هذا السؤال يكشف عن عدم إدراك السائل للغة العربية مما جعله لم يدرك الاستعمال العربي لهذه الكلمة وأنها تحتمل وجهين من التفسير، ومن ثَمَّ جاء خلاف بين المفسرين في المراد بطوى، هل هي اسم للوادي أم وصف له؟ والظاهر أنه ليس المراد بطوى اسم واد كما ذكر غير واحد من المفسرين، بل المراد بها اسم مصدر مثل هُدى، فهو وصف بالمصدر بمعنى اسم المفعول، أي : طواه موسى بالسير في تلك الليلة، كأنه قيل له : إنك بالواد المقدس الذي طويته سيرًا، فيكون المعنى تعيين أنه هو ذلك الوادي. وأحسن منه على هذا الوجه أن يقال: هو أمر لموسى بأن يطوى الوادي ويصعد إلى أعلاه لتلقي الوحي. وقد قيل : إنِّ موسى صعد أعلى الوادي، وقيل : هو بمعنى المقدس تقديسين؛ لأن الطي هو جعل الثوب على شقيَّن ويَجِيء على هذا الوجه أن تجعل التثنية كناية عن التكرير والتضعيف مثل: {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} [الملك 4] فالمعنى المقدَّس تقديسًا شديدًا، أي : المقدَّس تقديسًا مضاعفًا"(1). قال الإمام الرازي: "في طوى وجوه – أي : من حيث المعنى- معناه مرتين ، نحو مثنى، أي : قدِّس الوادي مرتين ، أو نودي موسى عليه السلام نداءين ، يقال : ناديته طوى، أي : مثنى ، والثالث: طوى ، أي : طيًّا"(2).
الهوامش: ----------------------- (1) التحرير والتنوير 8/ 197، 198 بتصرف. (2) مفاتيح الغيب 22/ 19 0 ط: دار الفكر ، وانظر روح المعاني للآلوسي 9/ 248، 249 0 ط: دار الفكر.