تشير أبحاث جديدة إلى أن مرضى السرطان الذين يأخذون جرعات كبيرة من الفيتامين C على أمل الشفاء من مرضهم، ربما يجعلون المرض أسوأ وذلك بحماية الأورام من العلاج الشعاعي والكيميائي من دون أن يدروا.
ويقول الأطباء أن ثمة أسبابا بيولوجية قوية للاعتقاد أن الجرعات المفرطة قد تكون مضرة، غير أنهم لا يستطيعون أثبات أن الفيتامين المذكور يؤذي في نطاق معالجة السرطان.
ويستند هذا الاعتقاد إلى اكتشاف أن خلايا السرطان أصلا تحتوي على كميات كبيرة من الفيتامين سي، والذي يبدو انه يحميها من أضرار الأوكسجين. والمعروف أن عدة أساليب لمعالجة السرطان، خاصة المعالجة الشعاعية، تعطي مفعولها بتعريض جينات الخلايا السرطانية للتلف الأوكسيجيني. وفي حديث خلال اجتماع لجمعية السرطان الأمريكية حذر الدكتور دافيد غولد، رئيس الأطباء في مركز سلون ـ كيترينغ التذكاري للسرطان في نيويورك من التمادي في استعمال فيتامين سي. ولفيتامين سي أنصار كثيرون، وذلك لأنه مضاد للتأكسد، ولكونه مادة تحمي الجسم من جزيئات الأوكسجين المعروفة باسم الجزيئات الطليقة، التي يمكن أن تصبح مضرة. ويشتبه أن التأكسد ـ وهو التفاعل نفسه الذي يسبب صدأ الحديد ـ يولد السرطان وأمراضا أخرى.
ويوصي خبراء الصحة بالإكثار من تناول الفواكه والخضار لأنها تشكل مصدرا غنيا للمواد المغذية المضادة للتأكسد، إضافة إلى فوائدها الأخرى، وكثيرون من الناس يتناولون كميات كبيرة من فيتامين سي ومضادات التأكسد الأخرى اعتقادا منهم أنها ستقيهم أو تشفيهم من الأمراض.
غير أن الأطباء يحذرون أن مختلف الإضافات الغذائية هي مواد طبيعية، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة أنها سليمة وفعالة، خاصة إذا استعملت مع المعالجات الأخرى.
وأشار الدكتور باري كاسيليث عالم الطب الاجتماعي الذي يجري دراسات حول الفيتامينات والأدوية العشبية في مركز سلون ـ كترينغ، إلى أن فيتامين سي فقد الحظوة كعلاج للسرطان في العام 1985، بعد أن اكتشفت دراسة لمايو كلينيك انه عديم الفائدة. إلا أن الفيتامين المذكور بدأ يعود إلى الواجهة، فأخذ بعض الأطباء يوصون مرضى السرطان بأخذ جرعات كبيرة منه كإضافة، أو حتى كبديل للمعالجات العادية.
واكتشف الفريق الذي يقوده غولد سنة 1993 أن فيتامين سي يصل إلى داخل الخلية ـ وتبين أن نوعا متأكسدا من الفيتامين يدعى Dehydroascrobic acid يدخل إلى الخلية من الفجوة نفسها التي يدخل منها السكر أيضا. وفور وصول الفيتامين إلى الخلية يعود ويتحول فورا إلى فيتامين سي. وقال غولد أن من الخواص العديدة للكثير من السرطانات أن لها (فتحات السكر) نفسها، وعددها أكبر مما هو موجود في الخلايا العادية، ويتيح لها ذلك أن تستمد من الطاقة أكثر مما تحتاج إليه لكي تنمو.
إلا أن الخلايا السرطانية غالبا ما تحتوي على تركيزات عالية جدا من فيتامين سي. أما ما يعمله الفيتامين داخل السرطان فغير معروف. وقال غولد: (أعرف من خبرتي أن هذا ليس شيئا عرضيا، إن خلية السرطان تريد فيتامين سي لأنها تريد أن تحمي نفسها من مضاد التأكسد).
إما في ما يختص بالفائدة التي يجنيها السرطان من فيتامين سي، فان ذلك قد يشمل الوقاية من الآثار الضارة للمعالجة الشعاعية وبعض أشكال المعالجة الكيميائية تفعل فعلها بتسبب التلف الأوكسيجيني.
وقال غولد إن الأغذية الغنية بالفيتامينات والفيتامينات المتعددة لا تضر مرض السرطان، غير انه ينصح مرضاه روتينيا بعدم اخذ جرعات مفرطة من فيتامين سي في مرحلة المعالجة.
وقال الدكتور هارمون آير، المدير الطبي لجمعية السرطان الأمريكية إن عمل غولد يوحي بان تفادي اخذ فيتامين سي خلال المعالجة بالأشعة له أهمية خاصة، وقد أظهرت التجارب في المختبر أن إغراق الخلايا السرطانية بالفيتامين يجعلها تقاوم المعالجة الكيميائية.
وكان باحثون من جامعة كاليفورنيا الجنوبية قد قدموا معطيات في احد المؤتمرات تشير إلى أن أقراص فيتامين سي قد تسرع انسداد الشرايين الذي يسبب الذبحات الصدرية والنوبات الدماغية.
وكانت أجزاء من دراسة غولد قد نشرت في مجلة Cancer Reseach في شهر سبتمبر الماضي