وجوب نصر المسلمين المظلومين

الناقل : heba | الكاتب الأصلى : ابن باز | المصدر : www.midad.me

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فإن من عرف أحوال المسلمين في البوسنة والهرسك، وما جرى عليهم من الظلم من الكروات والصرب وأنصارهم يتألم كثيرا ويحزن لخذلان إخوانهم لهم، وعدم نصرهم النصر الكافي الذي يمكنهم من الدفاع عن أنفسهم واستعادة ما أخذه عدوهم من أرضهم، وقد أوجب الله - سبحانه - نصر المظلومين وردع الظالمين من المسلمين وغيرهم، كما قال الله - عز وجل -: ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ) الآية.

فإذا كانت الطائفة المؤمنة الباغية يجب أن تقاتل حتى تفيء إلى الحق فالظالمة الكافرة من باب أولى، وقال - تعالى -: ( وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ) والمعنى: يجب أن لا يتولاهم أحد ولا ينصرهم، وقال - تعالى -: ( إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) وقال - سبحانه -: ( وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ )

وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث الصحيحة الأمر بنصر المظلوم، فقال - عليه الصلاة والسلام -: انصر أخاك ظالما أو مظلوما قيل: يا رسول الله، نصرته مظلوما فكيف أنصره ظالما؟! قال: تمنعه من الظلم فذلك نصرك إياه فنصر المظلوم وردع الظالم من أي جنس كان واجب شرعا وعقلا وفطرة. فالواجب على جميع الدول الإسلامية وعلى مجلس الأمن وعلى مجلس هيئة الأمم أن ينصروا المظلومين في البوسنة وغيرها بالمال والسلاح والرجال، وأن يردعوا الظالمين بجميع الوسائل الرادعة حتى يقف الظالم عند حده، وحتى يعطى المظلوم جميع حقوقه، وبذلك تبرأ الذمة ويستحق الثواب الجزيل من الله - عز وجل - من فعل ذلك ابتغاء وجهه، وبذلك أيضا يأمن العباد، وتستوفى الحقوق، ويقف الظالمون عند حدودهم، وقد قال الله - عز وجل - في كتابه العظيم: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وقال - سبحانه -: ( وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خَسِرَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ( اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ) وقال - صلى الله عليه وسلم -: يقول الله - عز وجل - يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا وقال - عليه الصلاة والسلام -: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته والآيات والأحاديث في وجوب نصر المظلوم وردع الظالم والتعاون على الخير والتواصي بالحق والصبر عليه كثيرة معلومة. والله المسئول أن ينصر المظلومين في كل مكان، وأن يذل الظالمين ويخذلهم، وأن يصلح أحوال المسلمين جميعا، وأن يولي عليهم خيارهم، ويصلح قادتهم، وأن ينصرهم بالحق وينصر الحق بهم، وأن يعيذ الجميع من مضلات الفتن ونزغات الشيطان، إنه جواد كريم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.