قد تعكس نضارة البشرة ـ وخصوصًا بشرة الوجه ـ بريقًا يشير إلى وصول كمية من الدم مناسبة لها، كما توفر هذه الكمية جميع العناصر التي تعطي الجلد نعومته وبريقه. الدم إذاً هو العامل الأساسي الذي يحافظ على صحة البشرة والشعر وجمالهما، حيث إنه الوسيط والناقل الذي يحمل للجسم العناصر الغذائية الأساسية فضلاً عن الأكسجين والمعادن وغيرها من المواد التي تدخل في تركيب الخلايا وعملها. وحسب ما يوضح د. نصير نهاد شاكر استشاري التغذية العلاجية في مستشفى التأمينات بالرياض فإن انخفاض نسبة الحديد في الجسم أو فقد الدم، سواء كان نتيجة القيام بنظام حمية قاس، أو في فترة ما بعد الولادة، أو بسبب طمث شديد عند بعض النساء، أو لوجود اضطراب في الجهاز الهضمي، كل ذلك يؤدي إلى عدم امتصاص الحديد أو قلته، وهو ما يؤدي بالتالي إلى ضعف أو تباطؤ في نمو الشعر وسهولة تساقطه مع ضعف في سماكته. لذلك فإن تناول وجبات كاملة وغنية بالحديد (الموجود في اللحوم الحمراء والكبدة والكلاوي، وكذلك في كثير من الخضراوات الورقية الخضراء) يساعد على تصحيح هذه الظاهرة. النباتيون وتساقط الشعر! ومن الملاحظ أن سقوط الشعر وتكسر الأظفار يظهر بشكل واضح عند النباتيين الذين يتناولون أغذية خالية من البروتين تمامًا، أو أولئك الذين يتناولون كميات ضئيلة من الطعام فإنهم قد يصابون بسوء التغذية، حيث يحاول الجسم الإبقاء على البروتين الموجود عن طريق تحويل الشعر النامي إلى مرحلة السكون كما يعانون تساقط الشعر بعد حوالي ثلاثة أشهر تقريبًا من بداية سوء التغذية. لذا فإن المواد البروتينية في الغذاء، وبخاصة البروتين الحيواني، مثل اللحم، السمك، الدجاج، البيض، الألبان ـ كما يؤكد د. شاكر ـ تعد من الأغذية المعوضة، وقد تمنع تساقط الشعر إذا كان السبب هو نقص في الغذاء وليس لسبب مرضي آخر. لقد دأب العلماء في بحوثهم من أجل الوصول إلى مجموعة من مكونات الغذاء مثل الفيتامينات والأملاح التي إن قلّت قد تؤدي إلى سقوط الشعر، ولكنهم لم يتفقوا إلى الآن على عدد ثابت أو أنواع ثابتة وإن كان من أهمها. فيتامين أ (A) الذي يحتاج إليه الجسم لبناء الأنسجة وحفظها وبخاصة العين والجلد والأغشية المخاطية والعظام وأجهزة المناعة. ويترتب على نقص فيتامين (A) ضعف في الرؤية الليلية وجفاف بالعين قد يؤدي إلى فقدان للبصر مع جفاف الأغشية المخاطية والجلد. ويوجد في صفار البيض والكبد والحليب الدسم والزبدة، كما يوجد في كثير من الفواكه ذات اللون الداكن والأصفر مثل المانجو والبابايا، وكذلك في الخضراوات مثل الخيار والفلفل الأخضر والأصفر والأحمر وطبعًا في الجزر على شكل كاروتين الذي يتحول في الجسم إلى فيتامين (A). أما فيتامين ب2(B2)، أو ما يسمى بالريبوفلافين فإنه يساعد على إطلاق الطاقة من مصادر الطعام الباقية (مثل البروتينات، والدهون والنشويات) ويحافظ على سلامة الأغشية المبطنة والجلد، وتكوين الكريات الحمراء، وينشط العصب البصري. يوجد بكثرة في الحليب والخضراوات والكبد والسمك واللحوم والبيض. أما نقصه فقد يؤدي إلى تشققات في زوايا الفم، والتهاب اللسان واللثة وفقدان الشهية وخشونة الجلد. ويساعد فيتامين B3 في إطلاق الطاقة من مصادر الطعام، كما يساعد في عملية تحلل الجليكوجين لتكوين الأحماض الدهنية، حيث يحافظ على سلامة الجهاز العصبي وصحة الجلد والهضم. أما نقصه فقد يؤدي إلى اضطراب في الجهاز الهضمي (إسهال) مع التهابات جلدية وخلل في الأعصاب، يوجد في اللحوم والطيور والأسماك والكبد وبكميات جيدة في الفول السوداني. وفيما يتعلق بفيتامين B6 فيوضح د. شاكر أنه يعمل على تحلل الأحماض الأمينية وإطلاق الطاقة منها وإنتاج الأجسام المضادة التي تقوي مناعة الجسم، ويعتبر ضروريًا لصحة الأوعية الدموية وسلامة البشرة والجهاز العصبي، وقد يؤدي نقصه إلى تساقط الشعر بالإضافة إلى الأعراض الأخرى مثل القلق الشديد والتشنجات العضلية والاكتئاب وفقدان الوزن وفقر الدم. يوجد في الحليب واللحوم والكبد والحبوب والموز والكرنب وغيره من الخضراوات بدرجات متفاوتة وفي خميرة البيرة. هناك أيضًا مجموعة فيتامينات (B) والتي تعد أساسية لصحة الجلد والشعر والفم والعيون وتساعد على استمرار إفراز الحليب لدى المرضع وتساعد في تخفيف عسر الطمث ومهمة جدًا لعمل الجهاز العصبي، حيث إن نقصها قد يسبب التعب والكآبة، أو حدة الطبع وكثرة البثور في البشرة مع امتصاص الشعر وسقوطه وكذلك ضعف الشهية. يوجد بكميات كبيرة في الكبدة، وخميرة البيرة، والحبوب الكاملة. من ذلك أيضًا فيتامين ج (H) الذي يساعد على نمو الشعر ويعد ضروريًا لتصنيع هرمون الإنسولين والأجسام المضادة ويساعد في التمثيل لإطلاق الطاقة من مكونات الغذاء الأساسية. من حسن الحظ أن نقصه نادر جد إلا في حالات التغذية على بياض البيض النيئ الذي يحتوي على مادة (Avidin) التي تتحد مع (Biotin) وتكون مركبًا معقدًا يعوق امتصاصه، ولا يحدث هذا في حالة طهو البيض لتحول «الأفدين» إلى مركب ثابت. ويعتقد د. شاكر أن نقص حامض البانتوتينك قد يؤدي إلى سقوط الشعر لأنه يساعد على إطلاق الطاقة وتصنيع الكوليسترول والهرمونات والأجسام المضادة. وقد يؤدي نقصه إلى بطء في تكوين الأجسام المضادة وقلة مناعة الجسم مع تهيج وحرقة في الأقدام وإرهاق شديد وآلام في البطن، غير أن نقص هذا الفيتامين نادر جدًا، وذلك لوجوده في الأغذية المختلفة مثل الكبد والحليب والبيض والبقوليات. أما بالنسبة للأملاح فإنها توفرالحديد الذي يقي من فقر الدم ويساعد على تغذية الشعر وعدم تساقطه، وكذلك ملح الزنك (الخارصين)، فإن له دورًا مهمًا في نمو الشعر ونضارة الجلد، وهو مهم أيضًا لنمو الجسم بصورة عامة ويساعد على تكاثر الخلايا والتئام الجروح، تحرير الطاقة ويوجد بكثرة في اللحوم والبيض والمكسرات والبقوليات واللبن. نقصه قد يؤدي إلى سقوط الشعر وشحوب البشرة وتقرحات جلدية مع تأخر في التئام الجروح وقلة في النمو الجسمي والجنسي. ويوضح الدكتور شاكر أن كل ما ذكر سابقًا من تأثيرات على الشعر من الممكن أن تترك الأثر نفسه على الجلد وعلى نضارته وصحته، لذا قد تشاهد جفاف الجلد وخشونته في نقص فيتامين A، وتشاهد ظهور البثور أيضًا في حالة نقص فيتامين A، أو عوز اليود وفيتامين B1، وكذلك وجود البقع والبثور السمراء على الجلد في حالة نقص مجموعة فيتامينات B. أما بالنسبة لظهور حب الشباب فلم يثبت بالدليل القاطع أن المواد الغذائية لها دور رئيس فيه، حيث إن ظهورها تحكمه أشياء كثيرة مثل الوراثة، والعمر، والجنس، والوزن والنظافة...إلخ، ولو أن هناك بعض الأطعمة مثل المكسرات والشوكولاته والكولا والقهوة والشاي قد تزيد من ظهور حب الشباب في حالة تناولها بإفراط. وقد ثبت أن استعمال مركبات فيتامين أ A الموضعية تساعد على تخفيف حبوب الشباب وذلك بإزالة المواد الكيراتنية التي تقفل فوهة الغدد الدهنية.