كلمة لابدّ منها

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : محمد رشيد الرويلي | المصدر : www.awu-dam.org

 

في غمرة ارتحال الضوء، والمواعيد مثقلة بأريج الترقب، قالوا:‏

لِمَ لا تسكب الفرح المعتق في سهاد الجفون التعبى؟‏

لِمَ لا تحقن في الشرايين دماً جديداً يلوّن الأصوات كما تتلون الملامح؟‏

لِمَ تبارك زفراتنا الحرّى، ولا تغسل وجوهنا الظمأى بنبيذ عشقك البدوي؟‏

لِمَ نراك متشحاً بأردية من الكلمات الدامعة ناثراً الأحزان في دروب التأوه؟‏

لِمَ تزرعنا على تخوم الأمل عباءة سوداء، وترسم الخزامى في وجع الصحارى طبيعة صامتة؟ قلت وما زال يعشش في دمي الوجل، ويحني هامتي الخجل:‏

هلاْ قرأتم القهر في دمع الفرات ووجوه السراة ؟!‏

أما رأيتم العجاج يفنّد آمالنا، والدخان وقد سرق إهاب الأرض وأقدام الجسر، وأبعد عن جذوة الشمس العيون ؟!‏

فكيف السبيل إلى المباهج والرؤى تغدو سراباً والضوء يستباح ؟!‏

كيف السبيل ومازلنا نمضغ في دامس الظلام لغة أفعالها بكاء وأسماؤها نعي وحروف عطفها نداء ؟!‏

كيف انتعل الريح وفي شعاب الأنين احتجاج ؟!‏

قالوا: وتبقى للصبح سويعات حُبلى بالفرح المنسي وللنهر مواويل جذلى..‏

قلت: عند الولادة سترونني ومضة عشق على شفة البرق تشدو.. غيمة عطر تحملني نحو التلال .. مقلة ولهى تغزلني حقول غلال..‏

وقتذاك لن يستوطن اللهاث في أنفاسنا، ولن تسرج خيولنا نحو التيه..‏

قالوا: بم توصي إن غمرتك سحائب السراب، أو أظلتك غمامة من تراب؟‏

قلت: وصيتي أن يحمل اللواء أحد اللاهثين في حدائق العويل، فإنه لن يضلّ الطريق إلى سدة الحلم لينثر في مفازة الشك بعضاً من يقين.