الأخلاق عدة الداعية إلى الله

الناقل : heba | الكاتب الأصلى : أ . آمال المغامسي | المصدر : www.islameiat.com

بقلم .أ . آمال المغامسي .

إن من أهم أهداف الداعية إيصال الدعوة إلى الناس،والكشف عن جوانب الخير فيهم, وحتى يصل إلى ذلك لا بد له من أدوات تعينه في مهمته، من أهمها الأخلاق الفاضلة التي تعد قوام الشخصية المسلمة، وبالأخص الداعية ،ومن هذه الأخلاق :

أولاً: الصدق :
فالله تعالى أمر المؤمنين بالصدق فقال :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } ﴿119﴾ سورة التوبة ،والصدق يكون في القصد بأن يصدق في سيره إلى الله,ويصدق في عزمه على الدعوة، وعلى تحمل مشاق الطريق،غير ملتفت إلى محاولات المثبطين ،وغير عابئ بطول الطريق ،ولا مستسلم لعوائقه .

والصدق يكون في القول بألا ينطق إلا حقًا، وبأن يجتنب الزور من القول ، ويكون في الفعل بأن يكون عمله خالصًا لله ،وموافقًا لشرعه دون ابتداع ، فإذا تحقق له ذلك وصل إلى الدرجة التي أمر الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا }﴿80﴾ سورة الإسراء ،وبهذا يظهر أثر الصدق في وجهه وصوته وحركاته وسكناته ، فيكون لكلامه وقعًا مؤثرًا على الناس بإذن الله .

ثانيًا : الصبر :
والصبر عدة مهمة للداعية ،أمر الله تعالى به فقال : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } ﴿200﴾ سورة آل عمران ،وهو أنواع :
- صبر على طاعة الله ،ويكون بالإخلاص في الطاعة ،والمداومة عليها ،والإتيان بها على مقتضى الشرع.
- وصبر عن المعصية بهجرها ،وتجنب مواطنها ومثيراتها .
- وصبر على البلاء ويكون بالرضا ،وترك التسخط ،والتشكي .
والداعية يتطلع إلى غاية من أشرف الغايات ،ولذا فهو يصبر على مجاهدة نفسه والارتقاء بها ،ويصبر على مخالطة الناس وأذاهم ،وعلى مشاق الدعوة وابتلاءاتها .

ثالثًا : الرحمة :
فلابد أن يكون الداعية رحيمًا شفيقًا على الناس ،حريصًا على إخراجهم من جحيم المعصية إلى نور الطاعة ،فالمعصية هلاك وخسران ،ومن رحمة الداعية أن لا يسأم من الاستمرار والتكرار ،ويحاول بشتى الطرق والأساليب يحاور و يقنع ،ويرشد إلى الحق والصواب ،ويحتمل من المدعوين الجهل والإعراض والصدود ،وهذا كان هديه صلى الله عليه وسلم ،فقد امتلأ قلبه رحمة بقومه على كفرهم وضلالهم وجحودهم وتعنتهم وأذاهم, فتحمل منهم ماتحمل ، وكان دائم الدعاء لهم بالهداية، فما انفك صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون حديث مرسل رواه البيهقي في شعب الإيمان ، حتى خاطبه ربه في ذلك فقال :{فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } ﴿8﴾ سورة فاطر،وحتى وصفه بقوله :{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } ﴿128﴾ سورة التوبة .
والداعية الرحيم يعفو عمن أساء إليه في حق نفسه ،قال تعالى : { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} ﴿199﴾ سورة الأعراف ، أما الداعية المحروم من الرحمة فإنه لا ينجح في دعوته ؛ لأن الناس تنفر من الفظاظة والغلظة حتى لو علموا أن ما يدعو إليه هو الحق المبين ، قال تعالى :{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ } ﴿159﴾ سورة آل عمران .

رابعًا : التواضع :
فالكبرياء لله وحده ،وفي الحديث القدسي : {العز إزاري والكبرياء ردائي فمن ينازعني في واحد منهما فقد عذبته } حديث صحيح ، والمتكبر لا ينصاع للحق إن صدر من غيره، ولا يرجع عن الخطأ إن وقع فيه، ولا يقبل النصيحة ،ويحقر الناس ويرى أن له عليهم حقًا عظيمًا ،ولذا فإن الكبر من أخطر الآفات التي يمكن أن تصيب الداعية, فالداعية يحتاج إلى التواضع؛ لأن عمله يتطلب مخالطة الناس ،والناس لا يقبلون الحق ممن يستصغرهم ويتكبر عليهم ،بل ربما كرهوا الحق نفسه ؛ لأنه صادر منه ،ولذا فإن على الداعية أن يخفض للمدعوين جناح الذل من الرحمة ،ولا يكثر من الحديث عن نفسه,وعن إنجازاته ونجاحاته وعلمه ،بل يستشعر دوماً أن ما أصابه من نعمة محض فضل من الله عليه ليس له فيه يد ولا سبب، فالداعية الحق كلما وفق إلى خير أو نجاح ازداد تواضعًا لله عز وجل وافتقارًا إليه.

ومن التواضع أن يتواضع الداعية لصاحب الأمر ،ولمن هم أسبق منه في الدعوة إلى الله, ومن لهم عليه فضل تعليم وإرشاد.

هذا طرف من الأخلاق الفاضلة التي لابد أن يستصحبها الداعية في دعوته حيثما حل, وأينما ارتحل ،وهو بالتأكيد بحاجة إلى كل خلق كريم جاء به هذا الدين الحنيف ،وحث عليه الشرع ،قدوته في ذلك إمام الدعاة صلى الله عليه وسلم الذي قال عنه ربه : {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } ﴿4﴾ سورة القلم .

المصدر موقع دعوتها