علم الأجنة في القرآن الكريم

الناقل : mahmoud | المصدر : www.55a.net

إن الجنين في مرحلة المضغة يحتوي علي أصول جميع أجهزة الجسم ( الجهاز الدوري – التنفسي – الهضمي – البولي ) فأوليات جميع الأجهزة قد إكتمل تشكيلها ولكن تفاصيل هذه الأجهزة لم تكتمل بعد..وأيضاً فإن بعض الخلايا قد تخصصت
(Differentiated) ولكن بعضها ما زال غير متخصص في صور خلايا غير متميزة Undifferentiated والعجيب أن القرآن الكريم يصف المضغة بهذا الوصف (مخلقةٍ وغير مخلقة ) ولاحظ إستعمال القرآن الكرسم للفظ (مخلقة ) ولم يستعمل لفظ (مخلوقة) فكل الخلايا في هذه المرحلة (مخلوقة ) ولكن بعضاً منها ما زالت غيرُ مُخلقة وغير مُخلقة تعنى عدم إحكام الصنعة فهى ما زالت غير محكمة الصنعة حيث بعض الخلايا لم تتخصص في وظيفتها كما أن الأجهزة ما زالت في صورة أولية، فجمع الجنين في هذه المرحلة بين وصف ( مُخلقة ) من حيث إكتمال تشكيل المضغة في ذاتها على أحسن هيئة وتخصص بعض خلاياها وبين وصف ( غير مخلقة ) من حيث عدم إكتمال صفة الأجهزة وعدم تخصص كثير من الخلايا والله تعالى أعلم. قال تعالى(....ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم....) (سورة الحج:5).

12- جمع الخلق

صورة لجنين في اليوم الثاني والأربعين من عمره وقد ظهر الرأس وبدايات تكون العينين والأذنين وأصابع اليدين
Moore and Persaud، 1998، Before we are born، 5th ed.، p:94

يصف الرسول صلى الله عليه وسلم الجنين في هذه المرحلة بلفظة معبرة فيقول صلى الله عليه وسلم: ( إن أَحَدكم يُجْمَعُ خَلْقه في بطن أُمه أربعين يوماً.ثم يكون فى ذلك علقة مثل ّذلك ثم يكون فى ذلك مضغة مثل ّذلك.....الحديث) (صحيح مسلم). إن طور المضغة في أواخر الأسبوع السادس (40-42 يوم ) يتميز بعدة خصائص:
1-يكون طوله في حدود 1 سم.أي في حيز صغير جداً
2- يكون على هيئة مقوسة وبذلك يكون طرفاه مجموع أحدهما الي الآخر
3- تجتمع بداخله بدايات جميع أجهزة الجسم.
فحق لنا أن نقول أنه قد تم (جمع خلقه) في هذه المرحلة وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم
جاء الحديث الشريف بثلاثة روايات لأئمة الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه:
رواية البخارى الصحيحة- رواية مسلم الصحيحة – رواية أبوعوانة ( وهى ضعيفة السند رغم شهرة النص)
رواية أبوعوانة لواعتبرناها لفسد المعنى حيث لفظها عنده: (إن أَحَدكم يُجْمَعُ خَلْقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ) وهذا معناه أن النطفة تستمر الي اليوم الأربعين ولكن الرواية الصحيحة هي رواية الإمام البخاري: ‏حدثنا ‏ ‏أبوالوليد هشام بن عبد الملك ‏ ‏حدثنا ‏ ‏شعبة ‏ ‏أنبأني ‏ ‏سليمان الأعمش ‏ ‏قال سمعت ‏ ‏زيد بن وهب ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الله ‏ ‏قال ‏:حدثنا رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وهوالصادق المصدوق قال: ( ‏ ‏إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما ثم ‏ ‏علقة ‏ ‏مثل ذلك ثم يكون ‏ ‏مضغة ‏ ‏مثل ذلك ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربع برزقه وأجله وشقي أوسعيد فوالله إن أحدكم ‏ ‏أوالرجل ‏ ‏يعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها غير باع أوذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها غير ذراع أوذراعين فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها) (صحيح البخاري/كتاب القدر/في القدر).
ولكن هناك أيضاً زيادة هامة عند الإمام مسلم، والنص عنده هو: ‏حدثنا ‏ ‏أبوبكر بن أبي شيبة ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبومعاوية ‏ ‏ووكيع ‏ ‏ح ‏ ‏وحدثنا ‏ ‏محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني ‏ ‏واللفظ له ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبي ‏ ‏وأبومعاوية ‏ ‏ووكيع ‏ ‏قالوا حدثنا ‏ ‏الأعمش ‏ ‏عن ‏ ‏زيد بن وهب ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الله ‏ ‏قال: ‏ حدثنا رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏وهوالصادق المصدوق:(‏ ‏إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون في ذلك ‏ ‏علقة ‏ ‏مثل ذلك ثم يكون في ذلك ‏ ‏مضغة ‏ ‏مثل ذلك ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أوسعيد فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه ‏ ‏الكتاب ‏ ‏فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه ‏ ‏الكتاب ‏ ‏فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها)( صحيح الإمام مسلم / كتاب القدر / ‏كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله).

والزيادة في نص الحديث عند الإمام مسلم هي قوله صلي الله عليه وسلم (في ذلك علقة مثل ذلك ) و( في ذلك ‏ ‏مضغة ‏ ‏مثل ذلك) فلفظ في ذلك أي خلال نفس المدة مما يعني أن المراحل الثلاث تتم جميعاً في الأربعين الأولى.
والزيادة التى في صحيح مسلم هى زيادة ثقة ويجب إضافتها الي النص لإكتمال المعنى حسب مبادئى علم مصطلح الحديث وبذلك يكون المعنى: إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً ثم إنه يكون في هذه الأربعين أيضاً علقة تامة الخلق مكتملة التكوين ثم إنه يكون في هذه الأربعين أيضاً مضغة تامة الخلق مكتملة التكوين..وبذلك يكون في هذا الحديث دروس عظيمة من دروس علم مصطلح الحديث:
1- حسن التثبت من صحة الحديث، فإن رواية أبوعوانه الضعيفة تفسد المعنى.
2- أهمية دراسة جميع طرق الحديث ونصوصه المختلفة.
3- أهمية إعتبار الزيادة في حديث الثقة عند دراسة النص حتى يكتمل المعنى مثلما إعتبرنا لفظ ( في ذلك ) للإمام مسلم عند دراسة نص الإمام البخارى وبذلك كانت صيغة الإمام مسلم لهذا الحديث هى أقرب وأكمل صيغة له.

13- العظام

ينتهي تكون النموذج الغضروفي لعظام الأطراف في الأسبوع السادس وتتحول أغلب النماذج الغضروفية إلى عظام
خلال الأسبوع السابع وما بعده.
Moore and Persaud، 1998، Before we are born، 5th ed.، p: 394

إذا كان انتهاء المضغة في نهايه الأسبوع السادس كما يوضح ذلك نص حديث الرسول صلى الله عليه وسلم فى البخارى ومسلم والنص لمسلم.( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً..... ) وكما أكد ذلك أيضاً العلم الحديث من أن هذه المضغة في الجنين من حيث جمعها وشكلها ورسمها التى تشبه قطعة اللحم تستمر في الأسبوع الخامس والسادس.. فإن خلق العظام يبدأ في الأسبوع السابع حيث أن النموذج الغضروفي للعظام يتكون غالبا خلال الأسبوعين الخامس والسادس ومن المعجز أن القرآن الكريم يعبر عن هذا التتابع بحرف ( ف) الذى يدل على الترتيب مع التعقيب فيقول الله تعالى ( فخلقنا المضغة عظاماً) (المؤمنون: 14).
إن خلق العظام يبدأ من نقاط تعظم موجودة في النموذج الغشائى أوالنموذج الغضرفي الذى يتحول تدريجياً الي عظام. حيث يبدأ التعظم من نقطة محددة وينشز في حلقات دائرية حتى تكتمل المهمة والقرآن الكريم قد أوضح هذه الحقيقة بإشارة لطيفة.. حيث استعمل لفظ ( نشز ) الذىيدل على الإنتشار في موضعين، الأول في قوله تعالى ( ياأيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل لكم انشزوا فانشزوا.... ) (سورة المجادلة: 11). حيث يكون نشز الجمع من الناس إستيعاباً للزيادة من القادمين الجدد وذلك بالتراص في دوائر مع التوسعة من المنتصف فتنتظم الحلقات ويتم إستيعاب الزيادة. وجاء إستعمال نفس اللفظ في تخليق العظام، قال تعالى (....وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما...) (سورة البقرة: 259) حيث تتسع حلقات العظام الصلبة وتنتشر من المنتصف الى الأطراف. وعلى هذا يكون اللفظ المعجز للدلالة على بدايات تكوين العظام ثم انشازها هولفظ (ننشزها) الذى استعمله القرآن لبكريم.


14- فكسونا العظام لحماً

 

 


كقاعدة اساسية: يسبق انتشار الخلايا الأولية المكونة للعظام (Sclerotome) انتشار الخلايا الأولية المكونة للحم (Myotome)، حيث تنتشر الخلايا الأولية المكونة للحم لتغطي الخلايا الأولية المكونة لعظام
Sadler، Langman's Medical Embryology 10th ed.، 2006، p: 75
 
 

 

الشكل يوضح مصدر الخلايا الأولية المكونة للعضلات من القطع الجسدية خلال الأسبوع السادس
والشكل يوضح الإنتشار الفعلي للأنسجة العضلية في الأسبوع الثامن
Moore and Persaud، 1998، Before we are born، 5th ed.، p: 402

إذا كان خلق العظام يكون في الأسبوع السابع فإن تغطيتها باللحم يتبع ذلك في الأسبوع الثامن مباشرة وقد عبر القرآن الكريم عن تطور الجنين في هذه المرحلة بتعبير معجز مع قلة عدد كلماته وعظيم معانيه..قال تعالى (.... فكسونا العظام لحماً...) (المؤمنون: 14). وأبسط الاستنتاجات من الآية وفقاً لأصول اللغة العربية تنطبق على أحدث المعارف العلمية حيث أنها:
أولاً تدل على أن خلق العظام يتم قبل خلق اللحم وهذا قمة الدقة في الصدق،فالعظام تنشأ في الأسبوع السابع وتكسى باللحم في الأسبوع الثامن
ثانياً: تدل على التعاقب بين الخلقين وذلك مستنتج من حرف(ف) الذى يدل على التعقيب مع السرعة.
ثالثاً: لفظ الكساء باللحم هوأفضل وصف بين العظام واللحم حيث تكسى العظام باللحم كما يكسى الرجل الثوب فكلاً من اللحم والعظام يبدأ في التخلق من البروزات الموجودة على جانبى بدايات العمود الفقرى في مرحلة المضغة ثم تنتشر الخلايا الأولية المكونة للعظام ويتبعها الخلايا الأولية المكونة للحم ويكون كساء اللحم للعظام تالياً لتشكل العظام.

15- النشأة خلقاً آخر
 

(أ)
Sadler، Langman's Medical Embryology 9th ed، 2004، p:389

 

(ب)
Moore and Persaud، 1998، Before we are born، 5th ed.، p:95

 

(ج)
Moore and Persaud، 1998، Before we are born، 5th ed.، p:105

 

(د)
Moore and Persaud، 1998، Before we are born، 5th ed.، p:37

(أ)في البداية:العينان متباعدتان على جانبي الرأس وموضع الأذنين إلى الأسفل والأنف في صورة فتحتان متباعدتان وفتحة الفم متسعة.
(ب) جنين في نهاية الأسبوع السابع من الحمل.العينان على جانبي الرأس، الأذنان في موضع أسفل من الوضع الطبيعي.
(ج) الرأس تمثل نصف طول الجسم في بداية الشهر الثالث، ثلث طول الجسم في نهاية الشهر الخامس، ربع طول الجسم عند الولادة.
(د) طول الجسم حوالي 7 سم في نهاية الشهر الثالث، يصل إلي حوالي 50 سم في نهاية الحمل.

ابتداءً من الأسبوع التاسع ( بداية الشهر الثالث ) وحتى نهاية الحمل يكون أهم ما يميز الجنين في هذه المرحلة صفتان:
الصفة الأولى: النموالسريع في الطول والوزن من مضغة يبلغ طولها حوالي 2-3 سم ووزنها نحوخمسة جرامات في نهاية الأسبوع السابع إلى طفل مكتمل النموطوله حوالى50سم ووزنه نحوثلاثة كيلوجرامات ونصف عند الولادة وهومعدل نموسريع جداً لا يتكرر باقي العمر وهذه الصفة المميزة قد عبر عنها القرآن الكريم في قوله تعالى (... ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ) (سورة المؤمنون:14). والنشأة هي الزيادة والنمو.
الصفة الثانية: تعديل نسب أجزاء الجسم المختلفة الخارجية والداخلية وأماكنها:
أ‌) في البداية تكون الرأس طولها حوالي نصف طول الجسم والعينان متباعدتان على جانبي الرأس وموضع الأذنين إلى الأسفل والأنف في صورة فتحتان متباعدتان وفتحة الفم متسعة والجسم مقوس بشدة فيعتدل كل ما سبق فيكون طول الرأس يماثل ربع طول الجسم عند الولادة ويعتدل وضع العينين في مقدم الوجه ويرتفع موضع الأذنين وتتقارب فتحتا الأنف وتصغر فتحة الفم كما يعتدل تقوس الجسم.

ب‌) أما الأعضاء الداخلية فتنزل الخصية من الظهر على جانبي العمود الفقري إلى كيس الصفن في الذكور أوينزل المبيض من الظهر على جانبي العمود الفقري إلى جانبي تجويف الحوض في الإناث بينما تصعد الكلى من الحوض إلى جانبي العمود الفقري إلى غير ذلك مما يطول سرده وهذه الأعضاء الداخلية هي ما تعرف في علم الأجنة باسم الأعضاء المهاجرة (Migrating organs).
وهذه الصفة..وهى التعديل..قد عبر عنها القرآن الكريم في قوله تعالى ( يأيها الإنسانُ ما غرك بربك الكريم، الذي خلقك فسواك فعدلك ) (سورة الانفطار:6-7) وبذلك فإن القرآن الكريم لم يكتف بالإشارة إلى النشأة والتعديل كمرحلة من مراحل تطور الجنين بل وضعهما أيضاً في الترتيب الزمني الصحيح كآخر مراحل خلق الجنين قبل الولادة.


تتكون الكلى في البداية في تجويف الحوض ثم تهاجر لتصعد إلى مكانها المعتاد
Sadler، Langman's Medical Embryology 10th ed،2006، p:236

16- تيسير السبيل

Moore and Persaud، 1998، Before we are born، 5th ed.، p:135

 

كيف يخرج الجنين المكتمل النمومن رحم الأم إلى الخارج ؟
إن عملية الولادة هي عمل معجز. فطوال الحمل كان جسم الرحم مرتخياً ليستوعب الجنين وكان عنق الرحم مغلقاً بإحكام وإلا حدث السقط. ولكن عند بدء عملية الولادة يتم إفراز هرمونات تؤدي إلى إنعكاس هذا الوضع فيبدأ عنق الرحم في الإرتخاء والقصر واللين حتى يختفي عند الولادة الفعلية بينما يبدأ جسم الرحم في الإنقباضات المتوالية ليدفع بالجنين إلى الخارج كما أن الهرمونات تؤدي إلى إرتخاء أربطة مفاصل الحوض فتسمح بحركة خفيفة في عظام الحوض عند مرور الجنين مفسحةً له مكاناً أوسع لتيسير له طريق الخروج من الرحم. والجنين نفسه لا يخرج على هيئته وحوله كيس ممتلىء بالماء بل ينفجر كيس الماء أولاً في الغالب ليندفع الماء إلى الخارج فيغسل مجرى خروج الجنين بما يحتويه من مطهرات فيمنع عنه ما شاء الله من البلاء. وأخيراً فعند خروج الجنين يتحرك حركات نصف دائرية
وينثني ثم ينفرد في حركات متتابعة دقيقة لا يمكن أن يكتب له الخروج بدونها في تتابع دقيق محكم ضمن خطة كاملة لإخراج هذا الجنين من ضيق الرحم إلى سعة الحياة وصدق الله العظيم إذ يقول تعالى: ( من نطفة خلقه فقدره، ثم السبيل يسره ) (سورة عبس: 19-20).
 

17- أسس وضع المصطلحات العلمية في علم الأجنة

شكل يوضح حساب مراحل نموالجنين حسب تقسيم العالم (كارنيجي) إن المصطلح العلمي حتى يحقق الغرض منه يجب أن تتحقق ثلاث أسس هامة هى:

ـ أن يكون المصطلح واصفاً للمظهرالخارجى.
ـ أن يعكس العمليات الداخلية التى تحدث في كل طور.
ـ أن يتحاشى الإلتباس عند بداية كل مرحلة ونهايتها.
واستعمال القرآن الكريم للألفاظ: نطفة – علقة- مضغة – عظام – لحم – نشأة – تعديل، هوأدق وأبسط مصطلح يحقق هذا الغرض. فلفظ نطفة يدل على قطرة من سائل وهوهنا ماء الرجل والمرأة وفي إضافة أمشاج إليها في بعض الآيات تفصيل معجز للدلالة على بدأ الخلق بإتخاذ نطفة الرجل والمرأة وما فيهما من مادة وراثية. وهى تظل على صورة القطرة حوالي الأسبوع الأول من الحمل.
ولفظ علقة الذي جاء بعد النطفة يصف مظهر هذا الطور وهويسبح متعلقاً بجدار الحوصلة ومتطفلاً في تغذيته على دماء الأم المحيطة بالحوصلة لعدم وجود قلب به وهومع ذلك يشبه طفيل العلق المعروف ويستمر على هذا الشكل في الأسبوعين الثاني والثالث.
ولفظ مضغة يصف مرحلة الأسبوع الرابع والخامس والسادس والتي تتميز ببروز النتوءات الجانبية التي تجعل شكل الجنين مثل قطعة اللحم الممضوغة والتي لا يتجاوز طولها 1-2سم.
وبينما يكون أظهر حدث فى الأسبوع السابع هوبداية تكون العظام، فإن أوضح أحداث الأسبوع الثامن هوكساء العظام بالحم.
وهذه الأطوار المتعاقبة قد عُبر عنها في سرعة تعاقبها فى قوله تعالى ( ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة.... ) (سورة المؤمنون: 14)، ثم يأتي الترتيب في نشأة العظام وكساؤها باللحم واستعمال حرف العطف ( ف ) في قوله تعالى (...فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً.....) (سورة المؤمنون: 14)
وأخيراً وصف المرحلة الأخيرة بالنشأة حيث النمووتضاعف الحجم والتعديل حيث تتعدل نسب الجسم وأماكن الأعضاء.ولإن ذلك يستغرق مدة طويلة فقد استعمل القراَن الكريم لفظ (ثم) الدال على الترتيب مع التراخي.
لقد احتار العلماء في كيفية وصف المراحل المعقدة لتطور الأجنة فوصفها بعضهم حسب الأسبوع فيقول يحدث في الأسبوع الأول كذا ويحدث في الأسبوع الحادي عشر كذا، ووصفها بعضهم حسب المراحل فقال يحدث في المرحلة الأولى...والمرحلة الثانية.....والمرحلة الخامسة عشر... وهكذا... وهذه المصطلحات لا معنى لها عند غير المتخصصين، فغير المتخصص لا يمكنه أن يستحضر شكل الجنين في الأسبوع الثامن أوخصائصه في المرحلة الحادية والعشرين.

ولكل إذا أطلق لفظ نطفة – علقة – مضغة – عظام – لحم – نشأة. فإن المصطلح يعطي المعنى المطلوب تماماً عند المتخصص وغير المتخصص على السواء مع ما عند المتخصص من العلم الإضافي في هذا المجال.


Moore and Persaud، 1998، Before we are born، 5th ed.، p:44

النطفة- الأسبوع الأول

   

العلقة – الأسبوعين الثاني والثالث

   

المضغة – الأسابيع 3-4-5

 

 

العظام الأسبوع السابع

 


Sadler، Langman's Medical Embryology 9th ed،2006، p:184

 

 
   

اللحم الأسبوع الثامن


Moore and Persaud، 1998، Before we are born، 5th ed.، p:402

 
   

النشأة خلقاً آخر الأسبوع التاسع-إلى آخر الحمل


Moore and Persaud، 1998، Before we are born، 5th ed.، p:105

 

ولذلك فقد قدم واحدٌ من أعظم علماء علم الأجنة في هذا المجال وهوالعالم الكندي "kethmore" بحثاً لأحد المؤتمرات العلمية عام 1989 مقترحاً تعديل أوصاف الجنين عند تدريسها لطلاب الطب لتتطابق مع الألفاظ القرآنية بإعتبارها أفضل وصف معبر عن كل مرحلة.
لقد أظهرت هذه الآيات المبهرات صدق القراَن الكريم كما قال تعالى (وقل الحمد سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون) (سورة النمل: 93). كما أعطت دليلا مبهرا على البعث بعد الموت قال تعالى (يأيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم....) (سورة الحج:5). فثبتت بحمد الله العقيدة الصحيحة في قلب المسلم وأقامت الحجة الدامغة على غير المسلم كما قال تعالى:(....ليهلك من هلك عن بينة ويحي من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم) (سورة الأنفال:42).
هذا ما تيسر ذكره ملخصاً في هذا الموضوع. فإن كان من صواب فمن الله، وما كان من خطأ أووهم أونسيان فمني ومن الشيطان، فلله الحجة الدامغة. والحمد لله رب العالمين.

بقلم الأستاذ الدكتور مصطفى عبد المنعم
أستاذ علم الأجنة والتشريح
كلية الطب–جامعة طيبة
المدينة المنورة
moustmon@yahoo.com

الهوامش:

(1) فتح البارى ج11 ص477491
وفى هذا دليل على أننا يمكن أن نرد على الإدعاءات التى تلبس مسوح العلم بما عندنا من علم شرعى صحيح قطعى الثبوت والدلاله.. فقد رد الإمام ابن حجر العسقلانى رحمه الله تعالى على هذا الزعم وهومن علماء القرن التاسع الهجري ) 773 H852)
ونظن أنه لووصلت اليه باقى الإدعاءات الاخرى التى سنذكرها الآن لشنع عليها ودحضها بما عنده من علم بالقرآن والسنة وفى هذا بيان لمنزلة العلماء الربانيين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

(2) نقل الامام ابن كثير في تفسيره عن عدد من السلف أن الصلب هوصلب الرجل وأن الترائب هي عظام صدر المرأة وهوومن نقل عنهم مأجورون بإذن الله تعالى حيث لم يكن عندهم في ذلك الوقت علم كوني يضبط التفسير فحملوه على المعنى المحتمل، ولكن هذا التفسير ليس مدعوم بحديث واحد مرفوع صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يرفع عنا الحرج في عدم الأخذ به والتمسك بما يتفق عليه العلم الشرعي مع العلم اللغوي والعلم الكوني وهذا ما تمسك به تفسير المنتخب الذي اصدره المجلس الاعلى للشئون الأسلامية في مصر، فقال في تفسير قوله تعالى (يخرج من بين الصلب والترائب):(الصلب)هومنطقة العمود الفقرى و(الترائب)هوعظام الصدر وقد بينت الدرسات الجينية الحديثة أن خلايا الجهاز التناسلى والبولى فى الجنين تظهر بين الخلايا الغضروفية المكونة لعظام العمود الفقرى وبين الخلايا المكونة لعظام الصدر...
(3) البويضة خلال إنتقالها من المبيض الى قناة فالوب أثناء سباحتها في هذا السائل تدور حول نفسها فى حركة دائرية فى نفس الإتجاه كل مرة (عكس إتجاه عقارب الساعة) ومن المذهل أن هذا الإتجاه هونفسه إتجاه دوران الإليكترون حول نواة الذرة،وإتجاه دوران الأرض حول الشمس وإتجاه دوران المجموعة الشمسية حول مركز المجرة وإتجاه دوران المجرات جميعاً حول مركز الكون. وهوكما لايخفى إتجاه دوران المسلم حول الكعبة المشرفة فى الطواف. وكأنها إشارة لطيفة من الخالق سبحانه وتعالى إلى إتساق الكون من الذرة الى المجرة مروراً بالإنسان وخضوع الجميع له سبحانه وتعالى وصدق الله العظيم إذ يقول: (... وكلٌ في فلك يسبحون) (سورة يس:40).

(4) تفسير ابن كثير وهناك تفسير آخر نقل عن ابن عباس ايضاً وهو(الصبح) كقوله تعالى (فالق الإصباح) والمعنى الذى يناسب المقام هوالأول وكلاهما صحيح والله تعالى أعلم