أقر أعضاء هيئة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة "آيكان" (Icann)، والتي تنظم هيكلية ونظام عمل الشبكة العنكبوتية، بالإجماع خطة جديدة ستحدث تغييرا شاملا على نظام وطريقة تصفح الشبكة الدولية.
ففي اقتراع جرى اليوم الخميس في العاصمة الفرنسية باريس، وافق أعضاء الهيئة بالإجماع على تسهيل وحلحلة القواعد الصارمة الناظمة لما يُسمى "عناوين الصفحات الرئيسية على الشبكة"، أو اسم النطاق (الدومين)، مثل دوت كوم (com.) ودوت يو كي (uk.).
ويعني القرار الجديد لآيكان أنه قد بات بإمكان الشركات تحويل علاماتها التجارية إلى عناوين لصفحاتها الرئيسية على شبكة الإنترنت، كما باستطاعة الأفراد، على سبيل المثال، اختيار عناوين لهم استنادا إلى أسمائهم الشخصية.
ويعتقد البعض أن القرار سيسمح بوجود خمسة آلاف اسم لعنوان رئيسي على الشبكة، بينما ذهب البعض الآخر إلى حد التكهن بأن الطلب قد يصل حد إحداث مليارات المواقع الرئيسية على الشبكة.
وتسمح الخطة أيضا بكتابة أسماء المواقع الرئيسية بلغات غير الإنكليزية، كالعربية واللغات الآسيوية الأخرى.
وكان الدكتور بول تومي، الرئيس التنفيذي لهيئة "آيكان"، قد قال قُبيل التصويت في مقابلة مع بي بي سي إن الخطة الجديدة ستؤدي إلى إحداث التبدل الأكبر في الطريقة التي عملت بها الإنترنت على مر العقود الماضية.
وقال الدكتور تومي: "إن أثر ذلك سيكون مختلفا وملموسا في أنحاء العالم المختلفة، إلا أن الخطة الجديدة ستسمح للمجموعات والتجمعات والشركات بالتعبير عن هويتها من خلال عناوينها الرئيسية على الشبكة."
وأضاف قائلا: "إن حالنا كحال الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر، فنحن بصدد عملية افتتاح مؤسسات ما يشبه المؤسسة العقارية والكشف عن أراض جديدة وطرحها أمام الآخرين للاستثمار، وسيأتي أشخاص ويسيطرون على أجزاء من تلك الأراض بغية استعمالها لخدمة أغراضهم الخاصة بهم."
وتابع بالقول: "إن الأمر بمثابة زيادة هائلة في جغرافية عقار الإنترنت."
يُذكر أن "آيكان" دأبت خلال السنوات الثلاث الماضية على طرح أسماء نطاق جديدة على شبكة الإنترنت.
وتقتصر تلك العناوين الرئيسية في الوقت الراهن على بعض الدول مثل دوت يو كي (uk.) لبريطانيا ودوت آي تي (it.) لإيطاليا، بالإضافة إلى قطاع التجارة، مثل دوت كوم (com.) والمنظمات المؤسساتية، مثل دوت نت (net.) ودوت أورج (org.).
وللالتفاف على القيود المفروضة حاليا على استخدام عناوين الصفحات الرئيسية على الإنترنت، لجأت بعض الشركات إلى استخدام النظام الراهن من أجل خدمة مصالحها الخاصة.
فعلى سبيل المثال، قام سكان جزيرة بولينيزيا (المعروفون بشعب توفالو) بتأجير عملية استخدام عنوان دوت تي في (tv.) إلى العديد من شركات التلفزيون في العالم.
ووفقا للخطة الجديدة، فقد تصبح المئات من العناوين الرئيسية للإنترنت جاهزة للاستعمال مع نهاية العام الحالي، وقد يرتفع الرقم في المستقبل ليصل إلى حد مليارات المواقع.
تقول "آيكان" إنه سيكون بإمكان تسجيل سلسلة من الأحرف كأسم لعنوان رئيسية جديد على الإنترنت، لكن سيكون هنالك عملية تحكيم مستقلة لتمكين المستخدمين من الاعتراض على أي أمر يرغبون به بما يخص تلك الأسماء أو استخدامها.
وقد تمهد روح الانفتاح، التي سيتمتع بها النظام الجديد لعناوين الإنترنت، الطريق إلى ظهور عنوان من قبيل دوت إكس إكس إكس (xxx.) لمواقع الإنترنت المخصصة للبالغين، وذلك بعد عقود من الجدل والخصام الناشب بين مؤيدي مثل تلك المواقع و"آيكان".
فقد رفضت "آيكان" العام المنصرم آخر محاولة لإطلاق موقع دوت إكس إكس إكس، وذلك على خلفية أن من شأن منح تلك الموافقة أن يضع الهيئة في موقع المسؤول عن تنظيم مضمون ما يُبث على الشبكة، رغم أنها في الواقع مسؤولة فقط عن تنظيم هيكلية ونظام عمل الشبكة.
وعندما وُجه إليه السؤال بشأن إمكانية وجود اسم لعنوان دوت إكس إكس إكس على الشبكة في المستقبل، كرر الدكتور تومي تأكيده بأن النظام الجديد سيكون "مفتوحا لأي شخص كان".
لكن يمكن لمثل هذه المحاولة أن تصطدم بحائط مسدود، إذ أنه يمكن للجنة التحكيم المستقلة رفض العناوين الرئيسية للمواقع استنادا إلى أرضيات "أخلاقية أو مصلحة النظام العام".
وذكر الدكتور تومي إن "آيكان" لا تزال تعمل على تحديد مبلغ رسم التسجيل المطلوب من أجل الحصول على اسم عنوان رئيسي على الشبكة، إلا أنه من المتوقع أن يبلغ الرقم عدة آلاف من الدولارات على الأقل.
وأضاف: "نحن نقوم بعمل ذلك بناء على أساس استيفاء التكاليف فقط، فقد أنفقنا مبلغ 10 ملايين دولار أمريكي على المشروع حتى الآن."
وأوضح قائلا إنه سيكون بمقدور الأفراد تسجيل عناوين صفحاتهم الرئيسية على شبكة الإنترنت استنادا إلى أسمائهم الشخصية أو أي سلسلة أخرى من الأحرف، طالما استطاعوا إظهار خطة عمل أو إمكانية فنية" تمكنهم من تنفيذ مشاريعهم.
وفي الوقت الذي ستتمكن فيه الشركات بسهولة من تأمين أسماء عناوين رئيسية لها على الشبكة، استنادا إلى حق الملكية الفكرية التي تتمتع به، فقد تصبح بعض أسماء العناوين عرضة للتنافس والنزاع وحرب المزايدات.
وحول هذا قال الدكتور تومي: "في حال نشوب خلاف، فسنسعى لجمع الأطراف المعنية والعمل على وضع حد له. أما إن أخفقنا، فسيكون هنالك مزاد علني وسيرسو المزاد على صاحب العرض الأفضل."