صارت تحدثني عن معاناتها التي استمرت سنوات طويلة من زواجها وكيف أنها تلوذ بالصبر على كل ما كانت تلقاه من زوجها الذي قالت إنه يدقق ويتابع كل شيء ويسأل عن كل صغيرة وكبيرة فهو لا يتغاضى ولا يتسامح ولا يلين ذكرت أنها كثيراً ما كانت تشعر برغبة في ترك كل شيء البيت والأولاد والزوج ولكن إلى أين؟
لم تكن تدري! كل ما كان يملأ نفسها،شعور بأنها ما عادت قادرة على الصبر وأن الأعباء ما عادت محتملة لديها وأن طاقة التصبر عندها وصلت حدها.
سألتها أن تحدثني عن زوجها غير ما ذكرته عنه من تدقيق وتفتيش ومتابعة وعدم مسامحة.
فقالت:إنه قاس لسانه حاد لا أسمع منه ثناء علي أو على طبخي أو على تربية أبنائي لا أسمع منه كلمة حب أو عطف أو حنان لقد تعبت تعبت تعبت لا أعني تعب الجسد فهذا أحتمله وأصبر عليه إنما أعني تعب النفس تعب الأعصاب تعب الوجدان.
قلت لها:هل جربتي أن تكلمي أحد من أهلك أو من أهله ليراجعوه في ذلك وينصحوه.؟؟
قالت:فاتحه والدي فنفى كل شيء وقال إنه غير مقصر نحو بيته ويوفر لنا كل ما نحتاجه...!!!! هل رأيت إنه ينظر إلى الجوانب المادية وأنا أريد الجوانب النفسية والعاطفية والروحية.؟!!
قلت لها:هل تريدين نصيحتي؟ قالت:لهذا فاتحتك بالأمر.
قلت لها:أعلم أن نصيحتي قد لا تلقى قبولاً كبيراً في نفسك لكني أرى العمل بها هو الأجدى والأربح! قالت:تفضلي.
قلت:لو أراك الله ما أعد لك من أجر على صبرك واحتسابك لقلت: أهذا كله لي!! ؟؟
لو رأيت مقعدك في الجنة جزاء احتمالك ما تلقينه من عناد زوجك وشدته وقسوته وجفافه.
ثم سألتها:ما رأيك لو جعلنا لك زوجك مثلما تريدين..ولكننا سننقص من أجرك وننزلك إلى مرتبة أدنى في الجنة...
قلت:لا أصبر على زوجي فأبقوا علي منزلتي هذه في الجنة.
هنا سمعت صوت بكاءها بسبب تأثرها مما سمعته من كلام
فقلت لها أيهما تفضلين: أن يصلح الله زوجك ولكن منزلتك في الجنة ستكون أدنى أم تواصلين صبرك عليه مع علو منزلتك في الجنة؟
صمتت ولم تجب وما زالت تبكي.
قلت لها:لاشك في أنك تفضلين أن يكون زوجك كما تريدين وأن تبقى منزلتك في الجنة أي أن تظفري بالأمرين معاً.
واصلت حديثي هذا ما تتمناه كل زوجة.
نعم؛ولكن الله أقسم على أن يبلونا في هذه الحياة الدنيا وفي الوقت نفسه بشرنا إذا صبرنا على هذا البلاء
قال عز وجل ((ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون))
عدت إلى سؤالها من جديد:ماذا اخترت يا أختاه؟
قالت:لقد اخترت مواصلة الصبر ولكني أرجوك أن ترشديني إلى ما يعينني على ذلك.
قلت لها:بارك الله فيك لاختيارك مواصلة الصبر على زوجك
أما ما يعينك على ذلك فهو كالتالي:
كلما سمعت من زوجك ما ألمك وأحزنك وكلما وجدت إعراضاً وصدوداً وكلما ضاقت الدنيا عليك من شدة زوجك وقسوته..إذهبي إلى حبيبك...نعم حبيبك واشكي إليه زوجك!
قاطعتني مستنكرة:أنا مالي حبيب؟ قلت لها:بلى لا تتعجلي! أليس الله حبيبك؟
ألا تحبين الله تعالى؟
قالت:بلى أحبه. قلت:إذا إلجئي إليه سبحانه وناجيه جل شأنه بمثل هذه الكلمات:
اللهم إني أحبك وأحب أن أقوم بكل عمل يرضيك وأنا أعلم أن صبري على زوجي يرضيك عني اللهم فألهمني حسن الصبر عليه وامنحني طاقة أكبر على احتماله وأعني على مقابلة إساءته بالإحسان اللهم ولا تحرمني الأجر على هذا الصبر وأجزل لي ثوابك عليه وابن لي عندك بيتا في الجنة اللهم اجعل زوجي لي كما أحب واجعلني له كما يحب واجعلنا لك كما تحب.