العسل الكنز المفقود في الدواء والغذاء 1/2

الناقل : heba | الكاتب الأصلى : معمر الخليل | المصدر : 07773777.soficom.com.eg

العسل الكنز المفقود في الدواء والغذاء 1/2
 
 

 

لا نجد في كتاب الله عز وجل، ولا في سنة نبيه محمد _صلى الله عليه وسلم_ إشارة إلى فضل أعلى من فضل العسل في الشفاء، ولا لقيمة أفضل منه في الغذاء. كل هذا من قبل أن تثبت الدراسات الحديثة الطبية، أن العسل أجود ما تقدمه الطبيعة للإنسان... فهل من كنز أفضل قيمة منه.. وهل من غذاء أكمل منه؟

العسل في الكتاب والسنة:

يقول الله تعالى في كتابه الكريم {ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (النحل - 69)

وفي تفسير القرطبي قوله حول شفاء العسل من جميع الداء: " قالت طائفة هُوَ _شفاء_ عَلَى الْعُمُوم فِي كُلّ حَال وَلِكُلِّ أَحَد, فَرُوِيَ عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّهُ كَانَ لاَ يَشْكُو قُرْحَة وَلا شَيْئًا إِلا جَعَلَ عَلَيْهِ عَسَلا, حَتَّى الدُّمَّل إِذَا خَرَجَ عَلَيْهِ طَلَى عَلَيْهِ عَسَلاً. وَحَكَى النَّقَّاش عَنْ أَبِي وَجْرَة أَنَّهُ كَانَ يَكْتَحِل بِالْعَسَلِ وَيَسْتَمْشِي بِالْعَسَلِ وَيَتَدَاوَى بِالْعَسَلِ. وَرُوِيَ أَنَّ عَوْف بْن مَالِك الْأَشْجَعِيّ مَرِضَ فَقِيلَ لَهُ : أَلا نُعَالِجك ؟ فَقَالَ : اِئْتُونِي بِالْمَاءِ , فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى يَقُول : {وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاء مَاء مُبَارَكًا} [ ق : 9 ] ثُمَّ قَالَ : اِئْتُونِي بِعَسَلٍ , فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى يَقُول: {فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ} وَائْتُونِي بِزَيْتٍ , فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى يَقُول: {مِنْ شَجَرَة مُبَارَكَة} [ النُّور : 35 ] فَجَاءُوهُ بِذَلِكَ كُلّه فَخَلَطَهُ جَمِيعًا ثُمَّ شَرِبَهُ فَبَرِئَ"

‏وفي سنن ابن ماجه، عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ _رضي الله عنه_ ‏قال: قال رسول الله ‏ _‏صلى الله عليه وسلم_‏ : [من لعق العسل ثلاث غدوات كل شهر لم يصبه عظيم من البلاء].

وفي صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله ‏ ‏رضي الله عنهما ‏ ‏قال: سمعت النبي ‏ _‏صلى الله عليه وسلم_‏ ‏يقول: [‏إن كان في شيء من أدويتكم أو يكون في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة ‏ ‏محجم ‏ ‏أو شربة عسل أو ‏ ‏لذعة ‏ ‏بنار توافق الداء وما أحب أن أكتوي].

نهر من عسل:

وعن ‏ ‏أبي سعيد ‏أن رجلا أتى النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقال: [أخي يشتكي بطنه. فقال:‏ ‏اسقه عسلا. ثم أتى الثانية فقال: اسقه عسلا. ثم أتاه الثالثة فقال: اسقه عسلا. ثم أتاه فقال: قد فعلت. فقال: صدق الله وكذب بطن أخيك اسقه عسلا. فسقاه فبرأ].

ولعظم مكانة العسل للبشر، فإن الله تبارك وتعالى قد خلق في الجنة نهراً من العسل لأصحابها: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} (محمد – 15)

العسل في التاريخ:

يعتبر العسل من أكثر الأطعمة الواردة في التاريخ، ولعل من أقدم الدلالات على وجوده، عثور المنقبين والأثريين على آثاره في مدن ومقابر فرعونية، تعود لأكثر من 3 آلاف عام، حيث تم العثور على برميل يحوي ملاعق لم يهذب عنها أثر العسل، الأمر الذي يدل على أن فلاحي ذلك العهد القديم كانوا يأكلون العسل يومياً. وقد استخدمه المصريون القدماء في التحنيط وفي حفظ جثثهم من التعفن. وورود ذكر العسل في أشعار قدماء الهنود وفي أناشيدهم، حيث كانوا يشيدون به كغذاء ودواء.

الإسكندر الكبير:

ويقول الكاتب صبري القباني، في كتابه "الغذاء لا الدواء" إن العسل مذكور في التوراة أيام النبي يعقوب عليه السلام، حين سافر أولاده للمرة الثانية إلى مصر، إذ نصحهم بتقديم قدر من العسل إلى فرعون كهدية، ويقول: روي عن سليمان الحكيم قوله "اذهبوا وفتشوا عن العسل واستعملوه".

ويشير إلى أن جثة الإسكندر الكبير الذي توفي في بابل، أرسلت إلى مقدونيا مطمورة بالعسل، منعاً لتفسخ الجثة أثناء السفر الطويل. وهذا ما حدث لجثث كثيرة، كجثة ملك إسبارطة وأرسطوبيل وغيرهم. ويضيف بالقول: "كما أن الرومان واليونان كانوا يستعملون العسل قبل أن يوجد التبريد لحفظ اللحم طازجاً".

وهنا يتضح الاهتمام الكبير الذي كان القدماء يولونه للعسل، لما فيه من خصائص وفوائد عظيمة، وهو الأمر الذي سنبينه في القسم القادم من المادة بإذن الله.