بين يدي خير الأنام ( الجزء الأول )

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : berooo | المصدر : www.mor3ben.com

 

سينصب كلامنا في هذا الموضوع المتعدد الاجزاء على موضوع شخصية النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم باعتباره القدوة الحسنة المرتضاة من الله تعالى لكافة البشر، هذه الشخصية التي يُراد لها في وسائل الاعلام خاصة أن تبقى باهتة، في حين يُطبّل لأناس لا يتوفر فيهم معشار جزء من خلقه وأخلاقه صلى الله عليه وسلم.
وخاصة منذ أحداث سبتمبر وما تلاها من هجوم على الإسلام والمسلمين، واتهامهم بل واتهام النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بأنه رجل حرب ونهب وسلب، وأنه كان غليظ القلب، وأن الاسلام دين العنف والرهبة والقتال، وصار رموز الكنيسة وغيرهم من رموز الأديان الأخرى يُنعتون بأنهم رجال المحبة والرحمة والسلام، وتناسى الناس في زحمة الكذب الاعلامي والتزوير في الحقائق التاريخية والدينية والثقافية شخصية النبي -صلى الله عليه وسلم- تلك الشخصية التي نالت القدر الأوفى من كل الشمائل والخلال النبيلة، والقيم الإنسانية العليا.

لقد كان ميلاد محمد صلى الله عليه وسلم إيذاناً ببدء ثورة شاملة، حررت الإنسان والزمان والمكان، ورفعت عنها إصر عبوديات وأغلال كثيرة كانت تعيق انطلاقها جميعاً، فأخذ الإنسان حريته بيده، وصاغ هوية زمانه ومكانه صياغة جديدة، فجرت عناصر الخير في كل شيء، كان احتجاجاً قبلياً على كل عناصر الخير، فوقف الإنسان على ربوة التاريخ يسدّد خطواته نحو الأشرف والأفضل، ووقف المكان ليُلهم ويحتضن وينبت الأروع والأنصع، ووقف الزمان ليفسح ويتيح للأكمل والأشمل!


 

ولد الهدى فالكائنات ضياء.......وفم الزمان تبسّم وثناء

ولقد شكلت شخصية محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، الرجل الذي اكتملت فيه كل الأخلاق الحميدة، وانتفت منه كل الأخلاق الذميمة، ولذلك خاطبنا الله بقول: { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }، والمطّلع على سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يدرك أنها كانت حقيقة تاريخية لا تجد الإنسانية غيره قدوة حسنة تقتدي بها، وهي تتلمس طريقها نحو عالم أكمل وأمثل، وحياة فُضلى. ومن الطبيعي ألا تجد الإنسانية مثلها الأعلى في شخصيات وهمية، وإلا فهي تضلّ طريقها المستقيم وتسير مقتدية بالخيال والأوهام، فمن حقنا إذاً أن نتخذ من سيرة النبي -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- نموذجاً لسلوكنا في حياتنا.

وحياة محمد صلى الله عليه وسلم تكشف أمامنا المثل الأعلى في جميع أحوال الحياة؛ في السلم والحرب، في الحياة الزوجية، مع الأهل والأصحاب، في الإدارة والرئاسة والحكم والسياسة، في البلاغ والبيان، بل في كل أوجه الحياة. فمحمد صلى الله عليه وسلم هو المثل الكامل.

ولن تجد الإنسانية في غيره مثلاً حياً لها؛ فسيرة محمد صلى الله عليه وسلم حقيقة تاريخية، يصدّقها التاريخ الصحيح ولا يتنكر لها، وهي سيرة جامعة محيطة بجميع أطوار الحياة وأحوالها وشؤونها، وهي سيرة متسلسلة لا تنقص شيئاً من حلقات الحياة، وهي أيضاً سيرة عملية قابلة للتطبيق، ذلك أن ما كان يدعو إليه محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن والحديث كان يحققه بسيرته أولاً، وهذا ما شهد به معاصروه، فقالت عائشة -رضي الله عنها- وقد سئلت عن أخلاقه صلى الله عليه وسلم: « كان خلقه القرآن »(
وقد كثر الحديث منذ أحداث 11/9 عنها ونسبتها إلى أي دين آخر ما عدا الإسلام، وكذلك نسبتها إلى أي شخصية أخرى ماعدا سيد الخلق وقدوة الرجال وحبيب الله ورحمة العالمين وأساس سلم العالم محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم