الاضطرابات السلوكية والحركية أثناء مرحلة الأحلام

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : الدكتور أحمد سالم باهمام | المصدر : www.sleep-sa.net

عالم الأحلام عالم غامض يستهوي الكثير، فالغموض يجتذب اهتمام الناس لذلك تصلنا أسئلة كثرة عن الأحلام واضطراباتها.  من الناحية العلمية تحدث خلال الأحلام تغيرات فيزيولوجية كثيرة تدل على عظمة الخالق سبحانه وتعالى.  ونحن كأطباء نهتم بالناحية الفيزيولوجية والمرضية في موضوع النوم والأحلام بالذات ولا نتطرق للنواحي الروحية والغيبية وتفسير الأحلام.  ففي مرحلة الأحلام تحدث بعض الاضطرابات وتختفي في مراحل النوم الأخرى مثل شلل النوم والنوم القهري وهناك اضطراب آخر يعرف بالاضطراب السلوكي والحركي أثناء الأحلام. وقبل الحديث عن هذا الاضطراب وحتى نفهم آلية حدوثه لا بد ان نتعرض وباختصار للتغيرات التي تحدث خلال الأحلام. 

            الأحلام مرحلة أساسية من مراحل النوم ومن المعلوم طبياً أن نشاط المخ خلال مرحلةحركة العينين السريعة التي تحدث فيها أكثر الأحلام يكون أعلى من نشاطه خلالالاستيقاظ، ويقضي الإنسان البالغ من 15 - 25٪ من نومه في هذه المرحلة.  ويمر النائم خلال فترة النوم المعتادة (8 ساعات) بأربع إلى ست دورات من النوم يمر خلالها بمختلف مراحل النوم حيث يبدأ بالمرحلة الأولى ثم الثانية وبعد ذلك النوم العميق (الثالثة والرابعة) حتي يصل لمرحلة الأحلام. وقد خلق الله سبحانه وتعالى آلية تعمل لتحمينا من تنفيذ أحلامنا؛ تدعى هذه الآلية (ارتخاء العضلات). وارتخاء العضلات يعني أن جميع عضلات الجسم تكون مشلولة خلال مرحلة الأحلام ما عدا عضلة الحجاب الحاجز  حتى يستطيع النائم أن يتنفس وأن يحافظ على مستوى الأكسجين طبيعي في الدم. فحتى لو كان حلم النائم ملئ بالعمل والحركة فإن آلية ارتخاء العضلات تضمن له بقاءه في سريره ولايشعر من يوجد جنب الذي يحلم بأنه قد يكون في حلم كثير الحركة. وتنتهي هذه الآلية بمجرد انتقال النائم إلى  مرحلة أخرى من مراحل النوم أو استيقاظه من النوم. إلا أنه وفي بعض الحالات لا تعمل هذه آلية الحماية هذه بالصورة المطلوبة فينفذ النائم الحركات التي يقوم بها في نومه فمثلا قد يقوم النائم بالركل والضرب أو القفز المفاجئ من السرير أو الحديث والصراخ وهذا بالاضافة لتأثيره على جودة النوم قد ينتج عنه إصابات خطيرة للنائم أو لمن يشاركه السرير (في العادة الزوجة لأن هذا الاضطراب يصيب الرجال أكثر من النساء).
            وتم التعرف على هذا الاضطراب حديثا حيث تم تشخيص أول حالة عام 1986.  والخلل الواضح في هذا الاضطراب هو غياب آلية شلل العضلات مما ينتج عنه حركة الأطراف وفي الحالات الخفيفة قد تقتصر حركة النائم على بعض الحركات الخفيفة في الأطراف أما في الحالات الشديدة فغنها قد تسبب حركات عنيفة قد تؤذي المريض أو الذي يشاركه السرير.  وتتفاوت الإصابات من الكدمات البسيطة والنزيف البسيط إلى الجروح الغائرة والكسور المضاعفة أو إصابات الدماغ والنزيف الدماغي وقد تم الاشتباه الجنائي في بعض الحالات بسبب شدة إصابة من يشارك المريض في السرير (عادة الزوجة).  فيما عدا ذلك فإن تخطيط النوم يكون طبيعي في العادة.
            هذا الاضطراب نادر نسبيا رغم أننا نرى بعض الحالات في مركز اضطرابات النوم وقد يكون السبب أن المرضى لا يحصلون على التشخيص الصحيح الذي يساعد في سرعة تحويلهم إلى مركز اضطرابات النوم. فقد اظهرت الدراسات أن هذا الاضطراب يصيب 0.5% من الناس بين عمر 15-100 سنة وكان معدل عمر المصابين 60 سنة.  والاضطراب يصيب الرجال أكثر من النساء ويظهر أكثر عند المصابين بالأمراض العصبية المركزية التنكسية مثل مرض الباركنسون (الرعاش) او بعد جلطات الدماغ أو غصابات الرأس الشديدة.  كما أن بعض الأدوية النفسية وبعض مضادات الاكتئاب قد تسبب المشكلة وكذلك قد تظهر الأعراض عند المدمنين على الكحول عند توقفهم المفاجئ عن الكحول.  كما أن المشكلة قد تظهر عند المصابين بالنوم القهري كون كلا المشكلتين تحدثان خلال مرحلة الأحلام. وفي العادة يتذكر المريض تفاصيل الحلم حال إيقاظه من حالة الهيجان ويستعيد إدراكه مباشرة بعكس المصابين باضطراب المشي اثناء النوم أو اضطراب رعب النوم أو الصرع التي لا يتذكر المريض في العادة ما حدث ولا يستعيد إدراكه مباشرة حال إيقاظه.
 
            ولتشخيص هذا المرض يتم إجراء دراسة ليلية للنوم مع مراقبة الرميض بالفيديو طوال الدراسة لاستبعاد الاضطرابات التي قد تشابه المشكلة مثل الصرع أو المشي أثناء النوم.  ويستجيب المرضى في العادة للعلاج الطبي بأحد العقاقير التي تستخدم لهذه المشكلة وتكون الاستجابة في العادة جيدة وسريعة.  كما ينصح المرضى بعدم إجهاد أنفسهم قبل النوم وأبعاد المواد الحادة من غرفة النوم وعدم النوم على أسرة مرتفعة.  كما ينصح من يشارك المريض السرير أو الغرفة بأخذ الحيطة حتى يتم العلاج.  أسال الله أن يحفظكم من كل مكروه.