أجمل العطايا التي تفضل الله بها على الإنسان نعمة العقل، وحين يستعمل الإنسان هذه النعمة العظيمة في الاتجاه الصحيح على ضوء إسلامي منير؛ حتما سينعكس ذلك إيجابا وفناً على سلوكه وتصرفاته وأخلاقياته تجاه نفسه وممن يعيش معهم. فيعيشون حياة سعيدة كريمة هادئة أساسها الفكر السليم الصافي وثمارها التعايش الجميل الرائع بين أفراد المجتمع الواحد مما يكون له الأثر الإيجابي في بناء مجتمع متماسك فعال، يغشاه الحب والتعاون والإحسان.
لا يخفى على القارئ الكريم أن هناك ثوابت وآداب جميلة ومعالم منيرة نفتخر بها كثيراً في ديننا العظيم المتألق وهي جزء مهم جدا من عبادتنا التي نتقرب بها إلى الله تعالى صباح مساء كي ننال مزيداً من الفضل العظيم(ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) ومتى ما تقبل العقل المسلم الصافي هذه الآداب والمعالم أثمرت أفكاراً جليلة وانهاراً جميلة وأخلاقاً جذابة وتعاملات مهذبة.
من هذه المعالم المنيرة التي تساعدنا على التفكير السليم:
- تحقيق مبدأ التعاون المثمر بين أفراد المجتمع وإشاعته بينهم، ولذا نجد أن هذا التعاون له أصل أصيل في شريعتنا الغراء حيث يقول تعالى(وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) ويقول صلى الله عليه وسلم] والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه[... ما أجملها من توجيهات منيرة أخاذة لو طبقناها واقعاً ملموساً ومنهجاً حياتياً لتذوقنا حلاوتها ولشربنا من أنهارها ماء زلالا.
ومن إضاءات هذه التوجيهات المقدسة أن التعاون المثمر بين الأفراد يساعد على سريان روح العدل فيشيع الاحترام المتبادل وتتحد المواقف وتذوب الخلافات الفردية من أجل تحقيق النجاحات الجماعية والسياسات المستهدفة.
- النظر للأمور بإيجابية ومن نافذة الفأل الحسن ، ولذا نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الفأل الحسن. ولكن تكمن مشكلة البعض في التشاؤم المسبق والنظرة السلبية أو بمعنى أصح النظرة السوداوية للأشياء أو الواقع المحيط به، مما يفقده كثيراً من البريق والنجاح في حياته.
.....ما أروع وأجمل أن ننظر للأمور بإيجابية وتفاؤل مشرق ونحسن الظن بالله قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : يقول الله تعالى : ( أنا عند حسن ظن عبدي بي) ونحسن الظن بالناس وسوف نرى بإذن الله النتائج المفرحة.
- إظهار حسنات الأفراد ومزاياهم بأسلوب راق تتلاقى فيه القلوب على موائد الصفا والتسامح، وإخفاء السلبيات حتى لا تغلق القلوب نوافذها وأبوابها وتحجب المصالحة. ويظهر لنا أهمية ذلك جلياً وواضحاً في السيرة العطرة لنبينا صلى الله عليه وسلم حين قال لأصحابه] لا يبلغني أحد منكم عن أصحابي شيئاً حتى أخرج لهم وأنا سليم الصدر[ يا للروعة ويا للجمال !! يرشدنا نبينا الحبيب أن يكون عقل الفرد جميلاً قبل اللقاء حتى يكون التعامل أفضل واللقاء أجمل مع أصحابه فهو بحق( بالمؤمنين رؤوف رحيم).
ألسنا معاشر القراء بأمس الحاجة لمثل هذه اللفتة النبوية الطاهرة رجالاً ونساءً وأفرادًا ومنظمات، وخاصة في أوقات الأزمات الأخلاقية وانحدار القيم.
- الحب الصادق...وهو من أهم المعالم النيرة للفكر السليم يقول صلى الله عليه وسلم] لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه[. يا للعظمة ويا للصفاء!! يقسم المصطفى على أهمية الحب الذي يولد شعوراً بأهمية الآخر، فيشعر الأخ بأخيه في الإنسانية والعقيدة فيسليه ويواسيه يستمع لشكواه ونجواه ويمنحه مزيداً من العطف واللطف.
ولا بد من شكوى إلى ذي مروة يواسيك أو يسليك أو يتوجع.
بهذا الحب الشريف اللطيف تكسب النفوس أبعاداً من الهدوء والسكينة والتوازن ويكسب العقل التفكير الصحيح في معالجة القضايا. فيسعد الأفراد لسعادة بعضهم ويتألمون لآلام بعضهم ويمنح الواحد منهم الآخر غرفاً شاغرة من المودة والاحترام.
وتعال معي أيها القارئ الكريم في موكب الحب الأخوي وتخيل....
كم من القطوف الدانية نجنيها ؟
وكم من القفزات التنموية نبنيها؟
وكم من الأخلاق الكريمة نحييها!!
سؤال جارح/
ألسنا في زمن الماديات... بحاجة ملحة (طوارئ) لمثل هذه المعالم الخيرة والأفكار النيرة؟!!