لحظة الولادة أسعد وأصعب لحظات حياة المرأة، تشعر فيها بالألم، والضعف، والوحدة، فتتلمس حينها من يواسيها ويشعرها بالأمان.. ويعتبر الزوج خير معين لها في تلك اللحظة العصيبة، فيشاركها آلامها وفرحتها، ولذلك يوافق بعض الأزواج على حضور لحظة الولادة ولكن البعض الآخر يرفض ذلك. حضور الزوج الولادة بين القبول والرفض، قضية قديمة سنعرضها برؤية جديدة، فقد يظن البعض أن حضور الزوج لولادة زوجته فكرة خيالية، ولكن هناك أزواجا عاشوا التجربة بالفعل، وإن كانوا قلة. فيحكي "أحمد ماهر" (مهندس) تجربته، ويقول: حضرت ولادة زوجتي، وساعدني على ذلك انضمامي لما يعرف بفصول الولادة، حيث تعرفت على ما يحدث في العملية، وكيف تتم وشعرت بمدى معاناتها وزاد تقديري لها ولوالدتي. أما "محمد فتحي" (طبيب) فيقول: "حضرت ولادة زوجتي دون اتفاق معها، لأساندها وأشاركها الألم، ولكن عندما دخلت غرفة الولادة انتابني إحساس مختلط بالقلق والفرحة". ولا شك أن حضور الزوج مع زوجته يحدث فارقا معنويا بالنسبة لها، وتؤكد ذلك "ياسمين صلاح" (ربة منزل) فتذكر أنها تحدثت مع زوجها عن حضوره معها الولادة منذ بداية الحمل، فوافق واعتقدت أنه مجرد كلام، وفوجئت بوجوده في غرفة الولادة وشعرت لحظتها بالأمان وقدرت له وقوفه بجوارها في تلك اللحظة. وإذا كان حضورك للولادة برغبة منك فإن الأطباء ينصحون بذلك، حيث تؤكد الدكتورة "سعدية حنفي"، أخصائية أمراض النساء والتوليد بمستشفى البدرشين، أن حضور الزوج الولادة له العديد من المزايا التي تساعد على سهولة وسرعة ونجاح عملية الولادة، حيث يبث فيها الزوج الثقة ويغمرها بكلمات الحب التي يقولها بصدق في تلك اللحظة. وتوضح الدكتورة سعدية أنها تسمح للزوج بالحضور، ولكن بشروط عديدة، منها: 1. يجب أن يتحمل الموقف وأن يكون لديه القدرة الكبيرة على التحكم في أعصابه. 2. أهمية أن يتمتع بصحة بدنية ونفسية جيدة، بحيث يقوم بدور فعال خلال عملية الولادة. 3. وهناك شرط مهم وهو المتمثل في ضرورة أن يقف الزوج بجانب رأس زوجته. 4. كما لا يسمح له بالتجول في الغرفة حتى لا يحدث اضطرابا في أداء الفريق الطبي. 5. وتشدد الدكتورة سعدية على أنه إذا لم تتحقق الشروط السابقة، فلا داعي لحضور الزوج، فإذا أراد الدخول لمجرد الفضول، فلا يسمح له بذلك. القبول والرفض ويوافق على الرأي السابق عدد من علماء النفس، فالزوج أعلم بزوجته من أي شخص آخر، ويستطيع أن يقدم لها الدعم والمساندة النفسية، والتي لها بدون شك مفعول السحر، حيث تزداد الزوجة حبا وتعلقا بزوجها، ومن ثم شجاعة وقوة وقدرة على الولادة. وترى الدكتورة "هبة فتحي"، أستاذة الطب النفسي بطب قصر العيني، أن المرأة تستطيع أن تطلب من زوجها ما لا تستطيع طلبه من الطبيب أو الممرضة، كما أن حضوره يزيد من تقديره لزوجته، مما يؤهله نفسيا للمشاركة في رعايتها والعناية بمولوده، وخصوصا في فترة النفاس والرضاعة، فينشأ بينهما دفء وترابط أسري، ويصبح للطفل معنى جميل عند أبيه وأمه، ويشعر كل منهما بقيمته ويحاولان تربيته وإسعاده بكل قوتهما. وتؤكد الدكتورة هبة أن ما قيل عن أن حضور الزوج ولادة زوجته قد يسبب له صدمة نفسية وتقلب مشاعره ضدها ليس حقيقيا، كما أن رغبته الجنسية لا تتأثر كما يدعي البعض. وهناك ملحوظتان هامتان: الملحوظة الأولى: على الزوج ألا يخجل من مشاركة زوجته هذه اللحظة الجميلة، وعلى الزوجة ألا تنزعج إذا رفض زوجها حضور ولادتها، لأنه يكون لسبب بسيط، وهو عدم الاعتياد على فكرة دخول رجل أثناء ولادة زوجته، أو لأنه يخاف من مجرد دخول أي غرفة عمليات أو إذا شم رائحة البنج ولا يعتبر رفضه تخليا عنها. الملحوظة الثانية: متعلقة بضرورة التهيئة النفسية لهما قبل إتمام عملية الولادة. وعلى الجانب الآخر، يقول الدكتور "محمد رشدي"، أستاذ أمراض النساء والتوليد بكلية الطب جامعة القاهرة، إن حضور الزوج عملية الولادة لم يتكرر كثيرا في الدول العربية، فالقليل من الأزواج يطلبون حضور ولادة زوجاتهم لما فيها من جرأة أو لأنه لم يعتد على ذلك. فهي فكرة غريبة بعض الشيء عن مجتمعاتنا، فيما تعتقد المدارس الغربية أن حضور الزوج لعملية الولادة شيء أساسي يطلبه الطبيب أولا، كما يشعر الزوج بأن ذلك واجب عليه ويفرح كثيرا عندما يحضر لحظة خروج ابنه للحياة. أما الدكتور "محمد" فيرفض حضور الزوج ولادة زوجته لما قد يسببه من مشاكل ويحدث أيضا ارتباكا في أداء الطبيب، وخصوصا إذا كان الزوج عصبيا ومندفعا. فمثلا قد ينفعل إذا طلب الدكتور كمية إضافية من الدم، وقد يكون عاطفيا فيغمى عليه لمجرد رؤية الدم أو سماع صراخ زوجته، وتكون النتيجة أن ينهار بالبكاء والصراخ هو الآخر وتصعب عملية الولادة، إلا إذا كان الزوج طبيبا فيسمح له بالحضور. نصائح للزوج وهناك بعض النصائح التي يقولها الدكتور "أسامة عزمي"، أستاذ أمراض النساء والتوليد بالمركز القومي للبحوث وعضو الجمعية الأوروبية لأمراض النساء والتوليد والعقم، في هذا الصدد، ومن أهمها: 1. حضور الزوج لعملية الوضع يساعد على تسكين آلام الولادة بنسبة أكبر من 70%. 2. يجب أن يتم تأهيل الزوج جيدا أثناء فترة الحمل، عن طريق إعطائه بعض المحاضرات والتدريبات وتعريفه بما سيتم تقريبا داخل غرفة الولادة، وذلك حتى لا يحدث ارتباكا ولا يعوق عمل الأطباء في هذا التوقيت المهم. 3. يقف الزوج بجانب زوجته، ليأخذ بيديها ويشد من عضدها ويتحدث معها، كما يجب تدريب الزوج على قول كلمات مطمئنة. أما في حالة عدم وجود هذه الأشياء، فيحدث انقباض في عنق الرحم ولا يندفع بسهولة، فندخل في دائرة مفرغة من "زيادة انقباضات الرحم وزيادة الألم وترتبك المرأة أكثر وأكثر"، وهو ما يزيد من فرصة الولادة غير الطبيعية وتكون إما "باستخدام الحقن أو الشفاط أو الولادة القيصرية". اسلام أون لاين