في اليوم الأول من وصوله إلى المدينة التي حلم زمنا بزيارتها، نقلته قدماه من شارع إلى شارع، ومن زقاق إلى زقاق، إلى أن استقرتا به عند سور، يقف شاهدا عتيقا على أحداث عصره. قرب السور، ترتفع نافذة ضيقة في جدار بيت قديم. أمامها، انتصبت قامةٌ هيفاء، يتوِّجُها وجه بدر. رعد قصف أحشاءه، فتهالك على أقرب رصيف. في اليوم الثاني: قصد إليها الدرب عمدا. كانت بانتظاره أمام النافذة، بقدها الأهيف ووجهها البدري. عاين الطريق، ونوافذ البيوت المجاورة. ببطء تقدم نحوها، وببطء اختفت وراء فيء ستارة النافذة. في اليوم الثالث: عرّشت الرغبة في دمه. عاود العودة إليها. وجدها تنتظره سافرة مضيئة، لا فيء يحجبها ولا ستارة. في اليوم الرابع: قابلته بعيدا عن حمى الأهل وعيون الجيران. كانت الأماني تزغرد في قلبها، تعدها بالتخلص، من حكم أبيها وسطوة أخيها. مع رجل سيحرر أنوثتها من قيد أسري يغللها. في اليوم الخامس: جلس الوجه البدري ورجل الأحلام، في مقهى خافت الأنوار. يشربان الشاي، ويتبادلان أنخاب الحب والوعود. في اليوم السادس: انجرّ الوجه البدر وراء رجل الأحلام، متعللاً بالحب والانعتاق. في اليوم السابع: تزيّنت النعجة للقاء بكل ما فيها: قامتها، شعرها، ووجهها البدر. طال انتظارها، ولم يأت رجل الأحلام. في اليوم الثامن: ذهبت إلى المقهى الخافت الأنوار. جلست في ذات المقعد، وشربت ذات الشراب. استعادت صوته ووعوده، وطوفان حبه، ولم يأت. في اليوم التاسع: عبثا بحثت عنه في مفارق الطرقات، وحنوات الأزقة. عبثا فتشت عنه في طيات ثوبها، في مسامات جسدها الملوثة بلمساته وأريج أنفاسه. في اليوم العاشر: وما تلته من أيام، أمضتها النعجة في البحث عنه، وفي مراقبة بطنها كيف تتكور وكيف تنداح. ثقتها بعودته لم تتوقف، إلاّ عندما رقّش دمها أرض الدار وجدرانها. قُتلتْ النعجة ذات الوجه البدر، وتناثرت أشلاؤها. ذبحها أخوها، ثم سار إلى السجن مزهوا برجولته، فخورا بوسام الثأر من أجل الشرف.
في اليوم الأول من وصوله إلى المدينة التي حلم زمنا بزيارتها، نقلته قدماه من شارع إلى شارع، ومن زقاق إلى زقاق، إلى أن استقرتا به عند سور، يقف شاهدا عتيقا على أحداث عصره.
قرب السور، ترتفع نافذة ضيقة في جدار بيت قديم. أمامها، انتصبت قامةٌ هيفاء، يتوِّجُها وجه بدر. رعد قصف أحشاءه، فتهالك على أقرب رصيف.
في اليوم الثاني: قصد إليها الدرب عمدا. كانت بانتظاره أمام النافذة، بقدها الأهيف ووجهها البدري. عاين الطريق، ونوافذ البيوت المجاورة. ببطء تقدم نحوها، وببطء اختفت وراء فيء ستارة النافذة.
في اليوم الثالث: عرّشت الرغبة في دمه. عاود العودة إليها. وجدها تنتظره سافرة مضيئة، لا فيء يحجبها ولا ستارة.
في اليوم الرابع: قابلته بعيدا عن حمى الأهل وعيون الجيران. كانت الأماني تزغرد في قلبها، تعدها بالتخلص، من حكم أبيها وسطوة أخيها. مع رجل سيحرر أنوثتها من قيد أسري يغللها.
في اليوم الخامس: جلس الوجه البدري ورجل الأحلام، في مقهى خافت الأنوار. يشربان الشاي، ويتبادلان أنخاب الحب والوعود.
في اليوم السادس: انجرّ الوجه البدر وراء رجل الأحلام، متعللاً بالحب والانعتاق.
في اليوم السابع: تزيّنت النعجة للقاء بكل ما فيها: قامتها، شعرها، ووجهها البدر. طال انتظارها، ولم يأت رجل الأحلام.
في اليوم الثامن: ذهبت إلى المقهى الخافت الأنوار. جلست في ذات المقعد، وشربت ذات الشراب. استعادت صوته ووعوده، وطوفان حبه، ولم يأت.
في اليوم التاسع: عبثا بحثت عنه في مفارق الطرقات، وحنوات الأزقة. عبثا فتشت عنه في طيات ثوبها، في مسامات جسدها الملوثة بلمساته وأريج أنفاسه.
في اليوم العاشر: وما تلته من أيام، أمضتها النعجة في البحث عنه، وفي مراقبة بطنها كيف تتكور وكيف تنداح.
ثقتها بعودته لم تتوقف، إلاّ عندما رقّش دمها أرض الدار وجدرانها. قُتلتْ النعجة ذات الوجه البدر، وتناثرت أشلاؤها. ذبحها أخوها، ثم سار إلى السجن مزهوا برجولته، فخورا بوسام الثأر من أجل الشرف.