الطبيعية وإننا نؤيد النساء في أخذ قرار بأن الرضاعة الطبيعية هي الأفضل لهن. ويقول الدكتور مارتين: إن مستوى البروتينات خلال فترة النمو في المراحل المبكرة ربما يكون له تأثير على الإصابة بالأمراض لاحقاً في فترة الشباب. ويقول الدكتور ايان كامبل، رئيس منتدى السمنة القومي: نعرف أن هناك علاقة بين الرضاعة الطبيعية وانخفاض خطر الإصابة بالسمنة لكننا لسنا متأكدين من السبب. إن خطر الإصابة بالسمنة المفرطة يقل مع زيادة مدة الرضاعة الطبيعية. وهذا تأثير تراكمي فكلما طالت مدة تناول حليب الأم كلما تحسنت الحالة.
احمي طفلك من الموت المفاجئ
توصل بحث علمي جديد إلى أن الرضاعة الطبيعية قد تحمي الطفل من وفاة المهد. ومع أن دور الرضاعة الطبيعية لم يعرف بعد لكن الاعتقاد يتركز على أن الاتصال القريب بين الأم والطفل هو العامل الرئيسي. وتقول الدراسة إن الرضاعة الطبيعية لفترة أربعة أشهر على الأقل لها علاقة بالحد من مخاطر وفاة الأطفال المفاجئة. إلا أن دراسات كانت قد أجريت في السويد وإنجلترا واسكوتلندا لم تجد صلة بين الرضاعة الطبيعية ووفاة السرير، على العكس من دراسة أخرى أجريت في نيوزيلندا أشارت إلى وجود مثل هذه الصلة.
ويقول الدكتور بيرنت آلم وزملاؤه الذين أجروا الدراسة الجديدة إن الرضاعة الطبيعية تبعد خطر الإصابات الجرثومية وقد يكون ذلك الاحتمال الأرجح. لكنهما يضيفان أن تكرار الرضاعة والاتصال المباشر قد يقللان من الخطر. وتضمنت الدراسة التي أجريت في معهد صحة الأم والطفل في السويد استطلاعا شمل 244 من آباء الأطفال ضحايا هذه الحالة في كل من الدانمرك والنرويج والسويد. وقارن الباحثون النتائج باستطلاع أجري مع آباء 800 طفل. ووجدوا أن الأطفال الذين رضعوا رضاعة طبيعية لمدة تقل عن ثمانية أسابيع أكثر تعرضا لوفاة المهد من الذين رضعوا لفترة أربعة أشهر فما فوق بمقدار ثلاث إلى خمس مرات.
 
الرضاعة غير الطبيعية انتشرت بشكل كبير مما قد يؤثر على الجيل القادم!! ويقول متحدث باسم مؤسسة بحوث الأطفال في بريطانيا إن الدراسة الجديدة مثيرة للاهتمام لكن دراسة مماثلة يجب أن تجرى في بريطانيا حيث ينخفض مستوى الرضاعة الطبيعية إلى أدنى مستوى. تنصح المؤسسة الأمهات بالركون إلى الرضاعة الطبيعية باعتبارها نافعة لصحة الأطفال وتساعد على رفع مناعتهم ضد الأمراض. وتشير الإحصاءات إلى وقوع وفاة مهد واحدة في اليوم في بريطانيا وتقع الوفيات عادة في السنة الأولى من عمر الطفل.
هذا هو ديننا الحنيف!
إن النتائج السابقة تزيدنا حباً لهذا الدين وثقة ويقيناً بما جاء به سيد البشر عليه الصلاة والسلام. فقد أكد النبي على أهمية الرضاعة الطبيعية قبل علماء الغرب بأربعة عشر قرناً لدرجة أنه حرَّم الأم التي ترضع طفلاً وجعل أولادها إخوة له! أليس هذا اهتماماً بالغاً من النبي الكريم بالرضاعة الطبيعية؟
ثم إن الله تعالى عندما أمر الأمهات أن يرضعن أولادهن عامين كاملين، أليس فيه مصلحة للأم المرضع وللطفل على حد سواء؟ وسؤالنا: لماذا لا نفتخر بهذا الدين الرائع؟! ولماذا نلجأ إلى غيره وقد وفَّر الله علينا عناء البحث والدراسة وأخبرنا بالمدة المثالية للإرضاع وهي سنتان فقال: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) [البقرة: 233]، حتى في حال حدوث نزاع أو مشكلة لم يأمرنا الله باللجوء إلى الرضاعة بحليب البقر مثلاً، بل بمرضعة أخرى غير أمه، يقول تعالى: (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى) [الطلاق: 6].
فالحمد لله الذي جعلنا مسلمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين