التدخين البيئي والصحة

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : د. أحمد سالم باهمام | المصدر : www.sleep-sa.net

 

قد يكون هناك قرارات تمنع التدخين في بعض الأماكن العامة ولكنها بدون شك لم تفعلإلا في أماكن قليلة كالمستشفيات ويكفي أن ترى المدخنين من المسافرين في مطار الملكخالد الدولي والذين يلتزمون بأنظمة منع التدخين عندما يكونون في مطارات أجنبيةوماسبق ينطبق على المطاعم والأسواق وأماكن العمل وغيرها من الأماكن العامة.
 عندمايدخن المدخن سيجارة فإن ضرر التدخين يتعداه إلى كل الموجودين معه في مكان التدخينوهذا ما يعرف بالتدخين السلبي أو اللاإرادي وحديثا عرف بتدخين التبغ البيئي (environmental tobacco smoke) وقد عرف الطب أخطار التدخين البيئي منذ السبعينياتالميلادية عندما أثبت أن التدخين البيئي يزيد من احتمال إصابة الأطفال بالتهاباتالجهاز التنفسي السفلي وفي الثمانيات الميلادية ظهرت أول الدراسات التي ربطتالتدخين البيئي أو السلبي بالإصابة بسرطان الرئة وتتابعت بعد ذلك الأدلة على صلةالتدخين البيئي بتصلب الشرايين وجلطات القلب والدماغ ونقص وزن حديثي الولادة وزيادةاحتمالات الإصابة بالربو وبأمراض الصدر الانسدادية المزمنة وغيرها من الآثار الصحيةالسيئة. فالكثير من القراء الكرام يعلمون أن الدخان يحتوي على حوالي خمسين مادةمسرطنة أو مولدة للسرطان والعشرات من المواد السامة والمهيجة لذلك بدأ الكثير منالدول المتقدمة منذ نهاية الثمانيات وبداية التسعينيات الميلادية بوضع القوانينالتي تمنع التدخين في الأماكن العامة وتم تفعيل ذلك ووضعت الضوابط التي تلزم الجميعباحترام هذه القرارات ووضعت الاليات اللازمة للتأكد من التزام المدخنين بهذهالأنظمة فظهرت القوانين المختلفة في أمريكا الشمالية وأوروبا لمنع التدخين فيالأماكن العامة حتى أن بعض الدول منعت التدخين بصورة كاملة ليس فقط في أماكن العملوالمطاعم والأسواق ولكن المنع وصل إلى البارات حيث يمنع مرتادوها من التدخين، فيوقت لاتجد مكانا مخصصا لغير المدخنين في مطاعمنا. وقد أجريت دراسات كثيرة في الدولوالمقاطعات التي شرعت قوانين منع التدخين لتقييم تأثير المنع على صحة الناسالمرتادين للأماكن العامة.
 
وقد أظهرت الدراسات نتائج مشجعة جدا تؤيد نظرية تطبيققوانين منع التدخين في الأماكن العامة فقد أظهرت الدراسات أن مستوى المواد السامةفي الدم لدى عينات عشوائية من غير المدخنين قد انخفضت بصورة كبيرة بعد المنع. كماأظهرت دراسة أجريت في سان فرانسيسكو أن معدل الإصابة بأعراض تهيج الجهاز التنفسيالعلوي والعينين قد أنخفض من 77٪ إلى 19٪ بعد المنع كما أنخفضت أعراض الجهازالتنفسي السفلي مثل الأزيز والسعال والبلغم وضيق التنفس من 74٪ إلى 32٪ عند مرتاديالأماكن التي طبق فيها المنع. وتحسنت كذلك وظائف الرئتين المخبرية بصورة كبيرة. وأظهرت دراسة أجريت في ولاية مونتانا الأمريكية انخفاضا كبيرا في معدل الإصابةبجلطات القلب في الفترة التي تم فيها المنع مقارنة بالفترة التي سمح فيها بالتدخينفي الأماكن العامة. وأظهرت الدراسات في الدول الأوروبية التي طبقت المنع نتائجمماثلة كما أن عدد المدخنين انخفض والذين استمروا في التدخين انخفض استهلاكهمللسجائر بصورة كبيرة. أتمنى أن نرى اليوم الذي يمنع فيه التدخين في الأماكن العامةلدينا وأن يفعل المنع وأن نستفيد من تجارب من سبقونا في هذا المجال حفاظا علىصحتنا. بقي أن أضيف أن الدول التي طبقت المنع وجدت أن عملية التطبيق ليست بالموضوعالصعب وأن العامة يتقبلون مثل هذا الأمر حتى المدخنين أنفسهم يتقبلونه في نهايةالأمر ولكن الخبراء في فنلندا وهي إحدى الدول التي تطبق المنع ينصحون بأن يواكبالمنع حملات إعلامية توعوية بخطر التدخين البيئي أو السلبي وأن تنشط البرامج التيتساعد المدخنين على وقف التدخين. نسأل الله للجميع الصحة والعافية.