وقبل أن نتطرق لهذه الزوجة لنتعرف على زوجها ،، أحمد بن أبي الحواري ( ريحانه الشام ) كما سماه الجنيد ،، من الأهل الورع والزهد ،، أحد تلاميذ أحمد بن حنبل ،، كان يقول : من أحب أن يعرف بشيءٍ من الخير أو يُذكر به ،، فقد أشرك في عبادته ، ومن عبدَ على المحبة ،، لا يُحب أن يرى خدمته سوى محبوبه ،، وقال: إني لأقرأُ القرآن ،، فأنظر في آيةٍ فيحار عقلي فيها ،، فأعجب من حفاظ القرآن كيف يهينهم النوم ،، وَيَسَعَهُم أن يشتغلوا بشيء من الدنيا ،، وهم يَتلُون كلام الرحمن ؟؟ أمَا لو فهموا ما يَتلون ،، وعرفوا حقّه وتتلذّذوا به ،، واستحلَوا المناجاة به،، لذَهب عنهم النوم فرحاً بما رزقوا (1) .. هذا هو أحمد ( ريحانه الشام )،، فكيف كانت زوجته ،، إن أمراها كان أعجب منه ،، فسبحان الله الرزاق ،، سبحان الله تعالى المعطي الوهاب .. قال أحمد : قلت لرابعة وقد قامت بليل : قد رأينا أبا سليمان وتعبدنا معه ،، ما رأينا من يقوم من أول الليل ،، فقالت : سبحان الله مثلك يتكلم بهذا ..؟؟!! إنما أقوم إذا نوديت .. قال : وجلست آكل ،، وجعلت تذكرني ،، فقلت لها : دّعينا يَهنينا طعامٌنا .. قالت : ليس أنا وأنت مِمَّن ينغَّص عليه الطعام عند ذكر الآخرة .. قال زوجها( ريحانه الشام) : ربما نظرت إلى وجهها ورقبتها ،، فيتحرك قلبي على رؤيتها ،، مالا يتحرك مع مذاكرتي أصحابنا من أثر العبادة .. وقالت لي( والحديث لأحمد ) : لست أحبك حب الأزواج .. إنما أحبك حب الإخوان ،، وإنما رغبت فيك رغبة في خدمتك .. !!! وإنما كنت أحب وأتمنى أن يأكل مِلكي ومَالِي ،، مثلك ومثلُ إخوانك ،، قال أحمد : وكان لها سبعة آلاف درهم فأنفقتها عليَّ ،، فكانت إذا طبخت قدراً قالت : كلها يا سيدي فما نضجت إلا بالتسبيح ،، وقالت لي : لست أستحل أن أمنعك نفسي وغيري ،، أذهب فتزوّجّ!!! قال : فتزوجت ثلاثاً ،،وكانت تطعمني اللحم وتقول : اذهب بقوتك إلى أهلك .. ؟!!! وكانت رحمها الله تقول : ما سمعت الأذان إلاّ ذكرت منادي القيامة ،، ولا رأيت الثلج إلا رأيت تطاير الصّحف ،، ولا رأيت جراداً إلى ذكرت الحشر (2)