كيف يمكن تخفيض أسعار البترول، التي ضربت الناس من وجبة الرز الى تذاكر السفر؟ ومهما اختبأنا وراء المبررات فلن تخفى حقيقة أن وحش البترول أطلق من عقاله. البعض يلوم الدولار، وربما تآكل قيمته بالفعل سبب في ذلك، لكن ثمنه انخفض أربعين في المائة، في حين زاد سعر البترول ثلاثمائة في المائة، ويستمر النقاش.
فقد أثار السعر جدلا طبيعيا، بين مدافع يعتبره حقه جاءه متأخرا، وخاسر يعتبره استغلالا لسلعة استراتيجية تستوجب الحرب واحتلال منابع النفط. لكن الحديث الأهم ليس سبب الارتفاع، فالنفط سلعة ناضبة تستحق ككل السلع النادرة ثمنا غاليا، ورفع السعر له إيجابيات حيث يخفض الاستهلاك ويسهم في حماية البيئة، ويساعد في إطالة عمر البترول كمصدر للطاقة، الذي سيعود العالم بدونه الى عهد الكهوف والجمال والحمير. رفع السعر مهما بدا جشعا سينقذ العالم. لكن الأهم اليوم هو أن نعرف من المتضرر الحقيقي؟ ففي بعض التعليقات تشف، وتعبر عن سعادة بجلدهم الأميركيين والغربيين الآخرين بأسعار النفط، لكن الضحايا الحقيقيين دول مثل باكستان والاردن وسورية والمغرب وبنغلاديش. غالبية دول العالم الثالث لا تنتج نفطا ولا تملك دولارات كافيه تشتريه، ثم تجبر على دفع الثمن مرة ثانية مع ارتفاع سعر الخبز والرز والملابس. بنغلاديش الفقيرة تقول إنها ستحتاج الى أكثر من ملياري دولار لدعم أسعار الوقود، وباكستان لم تعد تملك مالا لدفع الفارق وستضطر لزيادة عدد الشرطة في الشوارع لان ضرب المتظاهرين ارخص من دفع المعونة. ماليزيا واندونيسيا، بلدان منتجان صغيران للبترول، فقد قررا رفع اسعار البنزين باربعين في المائة تقريبا. الصدمة النفطية الجديدة قد تقلب أنظمة، وتشعل العنف في الشوارع، وستنهار عملات، وربما تكسر اقتصاديات نامية كبيرة. أما الدول الغربية فهي غنية وتستطيع ان تتعايش مع الوضع الجديد، بل ان الحكومات الغربية تربح الكثير من وراء ارتفاع مداخيلها من ارتفاع أسعار البترول المثقلة بضرائب هائلة تفوق الضرائب على السجائر. والأميركيون مثلا يعادل استهلاكهم الصينيين، ثلاث مرات، اي يشربون من النفط اكثر مما يشربه ثلاثة الاف مليون صيني، لو كان هناك صينيون بمثل هذا العدد. أما الذين يعتقدون انها عقوبة الهية للرئيس الاميركي جورج بوش فهم لا يعلمون انها نعمة الهية له، لانه ينتمي لواحدة من اكبر ولايات البترول، تكساس. فاميركا اساسا منقسمة مثل العالم العربي حول المسألة النفطية، هناك ولايات تنتج وتزدهر من رفع اسعار البترول وهناك ولايات فقيرة نفطيا، تدفع ثمنه مرغمة. السعر قضاء وقدر لا راد له، لأن البترول قليل والطلب عليه كثير، وستقع كوارث كبيرة حيث ستنهار شركات مصنعة للسيارات والطيران، وربما حكومات. وحتى لو عولج السعر اليوم سيعود للارتفاع في عام آخر. ويتبقى للسياسيين اختراع أفكار دعائية مثل الحث على ممارسة رياضة المشي، وركوب الدراجات. صحيفة الشرق الاوس
فقد أثار السعر جدلا طبيعيا، بين مدافع يعتبره حقه جاءه متأخرا، وخاسر يعتبره استغلالا لسلعة استراتيجية تستوجب الحرب واحتلال منابع النفط. لكن الحديث الأهم ليس سبب الارتفاع، فالنفط سلعة ناضبة تستحق ككل السلع النادرة ثمنا غاليا، ورفع السعر له إيجابيات حيث يخفض الاستهلاك ويسهم في حماية البيئة، ويساعد في إطالة عمر البترول كمصدر للطاقة، الذي سيعود العالم بدونه الى عهد الكهوف والجمال والحمير. رفع السعر مهما بدا جشعا سينقذ العالم.
لكن الأهم اليوم هو أن نعرف من المتضرر الحقيقي؟
ففي بعض التعليقات تشف، وتعبر عن سعادة بجلدهم الأميركيين والغربيين الآخرين بأسعار النفط، لكن الضحايا الحقيقيين دول مثل باكستان والاردن وسورية والمغرب وبنغلاديش. غالبية دول العالم الثالث لا تنتج نفطا ولا تملك دولارات كافيه تشتريه، ثم تجبر على دفع الثمن مرة ثانية مع ارتفاع سعر الخبز والرز والملابس.
بنغلاديش الفقيرة تقول إنها ستحتاج الى أكثر من ملياري دولار لدعم أسعار الوقود، وباكستان لم تعد تملك مالا لدفع الفارق وستضطر لزيادة عدد الشرطة في الشوارع لان ضرب المتظاهرين ارخص من دفع المعونة. ماليزيا واندونيسيا، بلدان منتجان صغيران للبترول، فقد قررا رفع اسعار البنزين باربعين في المائة تقريبا.
الصدمة النفطية الجديدة قد تقلب أنظمة، وتشعل العنف في الشوارع، وستنهار عملات، وربما تكسر اقتصاديات نامية كبيرة. أما الدول الغربية فهي غنية وتستطيع ان تتعايش مع الوضع الجديد، بل ان الحكومات الغربية تربح الكثير من وراء ارتفاع مداخيلها من ارتفاع أسعار البترول المثقلة بضرائب هائلة تفوق الضرائب على السجائر. والأميركيون مثلا يعادل استهلاكهم الصينيين، ثلاث مرات، اي يشربون من النفط اكثر مما يشربه ثلاثة الاف مليون صيني، لو كان هناك صينيون بمثل هذا العدد.
أما الذين يعتقدون انها عقوبة الهية للرئيس الاميركي جورج بوش فهم لا يعلمون انها نعمة الهية له، لانه ينتمي لواحدة من اكبر ولايات البترول، تكساس. فاميركا اساسا منقسمة مثل العالم العربي حول المسألة النفطية، هناك ولايات تنتج وتزدهر من رفع اسعار البترول وهناك ولايات فقيرة نفطيا، تدفع ثمنه مرغمة.
السعر قضاء وقدر لا راد له، لأن البترول قليل والطلب عليه كثير، وستقع كوارث كبيرة حيث ستنهار شركات مصنعة للسيارات والطيران، وربما حكومات. وحتى لو عولج السعر اليوم سيعود للارتفاع في عام آخر. ويتبقى للسياسيين اختراع أفكار دعائية مثل الحث على ممارسة رياضة المشي، وركوب الدراجات.
صحيفة الشرق الاوس