الشعر الزائد على الجسد الناعم ذكورة تؤرق الفتاة والمرأة ، ويطلق على المصابة بهذه الحالة " الفتاة الشعرانية " ( Hirsutisme) ، وهي حالة تتميز بزيادة نمو الشعر وظهوره في غير مكانه الطبيعي في جسم المرأة ، خاصة في الوجه ، وأسفل الظهر والساقين ، والذراعين ، والصدر ، وحول حلمة الثدي ، وعلى البطن .. ويزداد شعر الوجه خاصة في المنطقة ما بين الشفة العليا والأنف ومنطقة الذقن ، فتبدو المراة كأن لها ذقناً وشارباً مثل الشباب المراهقين . تثير هذه الظاهرة عادة ذعر البنات في سن المراهقة ، والنساء بشكل عام ، وتسبب لهن قلقاً شديداً وحالة نفسية مضطربة ، وتعدّ مصدر إزعاج ومضايقة ، ويكون التساؤل المُلّح على السنتهن دائماً : " ما هو سبب هذه الظاهرة ؟ وما هي طريقة معالجتها ؟ وهل هي حالة بين الأنوثة والذكورة ؟ ... الخ .
هناك نوعان من الشعرانية : 1. شعرانية النسق الذكوري ، وهي الاكثر شيوعاً ، واسبابها هورمونية ، ونسبتها تتعدى 90% من الحالات . 2. النوع الثاني الأقل شيوعاً، هو التشعّر أو داء الشعر ، واسبابه غير هرمونية وهي في الغالب وراثية وعرقية . وعلى هامش هذيه النوعين هناك نوع عادي ولكن غير مألوف ، وهو حين لا تتمتع الانثى ، بالرغم من بلوغها ، بشعر تحت الإبطين او على الساقين ، وهي حالة نادرة جداً .
• عدم التوازن الهورموني : تفرز بعض الغدد ، في جسم كل أنثى ، بالإضافة الى هورمونات الأنوثة ، كمية ضئيلة جداً من هورمونات الذكورة التي بفضلها ينبت الشعر على العانة وتحت الابطين من دون ان يؤثر ذلك على صفات الأنوثة . ولكن إذا حدث خلل لسبب ما في وظيفة هذه الغدد أدّى ذلك الى عدم توازن وتكافؤ في إفراز هورمونات الأنوثة والذكورة لجهة زيادة هذه الاخيرة مما يساعد على نمو الشعر بغزارة على الوجه والجسم بشكل غير مألوف . إن سبب هذه الظاهرة في الغالب ، هوعدم انتظام وراثي لعمل الهورمونات ، فبعد دراسات مطولة وإحصاءات دقيقة توصل العلماء الى أن ما بين 85-95 % من النساء الشعرانيات لديهن عدم توازن وتكافؤ وراثي في إفراز الهورمونات التناسلية. • تضخم غدة الكظر ( Adrenal gland ) الموجودة فوق الكلية : يؤدي بدوره الى زيادة إفراز هورمون الذكورة ، ويكتشف هذا المرض بواسطة التصوير الصوتي وقياس مستوى الهورمونات في الجسم . • اكياس المبيض ( Ovarian Cyst ) : يصاب المبيض ، في بعض الحالات المرضية ، بأورام ( أكياس ) فتتكون في داخله حويصلات غير طبيعية ، كذلك تتولد خلايا خاصة تفرز هورمون الذكورة اكثر من المطلوب ، فيحصل اضطراب وخلل في التوازن الهرموني مما يؤدي الى زيادة نمو الشعر بغزارة على الوجه والساقين ، مع ما يرافق ذلك من انقطاع الدورة الشهرية ، وضمور الثدي ، وإصابة المراة بالعقم ...الخ ، ومعالجة هذه الحالة تكون عادة باستئصال الورم بالجراحة . • التوترات والانفعالات النفسية : إن التوترات والانفعالات النفسية المستديمة والصدمات النفسية الشديدة الوطأة ، بإمكانها أن تلحق ضرراً بالتوازن الهورموني نظراً لتأثيرها على وظيفة الجهاز العصبي والغدة النخامية بصورة غير مباشرة . • تأثير الادوية والهورمونات : من الممكن ان تتسبب بعض الادوية بنمو الشعر الزائد ، من بينها : أ. مشتقات الكورتيزون التي تُعالج بواسطتها آلام المفاصل والربو وامراض الدم . ب. هورمونا الذكورة ( التستوستيرون ) التي تستخدم في معالجة بعض الامراض النسائية . ت. المستحضرات التي تساعد على نمو العضلات وتضخّم الجسم في حالات الهزال الشديد والنحافة . ث. بعض انواع حبوب منع الحمل المركّبة من هورمونات غير ملائمة لجسم المرأة . ج. بعض انواع الادوية المهدّئة والمسكّنة ، خاصة إذا استخدمت لفترات زمنية طويلة . • أسباب جغرافية : قد يختلف نمو شعر الوجه والجسم ، عند الفتيات ، باختلاف البيئة ومناطق السكن والبلاد التي يولدن فيها . ففي البلاد الشمالية الباردة ، مثل أوروبا وأمريكا ، تبدو بشرة الفتاة وجلدها ناعماً ابيض اللون تكسوه طبقة خفيفة جداً من الشعر الشبيه بالوبر ، بخلاف البلاد الجنوبية الحارة مثل شرقنا العربي حيث كمية الشعر عند فتياتنا إجمالاً هي أكثر غزارة في سائر أنحاء الجسم . هذا الاختلاف لا يعني ان هورمون الذكورة يُفرز بكميات ضئيلة عد الاوروبيات وبكمية اكثر عند الشرقيات ، إذ إن نسبة إفراز الهرمون الذكري في كلتا الحالتين هي واحدة ، أما الفارق فيكمن في درجة تأثر الجسم بهذا الهرمون ، هذا بالإضافة الى العوامل الجغرافية الاخرى المساعدة على ذلك . • أسباب وراثية : بالإضافة الى العوامل الجغرافية ، هناك العوامل الوراثية والبُنيوية ، فغالباً ما نرى ظهور الشعر بكثرة عند إناث العائلة الواحدة وكأنها صفة موروثة عندهن ، هذا بالرغم من عدم وجود اي عارض مرضي او اضطراب غدّي او انحراف تكويني عندهن . لذلك على الفتاة الشرقية ان تفكر مليّاً بهذا الموضوع قبل إصدارها الحكم على نفسها بأنها " شعرانية " أكثر من اللزوم .
قبل المباشرة بأية معالجة لظاهرة كثرة الشعر ، من الضروري اكتشاف اسبابها ، والشخص المؤهل لاكتشاف هذه الاسباب أكثر من غيره هو الطبيب الاخصائي بأمراض الغدد ذات الإفراز الداخلي ، والامراض الجلدية والنسائية . في حالة لم يتم التوصل الى تفسير واضح لكثرة الشعر فإن الطبيب يعمد الى إجراء المزيد من الفحوص لمعدل الهورمونات التي ينتجها الجسم وإعادة إجرائها لأن معدل الهورمون الذكري يتبدّل بشكل طبيعي ، وبنتيجة هذه الفحوص يظهر عادة عدم توازن في إفراز الهورمونات . أما في حال ظهور كثرة الشعر بصورة مفاجئة فإن الطبيب يطلب فحوصات خاصة للتأكد من ان المرأة لا تعاني من تورم في المبيض أو غدة الكظر الذي قد يكون السبب الأكيد في الإفراز المفرط للهرمون الذكري . عندما يتبين بأن الشعرانية تعود لسبب متصل بعدم توازن هورموني أو إفراط في إفراز الهورمون الذكري ، يمكن اللجوء الى تشكيلة من الادوية التي ترفع من معدل الهورمون الأنثوي وتخفّض الهورمون الذكري مثل أقراص ديان ( Diane ) أو غيرها . كذلك هناك ادوية تعمل على مقاومة الهورمونات الذكرية بشكل فعّال وتعطى تحت إشراف طبيب مثل ( Androcur ) . ولا ننس بالطبع ، جدوى إنقاص الوزن إذا تبين ان السمنة المفرطة هي سبب الخلل الهورموني واضطراب الغدد . بالطبع لن تظهر نتيجة العلاج بالأدوية بالسرعة التي تتوخّاها النساء ، بل إن الامر قد يتطلب المثابرة على العلاج من 6 اشهر الى سنة او سنتين ونصف لا سيّما ان الشعر ينمو ضمن دورات وحقبات متعاقبة . ويجدر التنبيه الى انه مهما تنوّع العلاج فإنه لن يؤدي الى تساقط الشعر الموجود ، لا بل يؤدي الى ظهور شعر جديد اقل كثافة من القديم وانعم منه .