كيف نستثمر العشر الأواخر..إيمانيا ؟
الناقل :
heba
| الكاتب الأصلى :
:همام عبد المعبود
| المصدر :
www.muslema.com
إعداد :همام عبد المعبود
لا ينبغي لمسلم عاقل يعرف فضل ومكانة العشر الأواخر من شهر رمضان، أن يفوّت هذه الفرصة الثمينة على نفسه وأهله فما هي إلا ليال معدودة ربما يُدرك الإنسان فيها نفحة من نفحات المولى فتكون سعادة في الدنيا والآخرة .
ويكفينا لبيان فضلها ما رواه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها :أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيرها )، وفي الصحيح عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله) .
ففي هذه العشر كان يجتهد النبي صلى الله عليه وسلم أكثر مما يجتهد في غيرها من الليالي والأيام من أنواع العبادة : من صلاة وقرآن وذكر وصدقة وغيرها ..، فكان يشد مئزره يعني: يعتزل نساءه ويتفرغ للصلاة والذكر، وكان يحيي ليله بالقيام والقراءة والذكر بقلبه ولسانه وجوارحه لشرف هذه الليالي والتي فيها ليلة القدر التي من قامها إيمانا واحتسابا غفر الله ما تقدم من ذنبه، كما كان صلى الله عليه وسلم يحيي الليل كله في عبادة ربه من الذكر وقراءة القرآن والصلاة، وكان يوقظ أهله فيها للصلاة والذكر حرصا على اغتنام هذه الليالي المباركة بما هي جديرة به من العبادة فإنها فرصة العمر وغنيمة لمن وفقه الله عز وجل .
برنامج عملي للعشر الأواخر
يقول الأستاذ فتحي عبد الستار محرر صفحة دعوة ودعاة وأحد مستشاري صفحة استشارات إيمانية :
العشر الأواخر من رمضان تحتاج إلى تنظيم الوقت تنظيما جيدا لنستطيع الاستفادة من كل لحظة من لحظاتها الغالية، ونقترح عليكم هذا البرنامج اليومي العملي لتنفيذه خلال هذه الأيام المتبقية من شهر رمضان، والذي سأجعل بدايته من صلاة الفجر، مع ملاحظة أنه نموذج قابل للتعديل حسب ظروف كل إنسان وطاقته.
1- المكث في المسجد من بعد صلاة الفجر وحتى الشروق - إن تيسر أو في البيت- لقراءة أذكار الصباح، وما تيسر من القرآن، ثم صلاة الضحى ركعتين أو أربع.
2- العودة للبيت والاستعداد للذهاب إلى العمل، أو النوم حتى موعد العمل، كل حسب مواعيد عمله.
3- أذكار الخروج من المنزل، وتلاوة ما تيسر من القرآن أو أوراد الذكر والاستغفار في الطريق إلى العمل أو السماع أن كنت تقود سيارة.
4- المحافظة على الصلوات في أوقاتها، والاستعداد قبلها بالوضوء، وترديد الأذان، وصلاة السنن القبلية والبعدية بما لا يؤثر على مصلحة العمل.
5- استثمار أوقات الفراغ البينية في تلاوة القرآن أو قراءة أي كتاب نافع أو الاستغفار والذكر.
6- تلاوة أذكار المساء في طريق الرجوع إلى المنزل.
7- تجنب الإسراف في الطعام، فالله لا يجب المسرفين، ورمضان شهر عبادة وزهد، وليس شهر طعام، ويمكن استثمار أوقات الفراغ بسماع أحد الشرائط الدينية أو الدروس أو الخطب أو الذكر.
8- صلاة المغرب ثم الإفطار مع الدعاء المأثور: اللهم إني لك صمت...، مع مراعاة الحذر من الإكثار من الطعام حتى لا يثقل البدن عن العبادة وخاصة صلاة التراويح .
9- أخذ قسط من الراحة حتى أذان العشاء، والنزول للمسجد لأداء صلاة العشاء والتراويح.
10- النوم حتى قبيل الفجر بساعتين، والاستيقاظ لصلاة التهجد والوتر والدعاء .
11- تناول طعام السحور قبل الفجر بنصف ساعة مثلا، فمن السنة تأخير السحور.
12- الانشغال بالاستغفار حتى أذان الفجر.
13- الاعتكاف في العشر الأواخر سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه فضل كبير لمن استطاعه، فإن كنت ممن تسمح لهم ظروفهم ولا مانع قويا لديك فشمر عن ساعد الجد واعتكف لله فإن الاعتكاف يعود عليك بالخير الكثير .
14- أنصح كل مسلم حريص على وقته بمقاطعة التلفزيون تماما في هذه الأيام القليلة الباقية من هذا الشهر الكريم، لنتجنب ما أعده شياطين الإنس ليفسدوا على المسلمين عبادتهم، إلا للضرورة كالاطلاع على الأخبار مثلا ومتابعتها، مع الحذر في أن يستدرجنا هذا للجلوس مدة طويلة.
15- أنصح كل مسلم بشراء مستلزمات العيد من ملابس وغيره في وقت مبكر ويفضل ان يكون ذلك في نهار رمضان ما تيسر حتى نستثمر الليل في العبادة ما استطعنا.
16- وكذلك أنصح بتنظيف المنزل وغيره من الأعمال التي اعتاد الناس القيام بها قبل الأعياد، حتى لا تستنفد هذه الأشياء أوقاتنا في العشر الأواخر من رمضان، والتي ينبغي أن نجتهد فيها أكثر في العبادة.
17- ونوصي بعدم تضييع الأوقات في الولائم والحفلات والعزومات ومما اعتاد الناس القيام به في رمضان، وننصح غيرنا بذلك.
18- علينا أن نكثر من التصدق في هذه الأيام العشر الباقية من رمضان، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة وكان أجود ما يكون في رمضان.
19- علينا أن نصلح ذات بيننا، وأن ننقي نفوسنا وقلوبنا مما يشوبها من كدر المعصية لتتهيأ لتذوق حلاوة العبادة.
كيف تغير نفسك ؟
ويضيف الأستاذ فتحي عبد الستار :
تعتبر العشر الأواخر من رمضان نفحة من نفحات الله عز وجل التي أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالتعرض لها واستثمارها، وهي فرصة لتغيير النفس إلى الأفضل. ومجالات التغيير التي يجب أن يعنى بها العبد تنحصر في علاقته بربه، ونفسه، وأهله، والناس من حوله على اختلافهم .
وكل مجال من هذه المجالات يحتاج إلى مكاشفة ومصارحة مع النفس، للوقوف على عيوبها ومثالبها، ومن ثم البدء في علاج تلك العيوب والتخلص منها، والاستزادة من خصال الخير.
ولا شك أن هذا يحتاج منك إلى صبر ومجاهدة، فلن تتخلص من عيوبك كلها مرة واحدة، ولن تتغير من النقيض إلى النقيض في لمح البصر، أو في خلال أيام معدودة، ولكن أبشر بتأييد الله عز وجل لك: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).
وأنصحك أخي بالآتي : -
1- اصطحب نيتك الصالحة هذه معك طوال هذه الأيام العشر الباقية من هذا الشهر الكريم، فضعها نصب عينيك دائما، وذكِّر نفسك بها، وحبذا لو كتبت عبارة (سأغير نفسي في العشر الأواخر) على لوحة، وعلقتها في مكان ظاهر في البيت أو في العمل، لتتذكرها، وتذكر غيرك بها.
2- جهز لنفسك خطة تسير عليها خلال هذه الأيام العشر الباقية، على أن تراعي فيها التغيير والإصلاح في كل المجالات التي ذكرتها.
3- في مجال إصلاح العلاقة مع الله عز وجل، انظر لتقصيرك في عبادته سبحانه، واجبر هذا التقصير، فإن كان في الصلاة فعاهد الله عز وجل على أن تحافظ على الصلوات في أوقاتها، وإن كنت مرتكبا لذنب فعاهد ربك على الإقلاع عنه والتوبة النصوح منه، فتحول بذلك من المعصية إلى الطاعة.
4- وفي مجال الأهل، انظر كيف كنت تعامل والديك وإخوتك وذوي أرحامك وباقي أهلك، فتحول من العقوق إلى البر، ومن القطيعة إلى الصلة، ومن سوء العشرة إلى حسنها.
5- وفي مجال الناس، راجع علاقاتك مع جيرانك، وزملائك، ومع إخوانك وأصدقائك، فتحول من الإيذاء إلى الإحسان، ومن الحقد إلى التسامح والعفو، ومن الحسد إلى حب الخير للناس.
6- وفي مجال النفس، احصر عيوبها الدفينة، واسع إلى علاجها، لتتحول من الكبر إلى التواضع، ومن الرياء إلى الإخلاص، ومن الكذب إلى الصدق، ومن النقمة إلى الرضا.
وهكذا أخي الحبيب .. حتى تخرج من هذا الشهر الكريم، وقد منَّ الله عز وجل عليك بفضله، وتحولت نفسك، وتغيرت إلى الأفضل في كل المجالات، وأذكرك بأن هذا يحتاج إلى صبر ومجاهدة .
ومن المهم أخي ألا يتوقف، بعد رمضان، حرصك على إصلاح نفسك وتهذيبها وتحسين علاقتها مع الله ومع الناس، بل يجب أن يستمر هذا بعد انقضاء شهر رمضان، فرب رمضان، هو رب شوال، وهو رب المحرم، وهو رب الشهور كلها، وما رمضان إلا محطة وقود يتزود منها العبد لباقي الشهور، فلا تكن من عبَاد رمضان، ولكن كن من عبَاد الله عز وجل، فمن كان يعبد رمضان فإن رمضان شهر يولي وينقضي، ومن كان يعبد الله فإن الله حي باق لا يموت، وإليه سبحانه المرجع والمصير.
برنامج عملي للقرآن
و يقول الأستاذ رمضان فوزي الباحث بكلية دار العلوم :
فلا شك أن القرآن ورمضان متلازمان؛ فالقرآن أنزل في شهر رمضان، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي ربي منعته الطعام والشهوة، فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه. قال: فيُشفَّعان [رواه أحمد والحاكم بسند صحيح]. وكان سيدنا جبريل ينزل للرسول صلى الله عليه وسلم في رمضان فيدارسه القرآن.
وأقترح البرنامج التالي :
1- الاستعداد لقراءة القرآن بالوضوء وإفراغ القلب من الدنيا وهمومها.
2- ختم القرآن مع نفسك مرة على الأقل خلال العشر الأواخر .
3- صلاة التراويح يوميا بما تيسر من القرآن.
4- صلاة التهجد في العشر الأواخر.
5- عمل مدارسة أو مقرأة يوميا مع بعض الزملاء تتدارسون فيها بعض الآيات القرآنية .
6- تحديد قدر معين من القرآن لحفظه خلال العشر الأواخر حسبما يفتح الله عليك .
7- مراجعة ما تحفظه من القرآن لتثبيته .
8- قراءة تفسير ما تحفظه من القرآن، من بعض التفاسير الميسرة، لتتعرف على معاني الآيات وأسباب نزولها.
9- القراءة في مصحف به معاني الكلمات حتى يسهل التعرف على الكلمات الصعبة.
10- التدبر في الآيات واستحضار معانيها.
11- استحضار عظمة الله عز وجل واستشعار أنه يكلمك؛ فمن أراد أن يكلم الله فليدخل في الصلاة، ومن أراد أن يكلمه الله فليقرأ القرآن.
12- استثمار أوقات المواصلات في قراءة القرآن، وكذا التواجد في البيت في الاستماع إلى القرآن.
13- التأدب بآداب حملة القرآن، وأوصيك هنا بالرجوع لكتيب التبيان في آداب حملة القرآن.
- تقبل الله منا ومنك صالح الأعمال، ونسأله سبحانه أن يبلغنا وإياك وجميع المسلمين رمضان عاما بعد عام.
وفقنا الله وإياك لطاعته وحسن عبادته، ومرحبا بك دائما .
الأسرة في العشر الأواخر
و يقول الأستاذ مسعود صبري الباحث الشرعي بالموقع :
الأسرة هي تلك المؤسسة الاجتماعية، التي أوجب الإسلام أن تبنى على الدين والتفاهم، وأن يسعى كل من الزوجين إلى الحفاظ عليها، إنسانيا واجتماعيا وعاطفيا ودينيا، وربما كان رمضان فرصة للتلاحم الأسري والتقارب الأكثر بين الزوجين، وفي العشر الأواخر فرصة إيمانية نادرا ما تعوض، تجتمع فيها الأسرة على طاعة الله، والتماس فضل ليلة القدر، وهذه بعض المقترحات لزيادة الإيمان للأسرة في العشر الأواخر:
1. اذهب أنت وزوجتك وأولادك إلى المسجد ، واسعوا إلى الحفاظ على صلاة الجماعة خاصة في هذه الأيام .
2. امكث مع زوجتك وأولادك بعد صلاة العصر، واقرأ معهم درسا من كتاب رياض الصالحين أو مختصر منهاج القاصدين، أو منهاج المسلم .
3. حاول أن تجتمع مع أسرتك حول مائدة القرآن الكريم ، تلاوة وتصحيحا .
4. يمكن الذهاب مع الأسرة لصلاة التراويح في مسجد جامع مع إمام حسن الصوت .
5. الخروج مع الأسرة لصلاة التهجد في مسجد الاعتكاف ، أو جمع الأسرة على صلاة التهجد في جزء من الليل على أقل تقدير .
6. الاجتماع مع الأسرة للاستغفار و الدعاء وقت السحر .
7. اصطحاب الأسرة للاعتكاف إن كان مقدورا ، وفي بعض المناطق تخصص أماكن للنساء بالإضافة إلى معتكف الرجال .
8. مشاركة الأسرة في إخراج زكاة الفطر، كأن تخرجها الزوجة ، أو الأولاد ، إشعارا لأهميتها ، وتثبيتها لها في نفوسهم .
9. الاستعداد مبكرا لشراء ملابس العيد ، حتى لا تنشغل الأسرة بالعيد مضيعة العشر الأواخر من رمضان .
10. تحري ليلة القدر، واعتكاف ليلتها ، والدعاء فيها : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا .
المحرر بالقسم الشرعي بالموقع
المصدر إسلام أون لاين