ما هي أنواع العذاب في القبر؟

الناقل : heba | الكاتب الأصلى : عمر بن سليمان الأشقر | المصدر : www.midad.me

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السؤال:

ما هي أنواع العذاب في القبر؟

 

الإجابة:

الحمد لله رب العالمين: يتنوع العذاب في القبر بحسب الذنب الذي اقترفه صاحبه في الدنيا، سواء كان للكفار أو للعصاة، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بوصف هذا العذاب في القبور لأهل هذه الذنوب، ومنها:

 

1- الضرب بمطرقة من حديد: عن أنس - رضي الله عنه -عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «العبد إذا وضع في قبره وتولى وذهب أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان فأقعداه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد - صلى الله عليه وسلم -، فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال: انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعداً من الجنة!! قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فيراهما جميعاً، وأما الكافر أو المنافق فيقول: لا أدري كنت أقول ما يقول الناس، فيقال: لا دريت ولا تليت، ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين» رواه البخاري (1273).

 

2- يفرش له قبره ناراً، ويلبس ناراً، ويفتح له باب إلى النار، ويضيق عليه قبره، ويضرب بمطرقة عظيمة لو ضرب بها جبل لصار تراباً، ويبشر بالعذاب في الآخرة، ولذلك يتمنى ألا تقوم الساعة.

روى أحمد (17803) وأبو داود (4753) عن البراء بن عازب قال: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجلسنا حوله وكأن على رءوسنا الطير، وفي يده عود ينكت في الأرض، فرفع رأسه، فقال: استعيذوا بالله من عذاب القبر - مرتين أو ثلاثا -، ثم ذكر صفة قبض روح المؤمن ونعيمه في القبر، ثم قال -: وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه، معهم المسوح، فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال:: فتفرق في جسده، فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث، فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى ينتهى به إلى السماء الدنيا، فيستفتح له فلا يفتح له، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط))، فيقول الله - عز وجل -: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحاً ثم قرأ: ((ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق))، فتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان فيجلسانه، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم، فيقول: هاه هاه لا أدري، فينادي مناد من السماء أن كذب فافرشوا له من النار، وافتحوا له باباً إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ثم يقيض له أعمى أبكم معه مرزبة من حديد لو ضرب بها جبل لصار تراباً، قال: فيضربه بها ضربة يسمعها ما بين المشرق والمغرب إلا الثقلين، فيصير تراباً، قال: ثم تعاد فيه الروح، ويأتيه رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول: أبشر بالذي يسوءك هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول من أنت فوجهك الوجه يجيء بالشر؟ فيقول: أنا عملك الخبيث، فيقول: رب لا تقم الساعة»، والحديث: صححه الشيخ الألباني في " أحكام الجنائز " (ص 156).

 

3- الخسف في الأرض: عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: « بينما رجل يجر إزاره من الخيلاء خسف به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة». [رواه البخاري (5343) ومسلم (3894)].

يتجلجل: يغوص ويضطرب.

 

4- شق جانبي الفم إلى القفا.

 

5- رضخ الرأس بالحجارة.

 

6- الحرق في تنور من نار.

 

7- السباحة في نهر من دم مع الضرب بالحجارة.

 

روى البخاري (1386) (7047) عن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما يكثر أن يقول لأصحابه: هل رأى أحد منكم من رؤيا؟ قال: فيقص عليه من شاء الله أن يقص، وإنه قال ذات غداة: إنه أتاني الليلة آتيان، وإنهما ابتعثاني، وإنهما قالا لي: انطلق، وإني انطلقت معهما، وإنا أتينا على رجل مضطجع، وإذا آخر قائم عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه، فيتهدهد الحجر ها هنا فيتبع الحجر فيأخذه، فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان، ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى، قلت لهما: سبحان الله ما هذان؟ قال قالا لي: انطلق انطلق!! فانطلقنا فأتينا على رجل مستلق لقفاه، وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد، وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشق شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح ذلك الجانب كما كان، ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعل المرة الأولى، قلت: سبحان الله! ما هذان؟ قالا لي: انطلق انطلق!! فانطلقنا فأتينا على مثل التنور فإذا فيه لغط وأصوات، فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا [أي ارتفعت أصواتهم]، قلت لهما: ما هؤلاء؟ قالا لي: انطلق انطلق!! قال: فانطلقنا، فأتينا على نهر أحمر مثل الدم، وإذا في النهر رجل سابح يسبح، وإذا على شط النهر رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة، وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح ثم يأتي ذلك الذي قد جمع عنده الحجارة فيفغر له فاه، فيلقمه حجراً، فينطلق يسبح ثم يرجع إليه، كلما رجع إليه فغر له فاه فألقمه حجراً، قلت لهما: ما هذان؟ قالا لي: انطلق انطلق...

فقال: قلت لهما: فإني قد رأيت منذ الليلة عجباً فما هذا الذي رأيت؟ قال قالا لي: أما إنا سنخبرك، أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة، يفعل به إلى يوم القيامة ، وأما الرجل الذي أتيت عليه يشق شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق، فيصنع به إلى يوم القيامة »

وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور، فإنهم الزناة والزواني.

وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر ويلقم الحجر، فإنه آكل الربا.

الكلوب: حديدة معوجة الرأس، الشدق: جانب الفم، يشدخ: يشج، تدهده: تدحرج.

قال الحافظ ابن حجر: وفيه: أن بعض العصاة يعذبون في البرزخ أ.هـ. فتح الباري (12 / 445).

 

8- اشتعال المال المسروق من الغنائم على صاحبه.

روى البخاري (4234) ومسلم (115) عن أبي هريرة قال: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى خيبر، ففتح الله علينا، فلم نغنم ذهباً ولا ورقاً غنمنا المتاع والطعام والثياب، ثم انطلقنا إلى الوادي ومع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد له يدعى رفاعة بن زيد، فلما نزلنا الوادي قام عبد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحل رحله، فرمي بسهم فكان فيه حتفه، فقلنا: هنيئاً له الشهادة يا رسول الله، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كلا والذي نفس محمد بيده، إن الشملة لتلتهب عليه ناراً أخذها من الغنائم يوم خيبر لم تصبها المقاسم، قال: ففزع الناس فجاء رجل بشراك أو شراكين، فقال يا رسول الله: أصبت يوم خيبر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: شراك من نار أو شراكان من نار».

 

9- ومع هذا العذاب الحسي هناك أيضاً عذاب معنوي (نفسي)، وهو أن الكافر يرى في قبره مقعده من الجنة لو أطاع الله، فيزداد بذلك حسرة وألماً لما يرى من عظم النعيم الذي فاته.

روى أحمد (10577) عن أبي سعيد الخدري قال: « شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جنازة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيها الناس إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فإذا الإنسان دفن فتفرق عنه أصحابه جاءه ملك في يده مطراق فأقعده، قال: ما تقول في هذا الرجل فإن كان مؤمناً، قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، فيقول: صدقت ثم يفتح له باب إلى النار فيقول: هذا كان منزلك لو كفرت بربك، فأما إذ آمنت فهذا منزلك فيفتح له باب إلى الجنة فيريد أن ينهض إليه فيقول: له اسكن، ويفسح له في قبره، وإن كان كافراً أو منافقاً يقول له: ما تقول في هذا الرجل، فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فيقول: لا دريت، ولا تليت، ولا اهتديت، ثم يفتح له باب إلى الجنة، فيقول: هذا منزلك لو آمنت بربك، فأما إذ كفرت به فإن الله - عز وجل - أبدلك به هذا، ويفتح له باب إلى النار، ثم يقمعه قمعة بالمطراق يسمعها خلق الله كلهم غير الثقلين، فقال: بعض القوم: يا رسول الله ما أحد يقوم عليه ملك في يده مطراق إلا هبل عند ذلك [أي ذهل]، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت}».[صححه الألباني في تحقيق كتاب السنة لابن أبي عاصم (865)].

فهذا بعض ما يحصل في القبر من أنواع العذاب لبعض العصاة.

نسأل الله تعالى أن يعيذنا من عذاب القبر