أعلن القائمون على تجربة محاكاة "الانفجار العظيم" قرب مدينة جنيف بسويسرا أنه سوف يتم إغلاق جهاز "صادم الهدرون الكبير" (LHC) " حتى ربيع العام المقبل، وذلك ريثما يفرغ المهندسون المختصون من معالجة العطل الذي وقع في المغناطيس الخاص بالجهاز.
وكان خلل فني قد وقع في التاسع عشر من الشهر الجاري في أجهزة المغناطيس الفائقة التبريد الخاصة بجهاز "صادم الهدرون الكبير ونجم عنه توقف الجهاز عن العمل، وذلك بسبب تسرب حوالي طن من الهيليوم إلى النفق الذي تجري فيه التجربة وطوله 27 كيلو مترا.
وقد وقع الخلل خلال الاختبار النهائي الذي أُجري على آخر الدوائر الكهربائية في جهاز "صادم الهدرون الكبير".
وقال المسؤولون إن الزمن اللازم لإتمام التحقيق بالمشكلة حال دون إعادة تشغيل الجهاز قبل فترة الصيانة الشتوية الروتينية للمختبر.
وفي بيان أصدره بمناسبة الإعلان عن إغلاق الجهاز، قال روبرت آيمار، المدير العام للمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (سيرن): "إنها لضربة نفسية قوية بلا شك أن يأتي الإغلاق مباشرة بعد البداية الناجحة للغاية لتشغيل جاز صادم الهدرون الكبير."
إلا أن آيمار أشاد في الوقت ذاته بالمهارة والجاهزية والاستعداد التي تحلى بها فريق عمله أثناء بناء جهاز تسريع الجزيئات.
من جهة أخرى، قال المتحدث باسم سيرن لـ بي بي سي إنه لم يتضح في هذه المرحلة متى ستبدأ بالضبط عملية إعادة تشغيل الصادم في أعقاب الانتهاء من أعمال الصيانة الدورية الشتوية، والتي تُنفذ على مراحل من أجل توفير الأموال التي تُنفق على استهلاك الكهرباء التي يزداد الطلب عليها في فترات الذروة.
وقال المسؤولون إن هنالك عوامل عدة قد تؤثر على أمر تحديد متى ستتم إعادة افتتاح المختبر، بما في ذلك طقس الشتاء القارس والذي قد يطول.
أمَّا جيمس جيليس، مدير الاتصالات في سيرن، فقال: "نحن نبدأ عادة إعادة تأهيل وتتشغيل كامل سلسلة أجهرز المختبر حوالي أواخر مارس/آذار أو أوائل نيسان/أيار، ومعلوم أن جهاز صادم الهدرون الكبير يتوضع في الطرف الأخير من تلك السلسلة."
وأضاف جيليس قائلا: "سيستغرق منا الأمر فترة لنصب الأذرع والحزم في الجهاز، لكنني أعتقد أنه من الإنصاف القول إن مثل هذا الأمر سيشكل أولوية بالنسبة لنا مع بداية العمل في العام المقبل."
وقد مثل الخلل الذي أصاب "صادم الهدرون الكبير" قبل عدة أيام أول اختبار جدي لمدى إمكانية النجاح في تنفيذ كل أجزاء مشروع محاكاة الانفجار الكوني العظيم الذي يقوم به الجهاز.
وجاء الخلل بعد مرور تسعة أيام على بدء تشغيل الجهاز العملاق وسط أجواء فرح عارم لف حشد العلماء المهتمين بدراسة كيفية نشوء الكون.
وتسبب الخلل في ارتفاع درجة حرارة نحو 100 من أجهزة المغناطيس الفائقة التبريد، إذ وصلت حرارتها إلى 100 درجة مئوية.
يُشار إلى أن أجهزة المغناطيس الفائقة التبريد تحتاج إلى إبقائها في جو حرارته 1.9 كيلفين (271- درجة مئوية)، أي فوق مستوى الصفر المطلق، وذلك للسماح لها بتحريك حزم الجزئيات حول الدائرة الكهربائية.
واستدعى القائمون على المشروع أفراد مكافحة الحرائق بعد تسرب الهيليوم إلى النفق الذي تجري فيه التجربة التي ستفوق كلفتها 6.6 مليارات دولار أمريكي.
يُذكر أنه تم عند بداية التجربة في العاشر من الشهر الجاري وبنجاح إطلاق أول حزمة من الجزئيات، وتسمى البروتونات، وذلك على امتداد النفق الذي يبلغ طوله 27 كيلومترا.
وتتمثل الخطوة المقبلة المهمة في تنفيذ مشروع محاكاة الانفجار الكوني العظيم بجعل حزم الجزيئات تصطدم ببعضها بعضا.
لكن يبدو أن الخلل الحاصل قضى على آمال العلماء بتنفيذ هذه التجارب قبل إصلاح الخلل العام المقبل، وبالتالي تمكنهم من الإجابة على الأسئلة المكبيرة التي طالما شغلت بالهم بشأن نشوء الكون.