متي يعذر المسلم
الناقل :
صيد الخاطر
| الكاتب الأصلى :
العلامة عبد العزيز بن باز
| المصدر :
www.binbaz.org.sa
متي يعذر المسلم
هل يعذر المسلم إذا فعل شيئا من الشرك كالذبح والنذر لغير الله جاهلا ؟
الأمور قسمان :
قسم يعذر فيه بالجهل وقسم لا يعذر فيه بالجهل . فإذا كان من أتى ذلك بين المسلمين ، وأتى الشرك بالله ، وعبد غير الله ، فإنه لا يعذر لأنه مقصر لم يسأل ، ولم يتبصر في دينه فيكون غير معذور في عبادته غير الله من أموات أو أشجار أو أحجار أو أصنام ، لإعراضه وغفلته عن دينه ، كما قال الله سبحانه :
وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ
[1]
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما استأذن ربه أن يستغفر لأمه لأنها ماتت في الجاهلية لم يؤذن له ليستغفر لها؛ لأنها ماتت على دين قومها عباد الأوثان ، ولأنه صلى الله عليه وسلم قال لشخص سأله عن أبيه ، قال :
((هو في النار))
، فلما رأى ما في وجهه قال :
((إن أبي وأباك في النار))
لأنه مات على الشرك بالله ، وعلى عبادة غيره سبحانه وتعالى ، فكيف بالذي بين المسلمين وهو يعبد البدوي ، أو يعبد الحسين ، أو يعبد الشيخ عبد القادر الجيلاني ، أو يعبد الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم ، أو يعبد عليا أو يعبد غيرهم . فهؤلاء وأشباههم لا يعذرون من باب . أولى . لأنهم أتوا الشرك الأكبر وهم بين المسلمين ، والقرآن بين أيديهم . . وهكذا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم موجودة بينهم ، ولكنهم عن ذلك معرضون .
والقسم الثاني : من يعذر بالجهل كالذي ينشأ في بلاد بعيدة عن الإسلام في أطراف الدنيا ، أو لأسباب أخرى كأهل الفترة ونحوهم ممن لم تبلغهم الرسالة ، فهؤلاء معذورون بجهلهم ، وأمرهم إلى الله عز وجل ، والصحيح أنهم يمتحنون يوم القيامة فيؤمرون ، فإن أجابوا دخلوا الجنة ، وإن عصوا دخلوا النار لقوله جل وعلا
: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا
[2]
ولأحاديث صحيحة وردت في ذلك . وقد بسط العلامة ابن القيم رحمه الله الكلام في هذه المسألة في آخر كتابه : طريق الهجرتين لما ذكر طبقات المكلفين ، فليراجع هناك لعظم فائدته .
[1]
سورة الأحقاف الآية 3.
[2]
سورة الإسراء الآية 15.