1 ـ الصوم من العبادات التى لم ينفرد بها الإسلام . فقد أخبر القرآن الكريم أن الصوم كان مفروضًا أيضًا على الأمم السابقة : ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ) (1) . ولا تزال هناك ديانات أخرى حتى يومنا هذا تَعرِف شعيرة الصوم . ولكن هناك فرقًا واضحًا بين الصوم فى الإسلام والصوم فى غيره من الديانات . ويتمثل هذا الفرق فى أن الصوم فى الإسلام يأتى فى شهر معين من العام طبقًا للتقويم الهجرى ، ويبدأ صيام كل يوم بالامتناع التام عن الطعام والشراب وعن كل الشهوات من طلوع الفجر حتى غروب الشمس . وهذا يعنى أن المسلم يقضى نهار يومه كله ـ وهو وقت العمل المعتاد ـ وهو صائم على النحو المشار إليه . ولعل هذا هو السبب الذى من أجله يتوهم البعض أن الصوم الإسلامى بهذه الطريقة يقلل حركة الإنتاج لدى الفرد والمجتمع . 2 ـ والصوم فى حقيقة الأمر برىء من هذه التهمة . فالصوم يفترض فيه أنه يعمل على تصفية النفوس والتسامى بالأرواح . وهذا من شأنه أن يمد الفرد بطاقة روحية تجعله أقدر على الإنتاج والعمل أكثر مما لو لم يكن صائمًا . وهذه الطاقة الروحية قوة لا يستهان بها . وقد حارب المسلمون فى غزوة بدر أيام الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهم صائمون وانتصروا ، وحارب الجنود المصريون عام 1973م وهم صائمون حيث كان ذلك فى شهر رمضان وانتصروا . ولم يقلل الصوم من نشاطهم ، بل كان العكس هو الصحيح تمامًا . 3 ـ ما نراه فى بعض البلاد الإسلامية من قلة الإنتاج فى شهر الصوم يرجع إلى أسباب أخرى غير الصوم . فمن عادة الكثيرين أن يظلوا متيقظين فى شهر الصوم معظم الليل . ولا يأخذون قسطًا كافيًا من النوم ، فنجدهم ـ نظرًا لذلك ـ متعبين أثناء النها ر . ومن هنا يقل إنتاجهم ، ويقبلون على أعمالهم ببطء وفى تثاقل . ويعتذرون عن ذلك بأنهم صائمون . وقد يكون اعتذارهم هذا فى أول النهار . فلو كان للصوم أى تأثير على النشاط ـ كما يزعمون ـ فإن ذلك لا يكون فى أول النهار ، بل يكون فى فترة متأخرة منه . 4 ـ لقد ثبت أن للصوم فوائد كثيرة صحية وروحية واجتماعية وتربوية . فالمفروض أنه فرصة سنوية للمراجعة والتأمل والتقييم والنقد الذاتى على المستويين الفردى والاجتماعى بهدف القضاء على السلبيات والتخلص من الكثير من الأمراض الاجتماعية ، وهذا من شأنه أن يدفع حركة المجتمع بخطى أسرع ، وبإخلاص أكثر ، وبوعى أفضل .
الهوامش: ------------------------ (1) البقرة: 183.